بيروت: بولا أسطيح لم تكن والدة العسكري اللبناني المختطف لدى تنظيم داعش، عبد الرحيم دياب، تعي أن حرقة فراقها عن ابنها للشهر السابع على التوالي ستكون أقل وجعا من لقائها به، واطلاعها على وضعه النفسي والجسدي الذي اكتفت العائلة بوصفه بـ«المأساوي». الأم التي حصلت على إذن من التنظيم لزيارة ولدها برفقة ابنتها، عادت من جرد بلدة عرسال، بشمال شرقي لبنان، حيث التقته، مباشرة إلى المستشفى نتيجة إصابتها بانهيار عصبي حاد. وفي حين فضلت عائلة دياب التكتم على تفاصيل الزيارة، التزاما منها بالسرية المعتمدة بالتعاطي مع الملف ككل منذ فترة، ناشدت الوالدة المفجوعة في بيان مقتضب رئيس الحكومة تمام سلام ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ووزير الصحة وائل أبو فاعور، اﻹسراع بالمفاوضات لتحرير كل العسكريين، قائلة: «ابني أمانة في أعناقكم». حسن يوسف، والد الجندي المختطف محمد يوسف، تحدث إلى «الشرق الأوسط» راويا تفاصيل لقاء عائلة دياب بابنها، فأشار إلى أنه لم يُسمح للأم وابنتها بالمكوث في المنطقة الجردية حيث اختطف العسكريون إلا لنحو 20 دقيقة، ولقد أصر مسلحو التنظيم على حضور اثنين من عناصره اللقاء بين العائلة والجندي المختطف كاملا. وتابع يوسف: «والدة عبد الرحيم تحدثت عن أوضاع مأساوية يرزح تحتها ولدها، موضحة أنه أبلغها أنه وزملاءه دخلوا مراحل متقدمة من مراحل اليأس وينتظرون الموت في كل دقيقة». كذلك أشار يوسف إلى أن التنظيم لم يسمح لها بلقاء باقي العسكريين الـ8 الذين يختطفهم، وذكر أنها دخلت مباشرة بعد عودتها من اللقاء في حالة نفسية صعبة جدا، وتعرضت لانهيار عصبي دخلت على أثره إلى المستشفى. وأردف يوسف: «لو لم نكن متأكدين أن الدولة وأجهزتها تتعاطى بإيجابية مع ملف أولادنا ما كنا لنبقى مكتوفي الأيدي، إلا أننا لمسنا أن الأمور جدية ونحاول أن نحافظ على سرية المفاوضات حرصا على إنجاحها». ومن ناحية ثانية، قال يوسف إن نائب رئيس بلدية عرسال، أحمد الفليطي، والشيخ مصطفى الحجيري، ما زالا يتوليان المفاوضات بإشراف مباشر من اللواء إبراهيم، معربا عن أمله في أن يكون هناك خلال فترة قصيرة نتائج إيجابية وملموسة تؤكد تقدم المفاوضات. وكان الفليطي قد تسلم الوساطة بتوكيل من الزعيم الاشتراكي النائب وليد جنبلاط والوزير أبو فاعور، وهو حمل قبل نحو شهرين مطالب التنظيم المتشدد لخلية الأزمة من دون الكشف عنها. ويتواصل الفليطي حاليا مع تنظيم داعش الذي يختطف منذ أغسطس (آب) الماضي 11 عسكريا أعدم اثنين منهم، في حين يتولى الشيخ الحجيري الوساطة مع «جبهة النصرة» التي كانت تختطف 18 عسكريا قتلت اثنين منهم. هذا، وكان «داعش» قد حمل الشيخ وسام المصري، إمام وخطيب مسجد «أبو الأنوار» في مدينة طرابلس عاصمة شمال لبنان، في نهاية العام الماضي 3 شروط رئيسية لتحرير العسكريين؛ أولها: تأمين اللاجئين السوريين من اعتداءات «حزب الله»، من خلال إقامة منطقة منزوعة السلاح. وثانيها: إنشاء مستشفى متطور من أجل علاج المصابين والمرضى، بالإضافة إلى مستودع من الأدوية. وثالثها: إطلاق سراح جميع النساء المسلمات المعتقلات في لبنان لأسباب تتعلق بالملف السوري، وبالتحديد سجى الدليمي، طليقة زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، وعلا العقيلي، زوجة أبو علي الشيشاني أحد قادة «جبهة النصرة». وكانت «النصرة» قد سلمت بدورها قبل نحو 3 أشهر الوسيط القطري السابق أحمد الخطيب، 3 مقترحات بشأن تبادل العسكريين المخطوفين لديها. ويقضي الاقتراح الأول بمبادلة كل مخطوف بـ10 سجناء من سجون لبنان، والاقتراح الثاني يشترط الإفراج عن 7 سجناء من السجون اللبنانية و30 سجينة من السجون السورية مقابل كل مخطوف، أما الاقتراح الثالث فيقول بإطلاق 5 سجناء من السجون اللبنانية و50 سجينة من السجون السورية مقابل كل عسكري مخطوف. وللعلم، أعلنت قطر مطلع الشهر الحالي سحب وسيطها بعدما أقدمت «النصرة» على إعدام الجندي علي البزال.
مشاركة :