متحف يحيي أجواء الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن

  • 1/31/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن – مع صور لينين على الجدران وموسيقى عسكرية سوفياتية في الخلفية ومكاتب شبيهة بتلك العائدة لعناصر جهاز "كاي جي بي"… يعيد متحف جديد في نيويورك مخصص لأجهزة الاستخبارات السوفياتية إحياء أجواء الحرب الباردة في قلب مانهاتن. ويركز هذا المتحف الذي صممه المؤرخ الليتواني يوليوس أوربايتيس بدرجة كبيرة على التقنيات التي استخدمتها أجهزة الاستخبارات السوفياتية. ويضم البهو العريض للمعرض في الجادة الرابعة عشرة في نيويورك، 3500 قطعة أصلية يقول أوربايتيس البالغ 55 عاما إنه جمعها خلال ثلاثة عقود "من عمليات بحث في العالم أجمع". باتت أجهزة الكمبيوتر وهواتف آي فون أفضل الجواسيس في عالمنا اليوم إذ نحن نزودها بالمعلومات بأنفسنا، الأمر أسهل على عناصر الاستخبارات". ومن بين هذه المعروضات عشرات الكاميرات وآلات التصوير المصممة من جهاز "كاي جي بي" لإخفائها في أزرار أو أحزمة أو أكسسوارات ملبوسة أخرى، فضلا عن ميكروفونات مصغرة وقطع لإخفاء الوثائق تخبأ في كعوب الأحذية. ويمكن للزوار تاليا معاينة "المظلة البلغارية" التي استخدمت في اغتيال الروائي والصحافي البلغاري المنشق غريغوري ماركوف عن طريق مظلة مسممة بمادة الريسين على طرفها، في إحدى أشهر حوادث الحرب الباردة. كما يمكن أيضا رؤية الختم الأميركي الكبير (شعار الولايات المتحدة) الذي قدّمه تلامذة سنة 1945 للسفير الأميركي أفيريل هاريمان وكان يحوي بداخله ميكروفونا صغيرا للغاية يعمل بالطاقة الكهرمغناطيسية، وهي كانت تقنية متطورة للغاية حينها. وقد سمح هذا الختم بعد نقله إلى السفارة الأميركية في موسكو، للسوفيات بالتنصت خلال سنوات على المحادثات في داخل السفارة. كذلك يتيح المعرض للزوار الغوص في العالم السوفياتي الغابر بفضل لمسات خاصة على الديكور الزاخر بالأثاث والبزات والكتب والقطع المختلفة المستخدمة من العملاء الاستخباريين، من كتاب عناصر "تشيكا" (سلف الـ"كاي جي بي") مرورا بسجائر أصلية وكؤوس شاي وصولا إلى أجهزة هاتف وآلات كاتبة. ويقدم المعرض أيضا زيارات مع مرشدين (الدخول يكلف 25 دولارا للشخص البالغ والزيارات المبرمجة مع مرشدين تكلف 43,9 دولارا)، بتنشيط من روس مثل سيرغي كولوسوف التحري السابق في شرطة سان بطرسبورغ الذي استخدم بعضا من هذه القطع. هذا المتحف ملكية خاصة وقد نظم أوربايتيس مع ابنته اغنه اورباتيته (29 عاما) كل التفاصيل لكنهما يؤكدان أن دورهما يقتصر على كونهما حافظين للمكان. وهما يقولان إن الجهة المالكة هي شركة أميركية لا تريد كشف هويتها لكنها تضم هواة جمع، من دون تقديم تفاصيل إضافية. وقد سمع هواة الجمع هؤلاء بالبحوث التي يجريها أوربايتيس وخصوصا في المخبأ النووي الذي حوّله مع ابنته إلى متحف لجهاز "كاي جي بي" سنة 2014 في مدينتهما الليتوانية كاوناس. ويقول المؤرخ "الأميركيون أتوا مرات عدة إلى ليتوانيا وطلبوا مني إقامة متحف في الولايات المتحدة"، مضيفا "هم لم يريدوا التعامل (…) مع أحد لم يعرف النظام السوفياتي." ولم تنل ليتوانيا التي ضمها الاتحاد السوفياتي إلى أراضيه خلال الحرب العالمية الثانية مع البلدين الآخرين في البلطيق (لاتفيا وإستونيا)، استقلالها إلا بعد سقوط هذا الاتحاد سنة 1991 حين كان أوربايتيس في سن السابعة والعشرين. وعلى غرار "جميع الذين أرادوا تحقيق تغيير ما" في الاتحاد السوفياتي، التحق المؤرخ بمنظمات شيوعية للشبيبة بينها اتحاد منظمات الشباب السوفياتي. أما اليوم فهو يصف نفسه بأنه "غير مسيّس" وطموحه الوحيد يتمثل في "جعل هذا المتحف الأفضل في العالم عن تقنيات جهاز كاي جي بي". PreviousNext ولا يسعى أوربايتيس إلى توثيق تقنيات التجسس الحالية المتصلة بأغراض موصولة مستخدمة في الحياة اليومية. وهو يقول "باتت أجهزة الكمبيوتر وهواتف آي فون أفضل الجواسيس في عالمنا اليوم إذ نحن نزودها بالمعلومات بأنفسنا، الأمر أسهل على عناصر الاستخبارات". ويقام هذا المتحف في إطار له دلالاته الرمزية الكبيرة، على وقع الاتهامات بالتجسس الروسي والشبهات بتواطؤ موسكو مع فريق حملة دونالد ترامب وعملية التسميم المنسوبة لموسكو التي طاولت العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا. كما أن جهاز "كاي جي بي" هو محور المسلسل الناجح “ذي أميريكنز” المستوحى من حياة الجواسيس السوفيات الذين عاشوا لسنوات طويلة في الولايات المتحدة وانخرطوا تماما في المجتمع الأميركي. واستقطب المتحف مئات الزوار بعد فترة وجيزة من افتتاحه. وتقول أغنه مبتسمة "نحن منشغلون جدا منذ الافتتاح"ويبدو جيم ليتل مسرورا بما رآه خلال زيارته مع زوجته للمعرض. وهو يقول "هذا يظهر كيف حاول بلدانا باستمرار سرقة أسرار خاصة بالبلد الآخر"، مضيفا "نحن نشهد حربا من نوع آخر راهنا تدور بجزء كبير منها على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي".

مشاركة :