بكين - الدوحة - قنا: وصل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى العاصمة بكين مساء أمس، في زيارة دولة لجمهورية الصين الشعبية، تستغرق يومين. وكان في استقبال سموه لدى وصوله مطار بكين الدولي، سعادة السيد تشن شياو دونغ مساعد وزير الخارجية الصيني لشؤون الشرق الأوسط، وسعادة السيد سلطان بن سالمين المنصوري سفير دولة قطر لدى الصين، وسعادة السيد لي تشن السفير الصيني لدى دولة قطر، والسادة أعضاء السفارة القطرية ببكين. يرافق سمو الأمير وفد رسمي. وبعد زيارتين ناجحتين لجمهورية كوريا الجنوبية واليابان، يبدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى زيارة رسمية إلى جمهورية الصين الشعبية، في المحطة الثالثة من جولة سموه الآسيوية، في زيارة دولة لها، تؤكد المستوى الرفيع الذي ارتقت إليه العلاقات بين البلدين والثقة المتبادلة بين قيادتيهما، والأهداف التي يطمح الجانبان لإنجازها بما يخدم مصالحهما وأهدافهما المشتركة في المجالات كافة. وتكتسب هذه الجولة أهمية خاصة من حيث توقيتها وأهدافها، إذ تعتبر الثانية التي يقوم بها صاحب السمو أمير البلاد المفدى في القارة الآسيوية بعد الحصار الجائر المفروض على دولة قطر منذ يونيو 2017، حيث سبقتها جولة شملت كلاً من ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا في أكتوبر من العام 2017.. وتؤكد الجولة الثانية أن قطر نجحت بكل المقاييس في هزيمة الحصار وأهدافه، واستطاعت تعزيز وتوسيع علاقاتها وشراكاتها الاستراتيجية مع مختلف دول العالم وفي مقدمتها الدول الكبرى والمؤثرة وصانعة القرار الدولي سياسياً واقتصادياً، وستفتح هذه الجولة آفاقاً وأسواقاً جديدة أمام الاقتصاد والمنتجات والاستثمارات القطرية، بما يُعزّز المكانة الاقتصادية للدولة ويخدم أهدافها وتطلعاتها وبرامج وخطط رؤيتها الوطنية 2030. ومن المنتظر أن يبحث سمو الأمير المفدى والوفد المرافق خلال هذه الزيارة مع فخامة الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين وكبار المسؤولين الصينيين، تعزيز العلاقات المتميزة والشراكة الاستراتيجية بين البلدين في المجالات المختلفة، بما يخدم مصالح الدولتين وشعبيهما الصديقين، بالإضافة إلى تبادل الآراء ووجهات النظر حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وترتبط دولة قطر بعلاقات متميزة مع جمهورية الصين منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في التاسع من يوليو عام 1988، والتي مهّدت الطريق لبدء عهد جديد للعلاقات بين البلدين والشعبين يسودها الاحترام المتبادل والتفاهم والتعاون الصادق. وقد مرّت العلاقات بين البلدين بثلاث مراحل رئيسية، أولها في الفترة التي بدأت مع إقامة العلاقات الدبلوماسية وحتى عام 1999، وقد عمل البلدان خلال هذه المرحلة على استكشاف إمكانيات وفرص التعاون في مختلف المجالات، وخصوصاً في قطاعات الطاقة والبتروكيماويات، أما المرحلة الثانية فقد بدأت مع زيارة حضرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى جمهورية الصين عام 1999 والتي دشّن بها رؤيته الآسيوية وتجاه الصين بشكل خاص، ووضعت الأسس التي قامت عليها العلاقات الثنائية حيث وُقعت خلال تلك الزيارة اتفاقيات شملت مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي، وفتحت الطريق أمام تعاون واسع بين البلدين في المجالات كافة. أما المرحلة الثالثة والأهم في تاريخ العلاقات بين الدوحة وبكين فقد بدأت في نوفمبر 2014 مع زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى الصين. ونقلت تلك الزيارة العلاقات الثنائية إلى مرحلة جديدة، وجذبت اهتماماً محلياً وإقليمياً ودولياً، وقد تم خلالها توقيع بيان مشترك لتأسيس علاقات شراكة استراتيجية بين البلدين، والتوقيع على مذكرة تفاهم بشأن التشارك في بناء مبادرة الحزام والطريق وهو ما فتح المجال للتطور السريع والشامل للعلاقات الصينية القطرية ودخولها إلى مراحل جديدة. وفي المقابل تعدّدت زيارات كبار المسؤولين الصينيين للدوحة خلال السنوات الأخيرة، وكان من أبرزها زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى قطر عام 2008 عندما كان نائباً للرئيس. وتعزّزت العلاقات بين البلدين عبر العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بشأن التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري وتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، وتنمية الاستثمارات المشتركة، وفي مجالات الصحة والثقافة والتعليم بالإضافة إلى الشحن البري والبحري والجوي، وفي قطاع الطاقة، واستيراد النفط والغاز، والاستكشاف والمشاركة في الإنتاج، والتعاون الاستراتيجي والعسكري وفي المجال المصرفي والبنكي، وكذلك التعاون في مجال شؤون المرأة والأسرة، والقطاع الرياضي والإعلامي وشملت الاتفاقيات ومذكرات التفاهم اتفاقية توأمة بين مدينة الدوحة ومدينة بكين، واتفاقية تنظيم استخدام العمالة الصينية في دولة قطر، وفي مجال الغابات ومكافحة التصحر وحماية الحيوانات والنباتات البرية، وكان تنظيم السنة الثقافية قطر - الصين في عام 2016 أهم نشاط ثقافي في تاريخ البلدين، وكان من أهم فعالياتها افتتاح معرض الكنوز الصينية في الدوحة ومعرض اللؤلؤ جواهر في البحار والأنهار في بكين. الحوار الاستراتيجي القطري الصيني لتوثيق العلاقات الثنائية بصورة أعمق، عُقدت في ديسمبر الماضي في بكين جولة الحوار الاستراتيجي الأولى بين حكومتي دولة قطر وجمهورية الصين الشعبية، وتركزت على العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والأمنية والثقافية والسياحية. وأكد الجانبان أهمية تقوية شراكتهما وتنسيق المواقف حول القضايا الإقليمية، وزيادة التعاون في المنظمات الدولية، وناقشا تبادل المعلومات حول الفرص الاستثمارية المتاحة، والعمل على توقيع الاتفاقيات الاستثمارية، لجذب رؤوس الأموال عبر الدخول في شراكات قطرية صينية متنوعة . الصين تدعم الوساطة الكويتية لحل الأزمة الخليجية حول موقف الصين تجاه الحصار الجائر المفروض على قطر، وقفت جمهورية الصين الشعبية موقفاً واضحاً ومُحايداً من الأزمة الخليجية، وأكدت أن سياستها تتمثل في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وضرورة حل الصراعات بالحوار وعبر الوسائل السلمية، وأعلنت منذ اللحظة الأولى للأزمة الخليجية دعمها للوساطة الكويتية وإطلاق حوار بين كافة الأطراف للجلوس على طاولة المفاوضات لترسيخ الأمن والاستقرار في الخليج. 10.4 مليار دولار حجم التبادل التجاري تعد الصين شريكاً تجارياً مهماً لدولة قطر، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 10.4 مليار دولار أمريكي عام 2017، وأصبحت دولة قطر أكبر مُصدّر للغاز الطبيعي المسال للصين، حيث تزوّدها بحوالي 40 بالمئة من حاجتها من الغاز الطبيعي المسال، ولتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وقّعت شركة /قطرغاز/ خلال سبتمبر الماضي اتفاقية بيع وشراء طويلة الأمد مع شركة /بتروتشاينا/ الدولية المحدودة، وذلك لتزويد الصين بحوالي 3.4 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً وحتى عام 2040، حيث ينتظر أن تصبح الصين واحدة من أكبر أسواق الغاز في العالم، وهناك 179 شركة صينية مسجّلة وعاملة بدولة قطر، منها: عشر شركات مملوكة بالكامل لرؤوس أموال صينية، تعمل بالسوق القطرية. قطر عاصمة التجارة والأعمال والاستثمار بالتزامن مع مرور 30 عاماً على تأسيس العلاقات بين قطر والصين، وفي إطار مُبادرة الحزام والطريق، استضافت الدوحة في نوفمبر الماضي النسخة السادسة من منتدى التنمية الاقتصادية العالمية تحت عنوان «النظر إلى قطر- لؤلؤة الشرق الأوسط برؤية عالمية»، وعكست هذه الاستضافة الدور المتصاعد الذي باتت تلعبه قطر كعاصمة للتجارة والأعمال والاستثمار، وافتتحت قطر في العام الماضي مركزاً لتسوية المعاملات بالعملة الصينية /اليوان/، وهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط. كما زادت الاستثمارات القطرية في قطاع المال والبنوك والعقارات وغيرها من المجالات في الصين، وتعتبر من الاستثمارات الفعّالة ذات الطبيعة التنموية، حيث إن دولة قطر متمثلة في جهاز قطر للاستثمار من المساهمين في بنك التنمية الزراعية الصيني بنسبة 13 بالمئة، ويعتبر البنك من أهم البنوك الصينية في الوقت الراهن، وهناك العديد من الاستثمارات لرجال أعمال قطريين في مناطق متفرّقة من الصين. الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم الصين بلد شاسع مترامي الأطراف تبلغ مساحته تسعة ملايين و226 ألفاً و410 كيلو مترات مربعة، ويزيد عدد سكانه عن مليار و370 مليون نسمة، وقد ساهمت في السنوات الأخيرة بأكثر من 30 بالمئة في نمو الاقتصاد العالمي، وارتفع حجم التجارة الخارجية للصين بمعدل سنوي متوسط 14.5 بالمئة خلال أربعين عاماً، حيث حققت صادرات وواردات الصين قفزات في عقود الإصلاح والانفتاح وذلك بعد دخول الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001. وتعدّ الصناعة الصينية متميزة كباقي صناعات الدول الكبرى، وتحتل مراكز متقدّمة في عدة صناعات كصناعة الصلب والحديد والألعاب الإلكترونية وأجهزة التلفاز والسيارات والهواتف الذكية، وهي تعد مصنع العالم وتشكّل الصناعة 45% من الناتج المحلي الإجمالي للصين، ونفذت الحكومة الصينية 10 خطط خمسية منذ عام 1952 حتى الآن.. وأحرزت هذه الخطط نجاحاً مُدهشاً وقفزت قوة الصين الاقتصادية إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وتنفذ الصين حالياً الخطة الخمسية الثالثة عشرة 2016- 2020. وسيتضاعف حسب هذه الخطة دخل الفرد الصيني في المدن والأرياف إلى الضعف بحلول عام 2020 ليبلغ متوسط الدخل 20000 دولار أمريكي سنوياً.
مشاركة :