الميليشيا الحوثية لا دين ولا إنسانية

  • 2/1/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الحرب -وإن كانت مريرة ومدمرة- إلا إنها ظاهرة اجتماعية إنسانية. أنَّى وُجد الإنسان سنجد الحرب والدمار، مدفوعة بنزعات وأهداف وبواعث بعضها شرعية وأكثرها شيطانية. فمنها ما هو عقائدي ومنا ما هو اقتصادي ومنها ما هو عرقي. ويختلف الجميع في كثير من تفاصيل ودوافع هذه الحروب، إلا أن الجميع يكاد يتفق على شيء واحد وهو الترفّع عن إيذاء من تجنّب الحرب واعتزلها، وهو ما نسميه اليوم بالمدنيين. ونقصد بالمدنيين الذين لا يشتركون في النزاعات المسلحة، سواء كانوا شيوخا أو نساء أو أطفالا، وهؤلاء محميون بأحكام الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني. فحمايتهم في الشريعة الإسلامية حماية ظاهرة وجليّة، مستمدة من مصادر الشريعة الإسلامية المتفق عليها، ولستُ بصدد ذكرها وتفصيلها حتى لا يطول المقال، ولكنني سأستعرض بعضا من هذه الأدلة. قال تعالى: «... وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (الأنعام 151). وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً، ولا صغيراً، ولا امرأة، ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأحسنوا إن الله يحب المحسنين). وقال صلى الله عليه وسلم، أيضا: «... ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان، ولا أصحاب الصوامع». ونختم بوصية أبي بكر -رضي الله عنه- لأحد قادة جيوشه: «وإني موصيك بعشر: لا تقتلنَّ أمرأة، ولا صبياً، ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعنَّ شجراً مثمراً، ولا تخربنَّ عامراً، ولا تعقرنَّ شاةً ولا بعيراً إلا لمأكلة، ولا تحرقنَّ نخلاً ولا تغرقنَّه، ولا تغلل، ولا تجبن». ثم جاء القانون الدولي الإنساني بأحكامه متخلفا عن الشريعة الإسلامية بما يقارب 14 قرنا، فظهرت اتفاقيات جنيف الـ4 المنعقدة في 12 أغسطس 1949، وكانت الاتفاقية الرابعة منها مخصصة لحماية المدنيين، وظهر البروتوكول الثاني الإضافي المتعلق بحماية ضحايا النزاعات غير الدولية المسلحة ونص في مادته (13) على حماية المدنيين، وفي مواده (14، 15، 16) على حماية الأعيان بجميع أنواعها، الغذائية والمائية والكهربائية وغيرها، وكذلك الأعيان الثقافية والدينية، والأعيان المتعلقة بالحضارة الإنسانية. وبعد أن استعرضنا قواعد وأحكام الحرب في الشريعة الإسلامية، وما يسمى حديثاً بالقانون الدولي الإنساني، نستعرض بإجمال بعضاً من أفعال الميليشيات الحوثية، لنكتشف وإياكم أن هذه الميليشيات المارقة لم تراع دينا ولا دنيا ولا قيما ولا مبادئ ولا أخلاقاً. فقتلت الشيوخ والنساء والأطفال والأبرياء العزل، وهدَّمت دور العبادة، وصروح العلم من مدارس ومعاهد وجامعات، ودور الرعاية الصحية، واستهدفت المنشآت المهمة، كمحطات الوقود والماء والكهرباء، بهدف تشريد الشعب اليمني وتجويعه وترهيبه وإذلاله. وعلى الرغم من أن هؤلاء الأشخاص وهذه المنشآت يُعد استهدافها عملاً محرماً، إلا أن هذه الميليشيات جعلتها أهدافاً مشروعة، ولم تلتزم بقواعد وأحكام حماية الأسرى والجرحى والغرقى والمدنيين، وهددت الملاحة الدولية، وهددت جيران اليمن، واستهدفت المدن، واستهدفت مكة المكرمة قبلة المسلمين وأطهر بقاع الأرض وأكرمها عند الله، واستهدفت اليمن عقيدةً وشريعةً وحرثاً ونسلاً، واستهدفت أيضاً عروبة اليمن الذي يُعد أصل العروبة، لتجعله بلداً فارسياً، وتحوله من بلد الدين والحكمة، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: «الدين يمان والحكمة يمانية»، إلى بلد مجوسيٍّ يكفر بالله وسنة نبيه، وجردته من حكمائه، فقتلت من قتلت منهم، والباقي وضعته في ظلمات السجون تحت التعذيب حتى فقد عقله. جرائم الحوثيين متعددة، يجرمها الدين والقانون الدولي، فهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم عدوان وجرائم إبادة جماعية، لأنها قائمة على منطلق عقائدي ومشروع فارسي يستهدف ما هو أبعد من اليمن! وتحت هذه الظروف الصعبة، هبّت بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية -كعادتها في نجدة الجار والمستغيث- بقيادة ملك الحزم سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لتنقذ اليمن عقيدةً وعروبةً وإنساناً وأرضاً وتراثاً وحضارة. وعلى الرغم من كل المعوقات والعراقيل التي تضعها أمامها بعض الدول والمنظمات، إلا أن المملكة -حكومة وشعبا- لم ولن تتخلى عن اليمن، وستقف معه في محنته، وانقلاب بني جلدته على عقيدته وعروبته وحضارته، حتى يعود كما كان اليمن السعيد.

مشاركة :