دبي: عبير أبو شمالة توقع صندوق النقد الدولي أن يصل إجمالي الناتج المحلي الاسمي للإمارات إلى قرابة تريليوني درهم بحلول عام 2023 (533 مليار دولار). كما رجح في تقرير المادة الرابعة السنوي حول اقتصاد الإمارات لعام 2018 والصادر أمس، أن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للدولة إلى 3.7% هذا العام مقابل 2.9% في العام الماضي، ورجح أن ينمو الناتج المحلي الحقيقي للإمارات بحوالي 3.6% في العام المقبل وأن يستقر النمو عند مستويات معتدلة ليصل إلى 2.8% بحلول عام 2023. ورجّح الصندوق أن يصل نمو الناتج المحلي النفطي للإمارات إلى 3.1% هذا العام مقابل 2.9% في 2018، وتوقع نموه بمعدلات جيدة ليصل إلى 2.2% في 2020 و1.8% في 2023. ويتوقع الصندوق استقرار أسعار النفط عند متوسط 72.3 دولار للبرميل في العام الجاري، وحوالي 69.4 دولار في العام المقبل، و63.9 دولار للبرميل بحلول عام 2023، وعلى ضوء هذه الأسعار المتوقعة رجح الصندوق أن تصل عوائد الإمارات من صادراتها النفطية (بما في ذلك النفط والغاز) إلى حوالي 84.9 مليار دولار (311.58 مليار درهم)، وذلك بنمو متوقع 13% عن العام الماضي (75.4 مليار دولار). بحسب تقديرات الصندوق ارتفعت عوائد الإمارات من النفط في العام الماضي بحوالي 30%، مع ارتفاع سعر برميل النفط من متوسط 54.4 دولار للبرميل في 2017 إلى 71.9 دولار للبرميل في العام الماضي. وقدر الصندوق إنتاج الإمارات من النفط ب 2.9 مليون برميل سنوياً في 2017 و3 ملايين في 2018، وتوقع أن يصل إلى 3.1 مليون برميل العام الجاري، وأن يرتفع بإضافة 0.1 مليون سنوياً وصولاً إلى 3.4 مليون برميل بحلول 2023. وعكست توقعات الصندوق تفاؤلاً حيال معدلات النمو غير النفطي لاقتصاد الدولة مع ترجيحات بنمو يصل معدله إلى 3.9% في العام الجاري وحوالي 4.2% في العام المقبل، وتوقع الصندوق استقرار نمو القطاعات غير النفطية في الدولة عند مستويات جيدة تصل إلى 3.3% بحلول عام 2023. وبحسب الصندوق يتوقع استقرار مستويات التضخم في الدولة، كذلك عند مستويات معتدلة حتى عام 2023، ليصل الارتفاع في أسعار المستهلك في الدولة في العام الجاري إلى 1.9% ويرتفع إلى 2.2% في 2020، ليستقر عند معدل 1.9% بحلول عام 2023. وقال مديرو الصندوق في تقريرهم حول الإمارات، إن الاقتصاد بالفعل بدأ في التعافي من التباطؤ الذي واجهه في 2015 و2016، نتيجة تراجع أسعار النفط، وتوقع الصندوق أن يتعزز زخم النمو بصورة أكبر في السنوات المقبلة مع نمو الاستثمارات ونمو ائتمان القطاع الخاص. وتوقع أن يزداد زخم النمو في السنوات القليلة القادمة مع تحسن الآفاق لدى الشركاء التجاريين، والدفعة التي يُنتظر أن يتلقاها النشاط السياحي من إقامة معرض إكسبو 2020 دبي، فمن المتوقع أن يرتفع النمو غير النفطي إلى 3.9% في 2019 و4.2% في 2020، كما تحسنت الآفاق المتوقعة للقطاع النفطي مع ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه. وتشير التوقعات إلى تحقيق نمو كلي في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنحو 3.7% للفترة 2019 - 2020. ومن المتوقع أن يظل التضخم منخفضاً، رغم تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وبالرغم من ارتفاع الديون المتعثرة في فترة التباطؤ الاقتصادي، فلا تزال البنوك تتمتع بمستوى جيد من السيولة ورأس المال. ويجري حالياً تطبيق إجراءات للتيسير المالي، بغية تمهيد السبيل لتعافي الاقتصاد، بالتوازي مع تكثيف الإصلاحات الهيكلية لتعزيز آفاق المدى المتوسط، أعلنت السلطات خططاً للتحفيز المالي على مدار السنوات الثلاث القادمة، مما يعزز الزيادة المخططة في الاستثمار قبل معرض إكسبو 2020 دبي، ومع تحسن نشاط القطاع الخاص والإنهاء التدريجي لعملية التحفيز المالي، من المتوقع استئناف الضبط المالي لضمان توافر مدخرات كافية من الثروة النفطية للأجيال القادمة. ومن المتوقع أن يتحول رصيد المالية العامة الكلي إلى تحقيق فائض في العام القادم بفضل ارتفاع أسعار النفط وأن يظل الرصيد موجباً على المدى المتوسط. ويلاحَظ أن المركز الخارجي تحسن أيضاً. فقد زاد فائض الحساب الجاري إلى قرابة الضِعْف في العام الماضي، حيث بلغ 6.9% من إجمالي الناتج المحلي مع بقاء الواردات ثابتة، ومن المتوقع أن يرتفع أكثر إلى حوالي 8% من إجمالي الناتج المحلي مع حلول عام 2019 بفضل ارتفاع إيرادات النفط. غير أن التوقعات تشير إلى ثبات فائض الحساب الجاري عند مستوى منخفض على المدى المتوسط، مع تراجُع أسعار النفط. وقد زادت مخاطر التطورات السلبية الخارجية في الشهور القليلة الماضية، مدفوعة بضيق الأوضاع المالية العالمية، وارتفاع درجة التقلب في الأسواق الصاعدة، والتوترات الجغرافية - السياسية، وتصاعد الحمائية. تقييم المجلس التنفيذي أشار المديرون التنفيذيون إلى التحديات التي لا تزال تواجه اقتصاد الإمارات، ولا سيما انخفاض أسعار النفط الذي طال أمده، وأثنوا على السلطات لسياساتها القوية في مواجهة هذه التحديات، بما في ذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتكثيف الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز الإطار الاحترازي. وإذ أشار المديرون إلى تحسن آفاق الاقتصاد، فقد أكدوا أيضاً ارتفاع مخاطر التطورات السلبية الخارجية التي تتعرض لها هذه الآفاق وشجعوا السلطات على مواصلة جهودها لتعزيز النمو الاقتصادي وحماية الاستقرار الاقتصادي الكلي/المالي. وفي هذا السياق، أكد المديرون أهمية زيادة اليقظة الرقابية وتقوية إدارة الالتزامات الاحتمالية الناتجة عن اقتراض المؤسسات المرتبطة بالحكومة، والضمانات الحكومية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص. واتفق المديرون على أن خلق اقتصاد نشط ومتنوع وقائم على المعرفة سوف يتطلب استمرار الإصلاحات لتعزيز دور القطاع الخاص وتشجيع المواهب واحتواء الجميع. ورحبوا بالإصلاحات التي أعلنت مؤخراً، بما في ذلك تحرير الاستثمار الأجنبي، وشجعوا السلطات على التعجيل بتنفيذها، مع توسيع وتعميق مبادرات السياسات لتحسين الإنتاجية والقدرة التنافسية. وأثنى المديرون على السلطات لتنفيذها النظام العام المعزز لنشر البيانات وغير ذلك من الخطوات التي اتخذتها لتحسين الإحصاءات الاقتصادية. وأكدوا الحاجة إلى مزيد من التقدم، بما في ذلك تحسين حسابات العمل والمالية العامة والحسابات القومية، وإحصاءات مركز الاستثمار الدولي، من أجل تيسير اتخاذ القرار وزيادة الشفافية. واستعرض التقرير برامج المحفزات التي أعلنتها الإمارات في العام الماضي، مؤكداً أهميتها ومبرزاً أهمية معرفة تفاصيلها والجدول الزمني للتنفيذ. وتوقع أن تسهم عوائد ضريبة القيمة المضافة في خفض العجز المالي غير النفطي للإمارات بحوالي 3 نقاط مئوية في العام الجاري. ورجح أن يتحول عجز الموازنة إلى فائض في العام الجاري بمعدل 1%، وأن تحافظ الموازنة على فائض على المدى المتوسط. الصادرات من جهة أخرى قدر الصندوق قيمة صادرات الدولة الإجمالية (بما فيها النفط وإعادة التصدير) بحوالي 329 مليار دولار (1.21 تريليون درهم) في العام الماضي، وتوقع أن تصل إلى 343 مليار دولار (1.26 تريليون درهم) في العام الجاري وأن تنمو باستقرار وصولاً إلى 351 مليار دولار (1.29 تريليون درهم) في 2023. من جهة أخرى توقع الصندوق أن تحافظ الإمارات على فائض في الحسابات الجارية 35.9 مليار دولار (مقابل 30.5 مليار دولار في 2017)، ورجح أن تحقق الدولة فائضاً في الحسابات الجارية يصل إلى 30.3 مليار دولار في 2020. الفائض التجاري توقع أن تحافظ الدولة كذلك على فائض في ميزانها التجاري يصل إلى 97.3 مليار دولار في العام الجاري (88.8 مليار دولار في 2017)، وأن يصل إلى 94.1 مليار دولار في 2020، وحوالي 95.2 مليار دولار بحلول 2023. عوائد الضرائب من جهة أخرى توقع الصندوق ارتفاع عوائد الدولة من الضرائب من حوالي 166.6 مليار درهم في 2017 إلى 210.5 مليار درهم في العام الماضي مرشحة للارتفاع إلى 280.6 مليار درهم هذا العام. ورجح أن تصل إلى 258.3 مليار درهم بحلول عام 2023. الأصول الخارجية توقع الصندوق أن تصل قيمة الأصول الخارجية الإجمالية للإمارات إلى 1.12 تريليون درهم هذا العام مقابل 1.04 تريليون درهم في 2018، وحوالي 929 مليار درهم في 2017. وقدر صندوق النقد الدولي قيمة صافي أصول الإمارات الخارجية بحوالي 434 مليار درهم في العام الماضي، وتوقع أن تقفز بنسبة 18.7% هذا العام إلى 515 مليار درهم، وتوقع أن تواصل الارتفاع إلى 713 مليار درهم بحلول عام 2023. كما قدر صافي الأصول المحلية بحوالي 887 مليار درهم في نهاية العام الماضي، متوقعاً ارتفاعها إلى 901 مليار درهم هذا العام و1.095 تريليون درهم بحلول عام 2023. مرونة في التعامل قال حازم الببلاوى، المدير التنفيذي لبعثة صندوق النقد الدولي إلى الإمارات، وميرا مرعي المستشارة الاقتصادية، في مراجعتهما إن اقتصاد دولة الإمارات أظهر مرونة في التعامل مع الصدمة في أسعار النفط، الأمر الذي يعكس تراجعاً في اعتماده على القطاع النفطي. وبلغ متوسط النمو في القطاع غير النفطي 3.5% خلال الفترة بين العامين 2015 و2017، ومن المتوقع أن يبقى النمو قوياً في عام 2018، مع مواصلة زيادته في عام 2019 إلى نحو 3.9%، مستفيداً من خطة التحفيز في الميزانية وتصعيد الاستعدادات لمعرض إكسبو 2020 دبي. وكما أشار إليه الببلاوي ومرعي في مراجعتهما، فإن الأصول الأجنبية الكبيرة لدولة الإمارات والمستوى المنخفض لمديونيتها توفر مخزونات مالية وافرة ومساحة سياسية للتخفيف من أي مخاطر اقتصادية خارجية. وأظهرت بعثة صندوق النقد الدولي تفاؤلاً كبيراً بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في الإمارات على المدى المتوسط، وذلك بفضل خطة التحفيز المالية في الميزانية العمومية التي أعلن عنها مؤخراً، فضلاً عن ظروف السيولة المواتية التي يمكن أن تؤدي إلى تسارع الإقراض في القطاع الخاص. وعلاوة على ذلك، لم يكن هناك تشديد في القطاع المالي الإماراتي، وذلك يتضح من ارتفاع معدل نمو الائتمان في القطاع الخاص بنحو 4.8% في سبتمبر 2018 (على أساس سنوي)، بما في ذلك نمو بنسبة 6.5% في قطاع الأعمال والصناعة. وفي عام 2018، أدخلت حكومة الإمارات ضريبة القيمة المضافة في سياق مبادرة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لتنويع الإيرادات غير النفطية وتقليل الاعتماد على العائدات الضريبية في قطاع النفط. ومن المتوقع أن تصل مساهمة إيرادات ضريبة القيمة المضافة إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة. وبالإضافة إلى ذلك قامت السلطات بتجميد الزيادات في الرسوم لمدة 3 سنوات، كما شرعت في مراجعة شاملة للرسوم الحكومية بهدف تعزيز الكفاءة الاقتصادية ودعم النشاط الاقتصادي. وستكون السياسة المالية لدولة الإمارات توسعية في عام 2019، حيث ستتحول الميزانية إلى فائض بنسبة 1% في الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع ذلك في الأساس إلى ارتفاع إيرادات النفط المتوقعة وإيرادات القطاعات غير المتصلة بالطاقة. ووافقت حكومة أبوظبي في يونيو 2018، على حزمة تحفيز اقتصادية بقيمة 50 مليار درهم (3.5% من الناتج المحلي الإجمالي) بهدف دعم النمو في القطاع غير النفطي على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بالإضافة إلى إطلاق 10 مبادرات اقتصادية لتقليل تكلفة إقامة الأعمال التجارية، في حين ستقوم حكومة دبي بزيادة استثماراتها في البنى التحتية استعداداً لإكسبو 2020. ومن المتوقع أن يبقى مستوى الدين الحكومي العام في الإمارات مستقراً عند حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي أهمية إعادة النظر في نظام الرسوم الحكومية لفت الصندوق إلى إمكانية النظر في توسيع قاعدة ضريبة القيمة المضافة على المدى الطويل وتطوير نظم إيرادات أكثر فعالية مع مرور الوقت، وأكد على أهمية إعادة النظر في نظام الرسوم الحكومية المتعددة الحالي قائلاً إن هذا النظام خدم اقتصاد الإمارات في الفترة الماضية لكنه يعتبر معقداً ومكلفاً إدارياً وغير مناسب للشركات المتوسطة والصغيرة. وقال إن الحكومة بدأت بالفعل مراجعة نظام الرسوم الحكومية مع رؤية لتقنينها. وقال إن الصندوق رحب بهذه الخطوة ويوصي بإعداد دراسة لتقييم الأثر الاقتصادي وبحث نماذج بديلة للعائدات منها ضريبة الشركات التي ستكون أسهل في إدارتها وأنسب للشركات المتوسطة والصغيرة. ترسيخ السياسة المالية وتعزيز التنسيق أكد الصندوق أهمية وجود إطار سياسة قوي إضافة إلى التنسيق الوثيق بين السلطات المالية والنقدية في سبيل تحقيق رؤية الإمارات 2021، ما يتطلب اتباع خطة تنمية متعددة الأبعاد، وصياغة سياسات مشتركة تشمل مختلف أصحاب المصلحة. وأوضح التقرير عناصر من شأنها المساهمة في فاعلية عملية التنسيق. أولاً: فهم شامل حول آفاق ومخاطر الاقتصاد العالمي والمحلي. ثانياً: تبادل المعلومات حول الخطط متوسطة وقريبة المدى. ثالثاً: مناقشة مدى مواءمة هذه الخطط مع بعضها بعضاً ومع أهداف اجتماعية اقتصادية أوسع نطاقاً. رابعاً: التقييم الدوري لفعالية السياسة، وإعادة المعايير، إذا لزم الأمر.
مشاركة :