دبي: عبير أبو شمالة أكد خبراء وكالة التقييم الائتماني العالمية «ستاندرد أند بورز» أن الجائحة كان لها تأثيراتها الواضحة في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، لافتين إلى أن التأثير في التقييمات الائتمانية في المنطقة سواء على المستوى السيادي أو على مستوى الشركات تركز منذ البداية وإلى الآن على تبعات التراجع في أسعار النفط العالمية، ولكن التأثيرات المباشرة للجائحة سيكون لها الدور الأساس إلى جانب أسعار النفط طبعاً في تحديد ملامح التغييرات في التقييمات الائتمانية في المرحلة المقبلة.قال تريفور جوليان المحلل الائتماني لدى الوكالة خلال لقاء صحفي افتراضي أمس إن الوكالة تتوقع أن يكون هناك لقاح لفيروس «كوفيد- 19» مع نهاية العام المقبل، ما يعني أن علينا أن نتعايش مع الجائحة لوقت أطول، لكن ليس بالضرورة مع تبعاتها بالنظر لإعادة فتح الاقتصاد. وتتوقع الوكالة من جهة أخرى أن يستقر سعر النفط عند 40 دولاراً للأشهر المتبقية من العام الجاري، وأن يرتفع إلى 50 دولاراً للبرميل في العامين المقبلين، ليصل بحلول عام 2023 فما بعد إلى متوسط 55 دولاراً للبرميل. المصدات المالية الضخمة وأكد أن تقييمات عدة في المنطقة تأثرت مع خفض توقعات النمو الاقتصادي جراء تبعات الجائحة، بيد أنه قال إن أبوظبي حافظت على تقييم قوي عند «AA»، التقييم الذي بقي على استقراره منذ 2015، بفضل الأصول السائلة القوية والمصدات المالية الضخمة للإمارة. وقال إن اقتصاد الإمارات بطبيعة الحال تأثر جراء الجائحة مع توقعات بانكماش اقتصادي يصل إلى 8% في العام الجاري لاقتصاد الدولة ككل، وحوالي 7.5% لأبوظبي، و11% للناتج المحلي لدبي. لكنه قال إن الانكماش الاقتصادي وإن كان يمثل تحدياً على المستوى الاقتصادي، لكنه لن يحدث تغييراً ورجح أن يتعافى اقتصاد الإمارات ليسجل متوسط نمو 2.7% في الفترة من 2021 إلى 2023، وتوقع أن ينمو اقتصاد أبوظبي بمتوسط 2.2% خلال الفترة نفسها. التعافي في 2023 وقالت سابنا جاتياني المحللة الائتمانية لدى الوكالة، أن الجائحة كان لها تأثيراتها المباشرة على الشركات وقطاعات الأعمال التي تغطيها الوكالة في المنطقة. وأوضحت أنها أدت إلى تغييرات في التقييمات الائتمانية ل 17 شركة من أصل 34 تغطيها الوكالة في المنطقة، مع تغيير واحد إيجابي وال 16 الباقية كان سلبياً سواء بخفض التقييم أو النظرة المستقبلية. ولفتت إلى أن التأثيرات كانت لافتة في بداية الجائحة، لكن مع التحسن في أسعار النفط بدأ أداء الشركات الخاضعة لتقييم الوكالة، وأغلبها في قطاعات النفط والغاز والعقارات في التحسن نسبياً.وتحدثت عن عقارات دبي قائلة إنها تأثرت جراء الجائحة، خاصة أنها كانت تواجه قبلها مشاكل على مستوى فائض المعروض، ولفتت إلى تراجع أسعار العقارات في الإمارة والإيجارات أيضاً جراء الجائحة. وقالت أن تراجع حركة السفر عالمياً بحوالي 50% جراء «كوفيد- 19» كان له انعكاساته على عدد من القطاعات منها الضيافة والسياحة والطيران، وتتوقع الوكالة أن يستغرق التعافي الكامل لحركة السياحة العالمية 7 فصول، ولفتت إلى أن التعافي يمكن أن يبدأ في عام 2023، ما سيؤثر في قطاع السياحة في المنطقة.وقالت إنه من المتوقع أن تكون هناك ضغوط على الإيجارات في الفترة المقبلة، ولفتت إلى أن مستويات الإشغال يمكن أن تتراجع في المساحات المكتبية في حال رأينا المزيد من التوجه للعمل عن بعد أو لخروج شركات من العمل، الأمر الذي قالت إنه يحتاج إلى عدد من الفصول قبل أن يكون له تأثيرات ملحوظة في مستويات الإشغال.وقالت من جهة أخرى أن البيانات تعكس تراجعاً في مبيعات التجزئة، باستثناء المواد الغذائية، على مستوى دول المنطقة. وأكدت أن الجائحة كان لها تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على كل القطاعات لكن بدرجات متفاوتة، لكن الدعم الحكومي من قبل دول المنطقة لعب دوراً مهماً في تقليص حدة التأثيرات، ولفتت إلى أن 65% من الشركات الخاضعة لتقييم الوكالة حافظت على نظرة مستقبلية مستقرة رغم تبعات الجائحة في ظل الدعم الحكومي. القطاعات المصرفية قال بنيامين يونج المحلل الائتماني لدى الوكالة، إن الجائحة كان لها تأثيرها المباشر على القطاعات المالية والمصرفية لدول مجلس التعاون، ما أدى إلى تغيير نسبة تقل عن نصف البنوك الخاضعة لتغطية الوكالة في المنطقة، وهي نسبة جيدة مقابل المتوسط العالمي، لكن خفض التقييم طال 44% من البنوك مقابل متوسط عالمي 30%. وقال إن الوكالة بادرت إلى خفض تقييم 5 بنوك في المنطقة، وغيرت النظرة المستقبلية بالخفض ل 7 بنوك. ويصل عدد البنوك مع نظرة مستقبلية سلبية (ما يعني إمكانية 30% أن يتم خفض تقييمها في الأشهر التالية) إلى ما يوازي 30% من البنوك الخاضعة لتقييم الوكالة في المنطقة.وتوقع يونج أن ترتفع نسبة القروض المتعثرة على مستوى القطاعات المصرفية لدول مجلس التعاون الخليجي من 2.3% من إجمالي القروض في العام الماضي، إلى 5% هذا العام. وبالنسبة للإمارات توقع ارتفاع النسبة من 4.5% في 2019 إلى 8% في العام الجاري.بيد أنه أكد أن بنوك الإمارات ودول المجلس تبقى بين الأعلى ربحية عالمياً بفضل عوامل عدة منها انخفاض التكاليف نسبياً مع عدم تكبدها ضرائب، إضافة إلى أن نسبة كبيرة من الودائع جارية ولا تتحمل البنوك عليها فائدة. وقال إن قوة الملاءة المالية والرسملة لبنوك الإمارات ودول المنطقة تساعدها على تحمل الضغوط ومواجهة تبعات الجائحة وتأثيراتها في نوعية الأصول.وحول حاجة البنوك للمزيد من الدعم في المرحلة المقبلة قال يونج إن تحرك البنوك المركزية في الإمارات ودول المجلس كان سريعاً للغاية ومناسباً للمساعدة على احتواء تبعات الأزمة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه عمل على احتواء المخاطر بشكل كلي على مستوى البنوك والقطاعات المصرفية بشكل عام.وقال إن التأثير جاء متشابهاً على البنوك الإسلامية والتقليدية مع مستويات أداء متقاربة، لكنه توقع أن تتأثر الإسلامية أكثر في المرحلة المقبلة بالنظر للارتفاع النسبي في تعرضها للتمويل المربوط بأصول.ولفت إلى التوقعات المستقبلية لأداء القطاعات المصرفية في المنطقة يعتمد بالدرجة الأولى على استراتيجيات التعامل مع الدعم، وإن كانت سوف تستمر لفترة أطول. ووصف الصورة الشاملة للقطاعات المصرفية في المنطقة بأنها تعكس قوة كامنة مع ارتفاع مستويات الربحية، لكن هناك ضغوط جراء تأثيرات الجائحة على النمو الاقتصادي وأداء القطاعات الأخرى. قطاع التأمين قال أمير موجيك المحلل الائتماني لدى الوكالة، إن تقييم قطاع التأمين والتكافل على مستوى المنطقة أفضل من غيره من القطاعات في النصف الأول من العام الجاري مع استفادة القطاع من مستويات ربحية مرتفعة خلال السنوات الماضية، ومن قوة الرسملة، وانخفاض المطالبات على مستوى التأمين الصحي والتأمين على حوادث السيارات خلال النصف الأول في ظل الإغلاق الكامل للاقتصاد وتقليص حركة المرور في بعض الدول، إضافة إلى تأجيل العمليات الطبية غير الضرورية في تلك الفترة، وانخفاض نسب الوفيات نتيجة الفيروس مقابل دول أخرى في العالم.وتوقع أن تتراجع مستويات الربحية نسبياً في النصف الثاني مع استئناف الأنشطة الاقتصادية على مستوى دول المجلس. وقال إن نحو 20% من الشركات التي تقيمها الوكالة على مستوى قطاعات التأمين والتكافل في المنطقة لديها نظرة مستقبلية سلبية مع ضعف الحوكمة. ورجح من جهة أخرى أن ترتفع عمليات الدمج والاستحواذ على مستوى القطاع في الفترة المقبلة.
مشاركة :