أكد عدد من الكتاب والمؤرخين أن التسامح هو صفة متأصلة في الشخصية المصرية، وأن النسيج المصري يرفض فكرة الطائفية، مشيرين إلى أن الحضارة القديمة عاشت مستقرة وثابتة بفضل هذا الفكر.جاء ذلك خلال الندوة الثقافية التي أقيمت اليوم، بقاعة ثروت عكاشة، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، تحت عنوان: "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية.. ميلاد حنا"، شارك فيها هاني ميلاد، نجل الراحل ميلاد حنا، طه عبد العليم، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات السابق، والدكتور محمد فياض، أستاذ التاريخ بجامعة طنطا.وقال هاني ميلاد، نجل الراحل ميلاد حنا مؤلف كتاب:"الأعمدة السبعة للشخصية المصرية.. ميلاد حنا"، إنه لم يكن يقرأ كتاب والده ولكن كان يحضر الكثير من الندوات عن الكتاب بصحبة والده حتى حفظه، مضيفا: "أقترح تدريس كتاب الأعمدة السبعة للشخصية المصرية في المدارس المصرية، فماذا، لو تم تدريس كتاب الأعمدة السبعة في المدارس؟، هذا إلى جانب تنظيم زيارات للطلاب إلى المساجد و الكنائس والأديرة المسيحية والمعابد اليهودية، لإنتاج طفلا مدركا بكل الأديان".وتابع:"علينا التعرف على حقيقة هوية مصريتنا لأنها تخلصنا من أمراض واحتقان بالمجتمع"،لافتا إلى أن وصف المجتمع المصري بأنه أحادي لا يخدم الوطن، كما أنه يشوه صورة الإسلام من خلال ممارسات داعش الدموية.وأضاف أن جماعات العنف والظلام تهدف إلى تقسيم الدول العربية إلى دويلات طائفية ضعيفة، مشيرا إلى تعايش الإسلام والمسيحية أكثر من 14 قرنا، منوها بأن والده شارك في العمل العام والسياسي كعضو لجنة الإسكان بالبرلمان، كما انضم لكتاب الأهرام وأصبح عضوا بالمجلس الأعلى للثقافة.بدوره، قال طه عبد العليم رئيس الهيئة العامة للاستعلامات السابق، إن مبدأ "الدين لله والوطن للجميع"، كان هو المبدأ السائد عند جميع المصريين، ولنا جميعا كل الحق أن نفخر بمصريتنا، ودولتنا التي استطاعت أن تعيش أكثر من 70% من تاريخها مستقلة، بالرغم أنها تتميز بموقع استراتيجي، وغنية بالخيرات والكوادر، فمصر هي المكان والمكانة في آن واحد، ويصعب على أي دولة تذخر بكل هذا وتعيش 70% من تاريخها مستقلة.وأضاف "عبد العليم"، أن الحضارة المصرية القديمة عاشت مستقرة وثابته، والمصري هو كل من ولد على أرض مصر ولا يعرف وطنا بديلا لها، و90% من المصريين الحاليين جذورهم مصرية في الأساس، والـ10 % كانوا تمثل نسبة من المهاجرين اليونانيين، وبالتالي الأمة المصرية هي أعرق أمة على وجه الأرض لأن عمرها آلآف السنين.وكشف عن أن أماني "ميلاد حنا" كانت سامية وعظيمة، حيث كان يحلم بأن تكون مصر دولة مواطنة، الكل سواء في الحقوق والواجبات، كما كان يحلم بمصر بلا طائفية، وأن تكون واحدة من أكبر دول العالم، ولكن ما حدث من إرهاب بعد ثورة 25 يناير، لاسيما بعد أن اعتلى "الإخوان المسلمين" حكم البلاد كان ليقضي على كل هذه الأحلام.وقال إن تغيير ثقافة الشعوب هو أصعب التحديات التي تواجه العالم، لأن تغيير الثقافات أمر معقد للغاية هذا إلى جانب التحديات الاقتصادية السياسية، ولابد من قراءة الكتاب للتعرف على الهوية المصرية الحقيقية القائمة على المواطنة، فالدين لله والوطن للجميع.وقال الدكتور محمد فياض، أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة طنطا، إنه يعتبر ميلاد حنا مثله الأعلى، مشيرا إلى أن كتابه "الأعمدة السبع للشخصية المصرية" يناقش السمات الشخصية المصرية في 7 أعمدة، حيث أكد - خلالها - أن فقدان أي عمود من تلك الأعمدة سيفقد الشخصية المصرية مصريتها، كما أنه وظف كل مناهج التاريخ في هذا الكتاب وأكد أن مصر يستحيل أن تتحول لدولة طائفية كما حدث في دول أخرى، حيث أن النسيج المصري غير قابل لفكرة الطائفية على الإطلاق.وأضاف "فياض": "استحضار حنا للنموذج الفرعوني في الكتاب يؤكد على أبعاد هامة للشخصية تاريخيا، كما تناول الشخصية المصرية في الدولة الفاطمية، لافتا إلى أن الفاطميين حاولوا نشر المذهب الشيعي فيها ولكنهم لم ينجحوا رغم أنهم قضوا ما يقرب من 200 عام، فالطبيعة المصرية أنهم يحبون أهل البيت ولكنهم يرفضون التشيع".وتابع: "الفاطميون شيدوا المساجد وغيرها من الآثار الإسلامية الفاطمية، كما قدموا للمصريين الحفلات والأكلات المختلفة من أجل استقطابهم للتشيع، ولكن المصريين رفضوا التشيع جملة وتفصيلا، فالهوية المصرية من الصعب تغيرها على الإطلاق".بدوره، قال الكاتب الصحفي محمد العريبي، إن الشعب المصري يتسم بالتسامح بين جميع الأطياف، فالتسامح هو صفة متأصلة في الشخصية المصرية، مضيفا أنه بعد الفتح الإسلامي لم يتم إجبار أحد في الدولة المصرية على اعتناق الإسلام، مشددا على ضرورة إعادة القراءة للشخصية المصرية التي تتسم بالتسامح.ولفت إلى أن الأفكار المتطرفة التي تظهر من بعض الأشخاص لا تعبر عن السمات المصرية، وأكبر دليل على ذلك ثورة 30 يونيو ضد حكم الإخوان، قائلا: "إننا نشعر في كتابات الدكتور ميلاد حنا التي بحثت عن الوطنية والوحدة، بأنها تتسم بالخوف على مستقبل مصر وعلى المصريين".
مشاركة :