الولايات المتحدة وروسيا تطلقان سباق تسلّح نووي جديداً

  • 2/3/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ظريف: أي اتفاقية مع أميركا لا تساوي الحبر الذي توقع بهبوتين يوافق على نشر «كاليبر» على اليابسة عواصم - وكالات - يهدّد انسحاب كلّ من الولايات المتحدة وروسيا من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى الثنائية، بإعادة إطلاق سباق التسلّح بين القوتين، لكنه في الوقت نفسه يشكّل فرصةً للولايات المتحدة لتحديث ترسانتها النووية، وهو هدفٌ أعلنته واشنطن قبل عام.وقال الرئيس دونالد ترامب، الجمعة، أن بلاده أطلقت إجراءات الانسحاب من المعاهدة والذي سيصبح فاعلاً بعد ستة أشهر، «إلّا في حال احترام روسيا التزاماتها عبر تدمير كلّ صواريخها وقاذفاتها ومعداتها المخالفة للنص».وأمس، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين، تعليق موسكو التزامها بمعاهدة نزع الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، مؤكدا أن روسيا ستباشر في تطوير صاروخ فرط صوتي أرضي متوسط المدى. وقال خلال اجتماع عقده مع وزيري الخارجية سيرغي لافروف والدفاع سيرغي شويغو، أن استخدام الولايات المتحدة «الصواريخ الأهداف» ونشرها منصات إطلاق من نوع «إم كي-41» في أوروبا يعتبر انتهاكا لمعاهدة الصواريخ. وأضاف: «أؤيد اقتراح وزارة الدفاع بدء العمل على نشر صواريخ كاليبر المجنحة على اليابسة، وفتح مسار جديد للعمل على إنتاج صاروخ فرط صوتي أرضي متوسط المدى». وأشار إلى أن روسيا لن تنشر الصواريخ في أوروبا أو أي مناطق أخرى ما لم تفعل الولايات المتحدة ذلك. كما عززت روسيا قواتها العسكرية في مقاطعة كالينينغراد المتاخمة لألمانيا غرب البلاد بفوج من المقاتلات، رداً على زيادة حلف «الناتو» حشوده في منطقة البلطيق. وتستنكر واشنطن منذ سنوات تطوير موسكو أنظمة تعتبر إنها تخالف معاهدة الصواريخ متوسطة المدى، غير أن الأميركيين أكدوا علناً نيتهم التجهز بأسلحة نووية جديدة.وفي مراجعتها الجديدة للوضع النووي في فبراير 2018، أخطرت واشنطن بأن لديها النية في حيازة سلاحين جديدين: جيل جديد من الصواريخ النووية ضعيفة القدرة يمكن إطلاقها من غواصة (فئة لم تلحظها معاهدة الصواريخ النووية)، ونوع جديد من صواريخ «كروز» يشكل انتهاكاً للمعاهدة.وتؤكد البنتاغون أن النوع الجديد من «كروز» لا يعدّ خرقاً للمعاهدة إلا إذا جرى نشره، مشددة على أن المعاهدة مع موسكو عام 1987 لم تمنع إطلاق برامج البحث والتطوير.وأعلن الناطق باسم البنتاغون جوني مايكل لـ«فرانس برس»، أنه اعتباراً من امس، «لم نعد ملزمين بالقيود» المفروضة في المعاهدة.وفي الواقع، فإن البنتاغون تستعد لتطوير نظام يضاهي صاروخ «9 أم 729» الروسي، الذي تقول موسكو إن مداه الأٌقصى هو 480 كلم، فيما تؤكد واشنطن وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي أن الصاروخ الروسي قد اختبر على مسافات أعلى بكثير من تلك المعلن عنها.ويرى جيفري برايس من جامعة جون هوبكينز، أن المعاهدة متوسطة المدى تصبّ في مصلحة الولايات المتحدة، فهي إذ تمنع كل صواريخ أرض - جو ذات المدى بين 500 و5500 كلم، سواء كانت بالستية تقليدية أو متوسطة المدى، لكنها لا تشير إلى تلك التي تطلق من طائرات حربية أو غواصات.وأشار برايس، المسؤول السابق في البنتاغون، إلى أنه فيما تملك الولايات المتحدة «أقوى بحرية وسلاح جو في العالم»، تحرم الاتفاقية «روسيا من أي قدرة عسكرية مهمة».وحسب أرقام نشرها «اتحاد العلماء المهتمين» الأميركي المناهض للسلاح النووي، فإن حجم الترسانة الأميركية ارتفع إلى 4600 سلاح نووي، منها 1740 منشورة وجاهزة للاستخدام في أي لحظة، و2922 مخزّنة.وتقوم عشر غواصات تابعة لسلاح البحرية الأميركية مجهزة بأسلحة نووية بدوريات دائمة في البحار، وفق المجموعة.وتملك روسيا عدداً مساوياً من الرؤوس النووية، غير أن غواصاتها النووية في حالة سيئة، كما ظهر من خلال عدة حوادث أصابتها في السنوات الماضية.كذلك، فإن الصين التي تبحث عن تأكيد تفوقها العسكري في آسيا، مجهّزة بصواريخ وسيطة المدى. وبحسب الخبراء، فإن 95 في المئة من الصواريخ الصينية تخرق معاهدة الصواريخ النووية فيما لو كانت بكين طرفاً فيها.ويرى مايكل كريبون من مركز «ستيمسون»، أننا «متجهون نحو سباق تسلح نووي جديد».وتابع في مقال في مجلة «فوربس»: «عندما تفوق ميزانيتنا العسكرية ميزانية روسيا بعشر مرات وميزانية الصين بخمس مرات، يمكننا إذاً تحمّل سباق تسلّح». وتنتهي المعاهدة رسميا في مطلع عام 2021 لكن من الممكن تمديدها لخمسة أعوام أخرى إذا اتفقت واشنطن وموسكو على ذلك.  وكتب وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف على «تويتر»: «الرسالة هنا... أي اتفاقية مع الحكومة الأميركية لا تساوي الحبر الذي تكتب به، حتى وإن كان قد صادق عليها الكونغرس». معاهدة 1987 واشنطن - أ ف ب - أجبرت معاهدة الحد من الصواريخ النووية المتوسطة المدى (آي ان اف) التي وقعت في 1987 بين الرئيس الأميركي رونالد ريغان ونظيره السوفياتي ميخائيل غورباتشيوف، للمرة الأولى للبلدين على خفض ترسانتيهما النوويتين.عندما تم توقيعها في واشنطن، وصفت المعاهدة بـ«التاريخية» وفتحت الطريق لعهد جديد في العلاقات بيت الكتلتين الشرقية والغربية.وكانت معاهدات أبرمت من قبل مثل اتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجية (سالت 1) في 1972 و«سالت 2» في 1979 للحد من القاذفات الجديدة للصواريخ البالستية. لكن في معاهدة الحد من الصواريخ النووية المتوسطة المدى، تعهدت القوتان العظميان للمرة الأولى تدمير فئة كاملة من الصواريخ النووية.ونصت المعاهدة على تدمير الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر في السنوات الثلاث التالية لدخولها حيز التنفيذ.ونصت في الإجمال على تدمير 2692 صاروخا قبل 1991، أي كل الصواريخ المتوسطة المدى تقريبا، وهي تشكل أكثر بقليل من 4 في المئة من مجموع الترسانة النووية للبلدين في 1987.ومن النقاط الجديدة التي وردت في المعاهدة وضع إجراءات للتحقق من عمليات التدمير في كل دولة، من قبل مفتشين من الدولة الأخرى.وبين الصواريخ الأميركية التي تقضي المعاهدة بتدميرها، صواريخ «بيرشينغ 1 ايه» و«بيرشينغ 2» التي كانت محور أزمة الصواريخ الأوروبية في ثمانينات القرن الماضي.وهذه الأزمة التي تلت نصب الاتحاد السوفياتي صواريخ نووية «اس اس-20» موجهة إلى العواصم الأوروبية، رد عليها حلف شمال الأطلسي بنشر صواريخ «بيرشينغ» في أوروبا موجهة إلى الاتحاد السوفياتي.في 1983، وبعد عام على توليه منصبه، تهجم ريغان على الاتحاد السوفياتي ووصفه بأنه «امبراطورية الشر». كانت الحرب الباردة في ذروتها بعد عقد السبعينات الذي ساده بعض الانفراج بين الكتلتين.لكن وصول غورباتشيوف إلى السلطة في 1985 شهد بدء عهد جديد اتسم باتباع سياسات البيريسترويكا (إعادة الهيكلة) التي شكلت بداية انفتاح الاتحاد السوفياتي على الحوار مع الولايات المتحدة.واحتاج الأمر إلى ثلاث قمم بين غورباتشيوف وريغان بين 1985 و1987 للتوصل إلى توقيع معاهدة الحد من الصواريخ النووية المتوسطة المدى.

مشاركة :