أكد الدكتور صلاح السروى أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب جامعة حلوان، أن أدب المهجر يمثل ظاهرة ثقافية هامة فى تاريخ الأدب العربى، حيث أنه كان رافدا مهما لحركة الرومانسية العربية التى بدأت فى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث تأثر أدباء المهجر بحركة الشعر والأدب فى الغرب، وهو ما أدى إلى زيادة الزخم فى أدب الرومانسية العربى. وأضاف خلال ندوة بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، أن الأسباب التى أدت إلى هجرة أغلب أدباء المهجر هو الحروب الطائفية فى بلاد الشام بين الدروز والمسيحيين وبين المسلمين والمسيحيين، وهى الحرب التى انحاز فيها الحكم العثمانى فى ذلك الوقت للدروز، ومنطقة لبنان على وجه الخصوص باعتبارها أكبر تجمع طائفى فى العالم العربى أدى هذا إلى زيادة التناحر الطائفى بها، وهذا ما أدى إلى هجرة أدباء المهجر للهروب من التناحرات الطائفية. وأشار إلى أن حكم منطقة الشام من قبل الحكم العثمانى التركى وما ارتبط به من انتشار الاستبداد والطغيان وانتشار التخلف وانتشار الإقطاع، وأيضا فى ظل اتصال بلاد الشام والغرب وخاصة فرنسا التى كانت شديدة الاتصال بمسيحى الشام، أدت كل هذه العوامل إلى هجرة عدد كبير من أدباء الشام من بلادهم، بل تحولت بلاد الشام لأكبر مصدر للمهاجرين فى الوطن العربى فى ذلك الوقت. ولفت إلى أن أدباء المهجر نجحوا فى القيام بتكوين روابط بينهم فى دول المهجر التى عاشوا فيها لزيادة الإتصال فيما بينهم فأنشأوا روابط فى أمريكا الشمالية، ورابطة أخرى فى أمريكا الجنوبية باعتبارها أكثر الدول التى هاجر إليها المثقفين الشوام، إلا أن هناك مقصدا آخر للهجرة لمثقفى الشام لم يذكره الباحثون باعتباره امتدادا طبيعيا لبلاد الشام وهو مصر حيث كانت مصر مقصدا مهما لهجرة العديد من الكتاب والمثقفين الشوام الذين لم يهاجروا.وأوضح أن أبرز ما ميز شعر أدباء المهجر أنه شعرا رومانسيا فقد كان الشعر الرومانسى فى الوطن به تراجع بشكل كبير، وقد كان الشعر الرومانسى يمثل ثورة فى الأدب الكلاسيكى المنتشر فى الوطن العربى والتى تعتبر مدرسة القواعد، حتى إن مدرسة الشعر الرومانسى مثلت ثورة ضد المدرسة الكلاسيكية فى الأدب، حيث إن المدرسة الرومانسية كانت ابنة الطبقة الوسطى فى المجتمع بعكس المدرسة الكلاسيكية التى تعتبر ابنة الطبقة البرجوازية فى المجتمع. وأشار إلى أن هناك ارتباطا مباشرا بين حركة الأدب الرومانسى فى المهجر وحركة الرومانسية فى مصر، حيث كان أدباء المهجر بمثابة رافد مهم لإثراء حركة الأدب والشعر فى العالم العربى عامة وخاصة فى القاهرة ودمشق والتى انتعشت حركة الأدب الرومانسى فيها تأثرا بحركة الرومانسية المهجرية، ونحن الآن ننتظر حركة مهجرية جديدة فى ظل تواجد عدد كبير من أدباء العرب يعيشون فى دول المهجر.
مشاركة :