تضاعف دول مجلس التعاون الخليجي حاليًا جهودها في سبيل مساعدة ذوي الدخل المنخفض والمتوسط في الحصول على المساكن محدودة التكلفة، وذلك في إطار المساعي الحكومية الرامية إلى معالجة التبعات المترتبة على الزيادة السكانية والتوسع الحضري.وتطرق تقرير صدر حديثًا عن مجموعة "أورينت بلانيت للأبحاث"، تحت عنوان "الاتجاهات الجديدة للإسكان محدود التكلفة في دول مجلس التعاون الخليجي"، إلى آخر الاتجاهات والإنجازات التي حققتها دول الخليج العربي على صعيد ردم الفجوة بين العرض والطلب ضمن قطاع الإسكان.وتعتبر الزيادة السكانية من بين أهم محركات زيادة الطلب على المساكن محدودة التكلفة، لا سيما من جانب الشباب العاملين والمهتمين بالحصول على مساكن تتناسب مع حدود دخلهم، وارتفع عدد السكان في دول مجلس التعاون الخليجي، التي تشكل شريحة الشباب النسبة الأكبر من سكانها، بأكثر من 50% خلال العقد الماضي بحسب الأرقام الصادرة عن "ذي إيكونوميست"، ومن المتوقع أن يصل عدد السكان في هذه الدول إلى 53 مليون في العام 2020، الأمر الذي سيزيد الضغط على قطاع الإسكان محدود التكلفة.وقال نضال أبوزكي، مدير عام "مجموعة أورينت بلانيت" للأبحاث: "هناك تحول واضح في التركيز على الإسكان محدود التكلفة في دول الخليج العربي، في الوقت الذي يتزايد فيه إدراك الحكومات والشركات الخاصة المعنية بالتطوير العقاري للطلب على المساكن محدودة التكلفة في المنطقة، ويجري حاليًا وضع أنظمة وسياسات واضحة من أجل تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، تبقى هناك حاجة إلى تحديد الشريحة المستهدفة في السوق من حيث فئة الدخل، من أجل تمكين المطورين العقاريين من توفير مساكن ذات جودة عالية وتلبية احتياجات الأسواق المستهدفة بالشكل الصحيح."ويؤكد تقرير "أورينت بلانيت للأبحاث" أهمية اتباع منهجية شاملة من أجل بناء مجتمعات أفضل في منطقة الخليج العربي، مشيرًا إلى المبادرات النوعية التي تطلقها الدول الخليجية في سبيل تمهيد الطريق لبناء المزيد من المساكن عالية الجودة بتكلفة منخفضة.وتركز سياسة الإسكان في دولة الإمارات على توفير مزايا وتسهيلات الإسكان للمواطنين من ذوي الدخل المنخفض، بدعم من الحكومة الاتحادية وغيرها من الجهات المعنية في الحكومات المحلية، فعلى سبيل المثال، يخصص "برنامج الشيخ زايد للإسكان"، الذي تأسس في العام 1999، ميزانية قدرها 1.36 مليار دولار للمساعدة في تلبية احتياجات الإسكان للمواطنين، لا سيما الأيتام والأرامل وكبار السن وأصحاب الهمم.وشهدت سياسات الإسكان تطورًا ملموسًا في الإمارات لتشمل شرائح أوسع من المجتمع. فقد اتخذت إمارة دبي، على سبيل المثال، خطوة متقدمة حين طرحت "سياسة إسكان ذوي الدخل المحدود" بهدف ردم الهوة بين فئات الدخل المختلفة. ولتحقيق هذا الهدف، تسعى الإمارة إلى التعاون مع مطوري العقارات وإعادة تطوير بعض المناطق السكنية القديمة.كما تقوم الدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي بخطوات هامة، حيث تعتزم المملكة العربية السعودية بناء مليون وحدة سكنية في إطار "رؤية السعودية 2030"، أما دولة الكويت، فقد خصصت المزيد من الأموال من أجل بناء 45.000 وحدة سكنية إضافية كجزء من خطتها الخمسية (2015-2020)، التي تهدف إلى معالجة مشكلة الإسكان في السنوات الخمس.ومن جهتها، خصصت سلطنة عُمان 90 مليون ريال عماني لمشاريع الإسكان وفقًا لما تم الإعلان عنه في الميزانية العامة للسنة المالية 2019، وبالمقابل، تستثمر البحرين على نطاق واسع في خطط الإسكان الاجتماعي المختلفة، مقدمةً أكثر من 36.000 وحدة سكنية عبر خدمات الدعم للمواطنين، بما فيها منازل وشقق وقروض سكنية وشقق بنظام "الإيجار المدعوم" وأراضي سكنية.ومن أجل سد الفجوة في السوق، يوضح التقرير أن خبراء الإسكان يؤكدون على أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتركيز على معالجة مشكلة الافتقار إلى التسهيلات الائتمانية والرهن العقاري، وإطلاق المزيد من خطط تمويل المساكن الاجتماعية، وحماية حقوق المقرضين في حال تخلف المقترض عن الدفع وذلك لتحفيز البنوك على تقديم القروض لشراء المساكن.وإلى جانب تخصيص المبالغ المالية، يشير التقرير إلى أن التركيز يمكن أن ينصب أيضًا على أمور أخرى مثل إدارة المشاريع والتخطيط السليم لمعايير الاستحقاق وحماية معايير الإسكان والشراكات مع الجهات الخاصة فيما يتعلق بالصيانة الفعالة لمجمعات الإسكان العامة.
مشاركة :