بعض النقاط والأمور في أسباب انشراح الصدور

  • 2/4/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أوجد الله الإنسان في هذه الحياة وهيأ له من الأسباب والأحوال ما يضمن له صلاح حياته الروحية والجسدية، إن هو أحسن استغلالها في جوانبها الصحيحة وعود نفسه عليها فالإنسان في الحياة بين كدح وكفاح قال تعالى: «لقد خَلَقْنا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ». فهو يكابد نفسه ويجاهد مصاعب الحياة ومشاقها وينازع الشيطان واهواءه تارة اليوم له غالب وتارة اليوم عليه مغلوب. وإن من منغصات الحياة على الروح والجسد وقل من يسلم منها (ضيق الصدر) فالناس في هذا الشأن بين مقل ومكثر والأسباب التي يحصل منها هذا الأمر كثيرة من القلق والأرق والشحناء والتعلق بالدنيا والبعد عن الله.. الخ وألخص وأجمل في هذا المقال بعض النقاط والأمور في أسباب انشراح الصدور والخلاص من ضيقها فـأكتب بالله مستعينا. أولا - التوحيد: وهو أعظم الأسباب وأكثرها تأكيدا، فقوة التوحيد والإيمان وتفويض الأمر إلى الملك الديان باعتقاد العبد بالجزم والتسليم ان الله وحده يجلب النفع ويدفع الضر لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه يعطي من يشاء ويمنع العطاء عمن يشاء، فالإنسان متى ما ادرك ذلك في خوفه ورجائه ومعاملته وسكونه وركونه وطمأنينته الى الله في تدبير أموره حصل له من انشراح صدره وانفراج امور حسيا ومعنويا قال تعالى: «وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ» . ثانيا - حسن الظن بالله تعالى: وذلك بالاستشعاري والتيقن أن الله بيده تفريج الهم وكشف الغم وبيده مقاليد كل شي فمهما استصعبت الامور وضاقت ومهما تعسرت فأن الله الذي قال بمحكم كتابه «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ» لقادر على ان يقلب الموازين وان ييسر العسير ويفرج الصعاب ويقضيها عنك عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيراً فله، وإن ظنّ شراً فله» أخرجه الإمام أحمد وابن حبان. ثالثا - كثرة الدعاء : فالله حين ينزل بنا البلاء يشتاق الى أصواتنا في المناجاة والدعاء بالإلحاح عليه والتذلل له والشكوى إليه فيرحم حالنا وقلة حيلتنا قال تعالى: «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ» . رابعا - محاسبة النفس وترك المعاصي: فعلى كل فرد ان يحاسب نفسه وينظر في حاله هل هو على خير أم على شر في أفعاله وأقواله وهل الله راض عنه، وكذلك أن يترك ويتجنب المعاصي فضيق الصدر عقوبة دنيوية من اسبابها المعاصي فكيف يطلب الانسان الراحة والسكينة من الله وهو قابع في السيئات مجرم وجاني بحق نفسه فعليه ان يتخلص من الإثم والشرور ويقبل على الله بالتوبة والغفران حتى تحصل له الغاية في انشراح صدره قال تعالى «ومَا أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ). خامسا - الصلاة وكثرة قراءة القران الكريم: فإن الصلاة في أوقاتها والمداومة على النوافل باب من ابواب السعادة في الدنيا والآخرة وقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم دائما ما ينادي بلال بن رباح حين وقت الصلاة «أرحنا بها يا بلال» لأن في الصلاة الخلاص من هموم الدنيا المحمولة على العواتق وفراغ القلب للخشوع والافتقار إلى الله سبحانه وفي قراءة القرآن الكريم وتدبره وتأمله وترتيله قضاء على ضيق الصدر ونكده ومواساة للإنسان في عز انكساره تمر الآيات عليه لحظة السماع والقراءة كالدواء على قلبه وآلامه فيتحسس لطف الله وعنايته فيه قال تعالى «ألاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ». سادسا - الإحسان إلى الخلق: إن أول المستفيدين من الإحسان هم المحسنون أنفسهم، يجنون ثمراتِه عاجلاً في نفوسهم وأخلاقهم وضمائرهم؛ فيجدون الانشراح والسكينة والطمأنينة فإذا طاف بك طائف من هم أو ألمّ بك غم فامنح غيرك معروفًا وأسدِ له جميلاً تجِد السرور والراحة، أعط محرومًا، انصر مظلومًا، أنقذ مكروبًا، أعن منكوبًا، عد مريضًا، أطعم جائعًا؛ تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك فالجزاء من جنس العمل في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» . ومن الأمور كذلك الشجاعة وسلامة القلب من الصفات المذمومة ومجالسة الصالحين الذين ينتفع المرء بصلاحهم وطيب كلامهم وحسن سمتهم والمداومة على ترديد الأذكار في الصباح والمساء للوقاية من شرور النفس وشرور الإنس والجن والشياطين والحمد لله رب العالمين.

مشاركة :