قال صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، الإثنين، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تبنى بأفعاله سباقا جديدا للتسلح النووي في أوروبا وآسيا، وذلك على خلفية تأكيد إدارته أمس الأول نيتها في الانسحاب من اتفاق نووي تاريخي كان مبرما مع الاتحاد السوفيتي السابق. واستهلت الصحيفة تقريرا لها في هذا الشأن بقولها، إن وزير الخارجية مايك بومبيو أعلن أن الولايات المتحدة ستعلق مشاركتها في معاهدة القوى النووية متوسطة المدى لعام 1987، والتي من المحتمل أن يتبعها انسحاب رسمي بعد 6 أشهر من اليوم. وأضافت الصحيفة، أن هذه الأخبار تتماشى مع ميول ترامب للانسحاب من الاتفاقات الدبلوماسية، فقد انسحب أيضا من اتفاق تجاري مهم في آسيا والمحيط الهادئ خلال الأسبوع الأول من توليه مهام منصبه، كما نسحب الولايات المتحدة بشكل مثير للجدل من الاتفاقات الدولية التي أبرمتها في عهد سلفه الرئيس باراك أوباما، ومنها اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران. وأبرزت الصحيفة عن ترامب قوله، في بيان، “إننا سنمضي قدما في تطوير خياراتنا للرد العسكري، وسنعمل مع حلف شمال الأطلسي وحلفائنا وشركائنا الآخرين على حرمان روسيا من أي ميزة عسكرية بسبب سلوكها غير القانوني.” وأشارت الصحيفة إلى أن معاهدة القوى النووية متوسطة المدى كانت ألزمت روسيا والولايات المتحدة بعدم حيازة أو تطوير أو نشر صواريخ تطلق من الأرض أو صواريخ بالستية يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر، غير أن مسؤولين أمريكيين أكدوا أن روسيا قامت لعدة سنوات بإطلاق بعض الصواريخ الجديدة من الأرض، وهو ما مثل انتهاكا لشروط الاتفاق. فيما تنفي موسكو هذه المزاعم وتتهم واشنطن بمحاولة الخروج من المعاهدة عمدا لإطلاق سباق تسلح جديد. لذلك، اعتبرت الصحيفة، أنه في حال انهار الاتفاق بين البلدين، فهذا من شأنه أن يُنهى اتفاق مثّل حجر زاوية في علاقات خصمين خاضا حربا باردة لفترة طويلة، فلأول مرة، وافق البلدان على تدمير أجزاء من ترساناتهما النووية، لذا فإن هذا الاتفاق كان عنصرا مركزيا في استراتيجية الأمن الأوروبية لأكثر من ثلاثة عقود، واعتبر التوقيع عليه لحظة حاسمة في السيطرة على الأسلحة في الحرب الباردة، والقضاء على أكثر من 2600 صاروخ وإنهاء المواجهة لمدة طويلة والتي كانت تعتمد على الصواريخ النووية في أوروبا. وبعد أكثر من ثلاثة عقود منذ التوقيع عليه، تقول إدارة ترامب إنها تستجيب للحقائق الجديدة، فإلى جانب التهديد الذي تشكله روسيا، تسعى الإدارة إلى المزيد من الخيارات في مواجهة التوسع العسكري الصيني. وقال مسئول كبير في الإدارة الأمريكية في مكالمة هاتفية مع الصحفيين الأسبوع الماضي: “إن الصين وإيران غير ملزمتين بهذه المعاهدة، ونحن لا يمكننا أن نكون البلد الوحيد المرتبط بمعاهدة”. وبالنسبة لردود الفعل، فإن حلفاء الولايات المتحدة في الناتو يدعمون النهج الصارم للإدارة الأمريكية تجاه المعاهدة، لكن المنتقدين يؤكدون أن إبقاءها على قيد الحياة سيكبح سلوك موسكو السيئ”. ويقول أنطون ترويانوفسكي، الصحفي في واشنطن بوست بمكتب موسكو: إن “منتقدي انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة يقولون إنه على الرغم من انتهاك روسيا، فإن أفضل طريقة لإبقاء الأسلحة الروسية تحت المراقبة هي التفاوض معها مع الحفاظ على المعاهدة“. والآن، تحوم أسئلة عديدة حول مستقبل معاهدة ستارت الجديدة، وهي اتفاقية منفصلة صيغت عام 2011 للحد من عدد الرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية التي تنشرها روسيا والولايات المتحدة. ومن المقرر أن تنتهي هذه المعاهدة في عام 2021، غير أن التوترات الحالية تشير إلى أن انهيارها قد يكون قاب قوسين أو أدنى. وإذا لم يتوافق البيت الأبيض والكرملين على تمديد ستارت الجديدة، فإن هذا من شأنه أن يعيد عقارب الساعة إلى حقبة كانت فيها واشنطن وموسكو تمتلكان أسلحة نووية دون قيود متفق عليها من الناحية العملية، فضلا عن المخاطرة بعودة سباق تسلح كامل على غرار الحرب الباردة، وفقا لواشنطن بوست.
مشاركة :