تهديد «القنبلة القذرة» أخطر من أن يتم تجاهلهالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو يسارا وبجانبه رئيس المؤتمر لي غانجي من إدارة السلامة النووية الوطنية الصينية خلال حفل افتتاح الاجتماع الاستثنائي الثاني للأطراف المتعاقدة على اتفاقية الأمان النووي في 27 أغسطس 2012 في فيينا (غيتي) •إنشاء أسواق سوداء ورمادية عالمية لبيع المواد المشعة والتي تتشجع المنظمات الإرهابية •ضبطت شرطة مولدوفا عينات مع مشترٍ لـ«داعش» من اليورانيومو والسيزيوم بقيمة 2.5 مليون دولار تكفي لتلويث عدد من المجمعات السكنية •حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن طهران أبلغتها باختفاء مواد نووية من مفاعل بوشهر يمكن استخدامها لصنع قنبلة قذرة واشنطن: باميلا فالك* في حين يتهيأ العالم لسباق جديد للتسلح النووي بين القوى العظمى يُبقي شيء أقل أهمية مسؤولي الأمن في جميع أنحاء العالم يقظين ليلا وهو «القنبلة القذرة». ووفقاً للخبراء، فإن احتمال وجود هذا الجهاز الإشعاعي في أيدي الإرهابيين أو المجانين حقيقي جداً ومن الصعب جداً مكافحته. تفككت التزامات العالم في مجال منع انتشار الأسلحة النووية خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. فالدول الكبيرة والصغيرة تريد الانضمام إلى تلك التي تصنع أسلحة نووية. ومن النتائج غير المقصودة لهذه النزعة إنشاء أسواق سوداء ورمادية عالمية لبيع المواد المشعة والتي تتشجع المنظمات الإرهابية مثل «داعش» لشرائها. لا تزال تكنولوجيا الكشف تواكب المشكلة، والتنسيق بين المسؤولين الدوليين والوطنيين والمحليين لمكافحة الإرهاب لا يسري كما يجب. وبالطبع، على الرغم من الهجمات الإرهابية المتكررة في العالم العربي وشمال أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة لا تزال احتمالات حصول الإرهابيين على المواد المشعة ضئيلة. ولكن حالات الوفيات الجماعية والتسمم الإشعاعي مرتفعة جدا بحيث ينبغي أن يكون منع انتشار القنبلة القذرة أولوية قصوى.إنها ليست المخاطر بل هي الرهانات في أحد التحقيقات التي أجريت في كيشيناو بمولدوفا، ضبطت الشرطة عينات من «اليورانيوم-235» و«السيزيوم-135» عندما عرض أحد المهربين على مخبرٍ كان ينتحل شخصية مشترٍ لـ«داعش» كمية من السيزيوم بقيمة 2.5 مليون دولار وتكفي لتلويث عدد من المجمعات السكنية. كانت هذه القصة واحدة مما لا يقل عن أربع محاولات جرت على مدار خمس سنوات سعت من خلالها شبكات إجرامية إلى بيع مواد مشعة لمتطرفين عبر مولدوفا، بحسب تحقيق استقصائي قامت به «أسوشييتد برس». وفي الربيع الماضي قامت المحكمة الاتحادية في نيويورك بإدانة شخص كولومبي بتهمة حيازة اليورانيوم المخصب بهدف تزويد مجموعة إرهابية مقرها أميركا الجنوبية بقنبلة قذرة لمهاجمة عسكريين أميركيين أو السفارة الأميركية. وما وجده المحققون من الإنتربول (المنظمة الدولية للشرطة الجنائية) والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومختلف وكالات الاستخبارات الوطنية أن المواد المشعة التي يمكن استخدامها لتصنيع القنبلة القذرة هي الاختيار الجديد للاتجار غير المشروع. ويقول دعاة الحظر النووي مثل ماكس تيجمارك، أستاذ الفيزياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إنه ونظرا لأن القنابل القذرة ليست قوية كالأسلحة النووية فلا يجب أن تسبب قلقا رئيسيا. ولكن المشكلة بحسب معظم مسؤولي مكافحة التجسس في الشرطة تكمن في الرهانات لا في المخاطر. على سبيل المثال، لننظر ماذا كان سيحدث لو قام مرتكبو أي هجوم من الهجمات الإرهابية على الأراضي الأميركية باستعمال قنبلة قذرة. كان على المستشفيات أن تتعامل مع أول المستجيبين للتلوث، مما يؤدي إلى التأخير في العلاج في حالات الطوارئ. وإذا استخدم الإرهابيون كميات كبيرة من المواد المشعة يمكن للهجوم أن يؤثر على عدة مجمعات سكنية حول مكان وقوع الحادث وكان الضحايا سيعانون من تأثير التسمم الإشعاعي. تجدر الإشارة إلى أن الانفصاليين الشيشان، مثل هؤلاء الذين كانوا مرتبطين بمرتكبي تفجير ماراثون بوسطن، لديهم تاريخ من التهديد ومحاولة استخدام المواد المشعة المسروقة في الهجمات الإرهابية ضد روسيا. وفي حادث وقع في 1995 أظهر أحد الانفصاليين الشيشان حاويات خلال مؤتمرٍ دولي وادّعى أنه يحتوي على «الكوبالت-60» أو «السيزيوم-37» أو «السترونتيوم-90»، ودل التلفزيون الروسي على مكان وجود حاوية من «السيزيوم-137» ادّعى أنه دفنها في حديقة إزمايلوفسكي في موسكو. وهذه الحالة بالكاد مثلت التهديد المفروض ولكن قاعدة بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية تمتلك آلاف التقارير الواردة من الدول الأعضاء بشأن المواد المشعة التي لم يعرف مصيرها بعد أو التي توجد مع الأشخاص غير المؤهلين لامتلاكها. وقال الجنرال جون هايتن قائد القيادة الاستراتيجية الأميركية أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ إنه قلق بشأن التهديدات التي تشكلها الطائرات دون طيار على المنشآت النووية الأميركية.خبير نووي يساعد عامل إنقاذ أثناء تجربة لمواجهة هجوم إرهابي بقنبلة قذرة 17 نوفمبر 2005 في كاليفورنيا. وقامت شرطة مقاطعة مارين ووكالات الإطفاء والصحة بإجراء تدريبات طارئة مشتركة لمحاكاة الرد على هجوم إرهابي محتمل (غيتي)الجني في القمقم إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية منظمة مستقلة تعمل تحت إشراف الأمم المتحدة تأسست في عام1957 بغرض تشجيع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية والحد من التسلح النووي. وللاضطلاع بهذه المهمة، تقوم بأعمال الرقابة والتفتيش والتحقيق في الدول التي لديها منشآت نووية وأصبح لديها 168 عضوا. وتهدف معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي أبرمت في 1968 إلى منع انتشار تكنولوجيا الأسلحة. وقد دخلت عدة معاهدات أخرى حيز التنفيذ في السنوات الأخيرة الماضية بما في ذلك التعديل الذي تم في 2016 لاتفاقية الحماية المادية للمواد النووية، والذي يتضمن الحماية المادية للمواد النووية في النقل الدولي بما في ذلك حماية المواد والمرافق النووية من أعمال التخريب. كان الحفاظ على جني السلاح النووي داخل القمقم معركة قاسية. ومما لا شك فيه أن انتشار الأسلحة النووية كان محدودا بعكس انتشار التكنولوجيا النووية. ومن ناحية، تستخدم الغالبية العظمى من البلدان المواد المشعة في المستشفيات لعلاج السرطان وفي الصناعة لأغراض البناء وتستخدم أيضا لأغراض البحوث. ويمكن جمع بعض هذه المواد والمتفجرات التقليدية لصنع قنبلة قذرة. ولذلك قال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو خلال كلمته أمام الدول الأعضاء في اجتماع ديسمبر (كانون الأول): «إن إرهابيين ومجرمين سيسعون إلى استغلال أي ثغرة في نظام الأمن النووي العالمي»، مؤكدا أن «كل بلد يمكن أن يصبح هدفا لهجومٍ مماثل». وقال سلف أمانو هانز بليكس خلال محادثة أثناء زيارته للأمم المتحدة إن هناك خطرا من القنابل القذرة وليس من السيزيوم فقط. فهناك الكوبالت والمواد المشعة الأخرى التي تستخدم في الصناعة وفي المستشفيات ويمكن أن تتعرض للسرقة. بالإضافة إلى ذلك فإن توافق الآراء حول حظر انتشار الأسلحة النووية يتضاءل. وأوضح ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركية في مقاله في مجلة الشؤون الخارجية أن جزءا من المشكلة هو وجود جهات فاعلة غير حكومية. والقضايا الأخرى هي انهيار الافتراضات التقليدية للسيادة والنزاع في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وانعدام الرغبة في العمل العسكري الوقائي حتى في حالة دولة مارقة خطيرة ومجهزة نوويا مثل كوريا الشمالية. ويقول البعض إن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أصبحت مهددة إذ تستخدم الدول المارقة براعتها النووية دون عواقب. ربما يكون المجتمع الدولي قد تعلم درسه مع عبد القدير خان، مخترع البرنامج النووي الباكستاني الذي اعترف ببيع تكنولوجيا القنبلة النووية إلى كوريا الشمالية وليبيا وإيران. وفي الواقع تشكل أمة معزولة وفقيرة مثل كوريا الشمالية التي يحكمها كيم جونغ أون خطرا على بيع التكنولوجيا أو المواد النووية أكبر من احتمال استخدام السلاح للتدمير الذاتي خلال تنفيذ أي هجوم. قام الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بإيصال الفكرة أثناء قمة الأمن النووي في 2016 عندما قال إن 2.000 طن من المواد النووية مخزنة حول العالم وإنها معرضة للسرقة وللانتقال عبر الحدود الوطنية وبالتالي خلق خطر حصول «داعش» أو غيرهم من المتطرفين على المواد النووية التي تشكل واحدة من أكبر التهديدات للأمن العالمي. وفي هذا الصدد، حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 بأن طهران أبلغتها باختفاء مواد نووية من مفاعل بوشهر تتضمن مادة «إريديوم-192» التي يمكن استخدامها لصنع قنبلة قذرة. وقد تم استرجاع هذه المادة فيما بعد ولكن الحادثة أكدت الحاجة إلى الأمن لا سيما في المرافق المزودة بالتكنولوجيا النووية المتقدمة. وفي حالةٍ أخرى، عندما أبلغت بغداد الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فبراير (شباط) 2016 أن مواد مشعة قد سرقت من منشأة تخزين بالقرب من مدينة البصرة. وبالفعل ووفقا لقاعدة بيانات الوكالة الدولية للحوادث والاتجار بالبشر- التي تسجل عدد حالات الاتجار غير المشروع والتي تتضمن المواد النووية والمشعة وذلك خارج نطاق الرقابة التنظيمية – أبلغت الدول المشاركة منذ يناير (كانون الثاني) 2016 عن وقوع 2.889 حادثة مؤكدة من الحيازة غير المصرح بها والأنشطة الإجرامية ذات الصلة، والسرقة أو الفقدان وغيرهما من الأنشطة والأحداث. وبلغ عدد الحوادث ذروته في أوائل التسعينات. وتلقى البنك الدولي منذ 2009 تقارير عن شحنات المعادن الخردة الملوثة باليورانيوم المخصب وهي مسألة مثيرة للقلق، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية. باختصار، إن احتمال وقوع ضربة بالقنبلة القذرة حقيقي.الحلقة الأضعف قال أمانو خلال محادثة واسعة النطاق في مكتب الوكالة في نيويورك: «المهربون دائما هم الحلقة الأضعف وهذا عملٌ مربح، لذلك من المرجح أن يتورط الذين يشاركون في الاتجار بالمخدرات أو الاتجار بالبشر في هذا العمل». وقال إن قضية الضبط في مولدوفا تعد «مثالا نموذجيا». ولذلك دربت الوكالة موظفي الجمارك وحرس الحدود وقدمت لهم معدات الكشف. ويقول أمانو إن تكنولوجيا الكشف تتحسن مع الوقت. ويضيف قائلا: «أجهزة الكشف ليست مكلفة، وبعضها يصل حجمه إلى حجم الهاتف الجوال وتكلفته نحو ألف يورو. الأجهزة الصغيرة منها ليست متطورة – يمكنك فقط معرفة ما إذا كان شخصٌ ما لديه بعض المواد النووية أو المواد المشعة – لكنه لا يزال أكثر فعالية من لا شيء؛ والأجهزة الكبيرة قادرة على تحديد طبيعة المادة ولكنها أغلى بكثير». ومن المؤسف أن كثيرا من البلدان الضعيفة لا تستخدم هذه الأدوات في كثيرٍ من الأحيان ويرجع ذلك جزئيا إلى تكلفتها ولكن في الغالب بسبب افتقارها إلى التدريب والتكنولوجيا. وقال أمانو إن للتدريب أهمية خاصة في نقاط الدخول التي يكون فيها الكشف غالبا محدودا. ومثالٌ على ذلك عند الحدود مع أوروبا من الشرق الأوسط وأوروبا الغربية. وستدفع الوكالة، في بعض الحالات تكاليف التدريب على معدات الكشف عن الإشعاع وشراءها. وفي حالات أخرى تشجع البلدان على تخصيص الأموال لهذه الغاية. تمكنت أرمينيا من تعزيز جهودها لمكافحة التهريب النووي وتطوير قدرات الطب الشرعي النووي، وذلك خلال مهمة أمنية تابعة للوكالة. أمّا أذربيجان فتلقت مساعدة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتعزيز الأمن النووي خلال دورة الألعاب الأوروبية في باكو في 2015 وتشمل القائمة مشاريع في أكثر من 36 بلدا. وقال أمانو: «نحن بحاجة لتدريب الناس على وجود هذا الخطر وينبغي أن يكونوا على دراية بالمواد النووية وبمعدات الكشف»، مطالبا بمزيد من العمل. وإذا كانت البلدان بحاجة إلى المعدات، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية توفرها لها، فضلا عن المساعدة والتدريب وتوفير غيرها من المعدات التي تعتبر جميعها ضرورية للوقاية. وتكون المرافق النووية ضعيفة أيضا داخل الحدود. فعلى سبيل المثال، أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرا عن محاولات هجوم عبر الإنترنت على منشأتين نوويتين. وكانت المحاولة الأولى من خلال خطة لـ«داعش» لاستهداف منشأة نووية بلجيكية وقد كشف عنها في 2016. سجل رجلان مرتبطان بهجمات بروكسل شريط فيديو مدته 10 ساعات ويتضمن مراقبة سرية لأحد كبار العلماء النوويين البلجيكيين على أمل استخدام تصريحه الأمني للحصول على المواد المشعة. ولم يذكر أمانو أين وقعت الهجمات الإلكترونية الثانية، لكنه قال إن التهديدات الموجهة إلى المرافق النووية أكثر صعوبة، وبالتالي تحصل أقل من التهريب. وأكد أن التهديد بالتهريب، بما في ذلك اليورانيوم عالي التخصيب، حقيقي: «سيسرقون كل ما يمكن أن يحصلوا عليه». وبالتالي، فإن مسألة مسؤولي مكافحة الإرهاب لا تقتصر على منشآت نووية ودول تمتلك أسلحة نووية. توجد مواد نووية في كثيرٍ من البلدان، بما فيها الكوبالت والسيزيوم واليورانيوم والبلوتونيوم، وتستخدم لأغراض طبية أو في الصناعة والبحوث، ويريد المهربون الحصول على هذه المواد. وبغض النظر عما إذا كان الخوف له ما يبرره، فإن بعض الأشخاص الذين يستطيعون تحمل نفقاتها يخططون لإجلائها. يقول المفوض السابق للشرطة في نيويورك ريموند كيلي الذي بدأ مع العمدة السابق مايكل بلومبرغ تطوير نظام التكنولوجيا الفائق لمراقبة مكافحة الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول): «يأتي الناس إلي لأقدم لهم المشورة حول كيفية مغادرة المدينة بسرعة». وأضاف أن هؤلاء الناس يريدون خطة ليكون لهم قاربٌ جاهز وطائرة بعد ذلك والجنسية في بلد آخر في حال حصول أي هجمة، مما يفسر ارتفاع طلبات الحصول على الجنسية المرسلة إلى نيوزيلندا.شرطي هيئة ميناء نيو جيرسي بنيويورك يراقب محتويات شاحنة تجارية عند مدخل الميناء الشرقي. ويتم فحص المركبات التجارية التي تسافر إلى مدينة نيويورك بانتظام بموجب توجيهات أمنية جديدة بالتعاون مع وزارة الأمن الداخلي خوفا من نقل مواد مشعة أو محظورة (غيتي)تسلسل العهدة كيف يمكن للعالم أن يتعامل مع تهديد القنبلة القذرة؟ تتمثل إحدى الطرق في معالجة تطوير وبيع أنظمة الكشف عن الإشعاع ذات التكنولوجيا العالية. يقوم نظام التوعية بالنطاق، الذي طورته شركة مايكروسوفت ومدينة نيويورك، بتجميع المعلومات الاستخبارية العالمية مع أجهزة الكشف عن الإشعاع المحلية والدوائر التلفزيونية المغلقة وقواعد البيانات. ويتضمن أيضا تجهيز الآلاف من ضباط الشرطة بأجهزة الكشف عن الإشعاع. وفي هذا الخصوص قال نائب مفوض المخابرات ومكافحة الإرهاب في مدينة نيويورك جون ميلر لمجلة الشؤون الخارجية: «لدينا كاشفات ثابتة تنتشر في جميع أنحاء المدينة وكلها تتصل بمركز التحكم المركزي حيث تظهر على الخرائط المرتبطة بـ9 آلاف كاميرا وقراء لوحات الترخيص». وقال كيلي إن هذا النظام الذي تم استخدامه في واشنطن وساو باولو بالبرازيل متاح في مدينة نيويورك وللحكومات الأجنبية التي تريد تراخيص له. ومن هنا يمكن للأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن توفر الوسائل للدول الأخرى للحصول على نظام التوعية بالنطاق. وقال أمانو إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعمل مع مدينة نيويورك «لتطبيق نظام مماثل في مكة المكرمة». من جانبه، قال كيلي إن ميزة هذا النظام هي أن الكاميرات وقواعد البيانات متصلة ببعضها البعض، بعكس الأنظمة في بعض المدن الأخرى مثل لندن، حيث توجد العديد من الكاميرات ولكنها غير متصلة. وأشار كيلي إلى أن معظم الموانئ الكبيرة لديها كاشفات الإشعاع وتمتلك مدينة نيويورك غواصة تذهب إلى السفن التي تأتي إلى موانئ الدخول. ولكن لا شيء مضمون، والعنصر الإشعاعي المختوم بالرصاص قد لا يتم رصده. «وهنا تكمن نقطة الضعف إذ إنه لا يمكن التحقق من كل سفينة وكل حاوية تدخل إلى المدينة». وقال هاورد استوفر الأستاذ المساعد للأمن القومي بجامعة نيوهافن، والذي عمل في الخدمة الخارجية للولايات المتحدة وكان نائب المدير التنفيذي للمديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي، إن مكتب مكافحة الإرهاب الجديد الذي اقترح إنشاءه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هو مكان جيد لوضع استراتيجية عالمية لجمع المعلومات ومكافحة التطرف العنيف. ويقترح استوفر إضافة تحليل الحمض النووي لبنك البيانات، ويقول: «إذا كان لديك تحليل الحمض النووي، لا يمكنك الاختباء. حتى بصمات الأصابع يمكن أن تكون مزيفة، ولكن ليس الحمض النووي، وبالتالي إذا كان الحمض النووي لا يطابق جواز سفر الشخص القادم إلى البلاد ستعرف أنه عليك التحقيق». وقال إن المملكة العربية السعودية قامت ببناء مختبر في جيبوتي لعلوم الطب الشرعي حتى يتمكنوا من تجنب استضافة إرهابيين قادمين على أنهم لاجئون ومن ثم يختفون من المخيمات. ربط الشبكات أيضا في غاية الأهمية. ويتعين على البلدان تبادل المعلومات والالتزام بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وإنشاء نظام وطني للإبلاغ عن الحوادث والتعاون في حالة حدوث مشاكل، وكذلك لتجريم الانتهاكات. تمتلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية قاعدة بيانات خاصة بها. ومن المفترض أن تتبادل الدول معلوماتها الخاصة مع الوكالة عند انضمامها إلى النظام. وأضاف أمانو أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية وشرطة نيويورك عملتا معاً مؤخراً. إلا أن مسؤولين في مكافحة التجسس في عدة مدن، بما فيها برلين، قالوا إن تبادل المعلومات ليس مناسباً بعد، وبعض الدول المارقة مثل كوريا الشمالية لا تسمح لهذه المنظمات بمراقبة استخدامها للمواد النووية والإشعاعية. وعلى أي حال لم تسمح كوريا الشمالية بوجود مفتشين على أراضيها منذ 1994. أما كوريا الجنوبية فتشعر بالقلق إزاء الهجوم الصاروخي النووي الفعلي الذي تقوم به كوريا الشمالية وتهريب المواد النووية من بيونغ يانغ. وعندما تحدث وزير خارجية كوريا الجنوبية يون بيونغ سي، رئيس المؤتمر الدولي للأمن النووي، في اجتماع للوكالة في ديسمبر 2016، قال إن التحديات هائلة، مشيرا إلى اعتقال المهربين الذين يحاولون بيع السيزيوم إلى «داعش» في مولدوفا، ومحاولة خرق المنشأة النووية في بروكسل، و«الهجمات الإلكترونية المكثفة على منشآتنا النووية من كوريا الشمالية». وشدد على أن التعاون الدولي يعد مفتاحاً لتعزيز الأمن النووي. وفي مثل هذه الحالات وفي حالات أخرى يمكن أن تكون الطائرات دون طيار مفيدة أيضا. ومن المعروف أن المهربين يستخدمونها ولكن يمكن لمسؤولي الأمن أيضا توظيفها للكشف عن المواد النووية. والمدن في الولايات المتحدة تقوم بذلك بالفعل. وقال أمانو: «إذا كنت تستخدم الطائرات دون طيار للتحليق فوق المنطقة التي تشك بها يمكنك الكشف عن مكان وجود مصدر نووي أو مشع». وأخيرا، فإن تجريم حيازة المواد المستخدمة لتصنيع القنابل القذرة أمر حتمي. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، جعل قانون القنبلة القذرة الاتحادي لعام 2004 من غير القانوني لأي شخص إنتاج أو نقل أو استيراد أي سلاح مصمم لإطلاق الإشعاع أو النشاط الإشعاعي. وقد أُصدرت الإدانة الأولى بموجب النظام الأساسي في ديسمبر 2016. إذا حصل العالم على نظام الوقاية الصحيح من خلال تبادل المعلومات الاستخبارية والقيام بأفضل الممارسات الأمنية وإعادة الالتزام بعدم انتشار الأسلحة النووية، ربما لن تكون هناك محاولة أخرى. * باميلا فالك: مراسلة الأمم المتحدة ومحللة الشؤون الخارجية في أخبار «سي بي إس».
مشاركة :