سيطرت «اللجان الشعبية» الموالية للرئيس اليمني المستقيل عبدربه منصور هادي على منشآت حكومية ومقار أمنية في عدن (كبرى مدن الجنوب) وأبين، فيما احتدمت المواجهات في محافظة البيضاء بين جماعة الحوثيين ومسلحي القبائل الذين يدعمهم عناصر من تنظيم «القاعدة»، وسقطت غالبية مواقع الجيش اليمني في محافظة شبوة في قبضة التنظيم. وتواصل زخم التظاهرات الرافضة لانقلاب الحوثيين على الشرعية. في غضون ذلك، رفض أعضاء البرلمان أمس حضور اجتماع في القصر الجمهوري في صنعاء دعا إليه رئيس «اللجنة الثورية» للجماعة محمد علي الحوثي الذي يمارس صلاحياته كرئيس للجمهورية، وذلك غداة تعيينه لجنة من 15 شخصاً برئاسته تتولى مهمات إدارة سلطات الدولة الأمنية والمدنية. وكان مجلس الأمن تبنى بياناً في وقت متقدم ليل الأحد، يشدد على تراجع الحوثيين عن خطواتهم التصعيدية وانسحابهم من مؤسسات الدولة، ورفع الإقامة الجبرية عن هادي وسواه من المسؤولين. وفي أول رد رسمي للجماعة على قرار المجلس، هاجمت اللجنة الثورية التابعة لها أمس مواقف دول مجلس التعاون الخليجي من الأزمة اليمنية ووصفتها بأنها «متشددة ومتشنجة وسلبية». وثمنت اللجنة في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية (سبأ) الموقف الروسي والصيني معتبرة إياه إيجابياً. ودعت مجلس الأمن «إلى احترام إرادة الشعب اليمني وسيادته، وتحري الدقة والموضوعية، وعدم الاستناد إلى المصادر المضللة، والانجرار وراء قوى إقليمية تسعى جاهدة إلى إلغاء إرادة الشعب اليمني». وعلمت «الحياة» أن تسعة نواب في البرلمان فقط من 301 حضروا أمس الاجتماع الذي دعا إليه الحوثي للتشاور، ما يُعتبر «صفعة موجعة» للجماعة التي تسعى إلى فرض تنفيذ «إعلان دستوري» أصدرته قبل عشرة أيام، وقضى بحل البرلمان وتشكيل مجلس وطني ومجلس رئاسي لمدة عامين. ميدانياً، أفاقت محافظة عدن أمس على سيطرة «اللجان الشعبية» الجنوبية على مقار حكومية ومنشآت أمنية، ومبنى التلفزيون والإذاعة ومقار المخابرات والسلطة المحلية في عدد من مديريات المحافظة، بعد اشتباكات عنيفة بين مسلحي «اللجان» وقوات الأمن الخاصة التي يتهم قائدها بولائه للحوثيين. وروى شهود لـ «الحياة» أن مئات المسلحين توافدوا إلى عدن من محافظة أبين المجاورة التي ينتمي إليها الرئيس المستقيل، وخاضوا حرب شوارع مع قوات الأمن في عدد من الأحياء ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين. وامتدت عمليات «اللجان» إلى محافظة أبين حيث سيطر عناصرها على معسكر قوات الأمن الخاصة. ويُعتقد بأن مسلحي «اللجان» التي شكلتها وزارة الدفاع لمساندة الجيش في مواجهة تنظيم «القاعدة» عام 2012 تحت قيادة عبد اللطيف السيد، موالون الآن للرئيس هادي وشقيقه ناصر منصور الذي يرأس جهاز الأمن السياسي (المخابرات) في عدن وأبين ولحج، ويحاولون من خلال السيطرة على عدن قطع الطريق أمام جماعة الحوثيين المتوثبة لإحكام قبضتها على جنوب اليمن». وأكدت مصادر أمنية وقبلية في محافظة شبوة الجنوبية لـ «الحياة»، أن غالبية مناطق المحافظة باتت في قبضة «القاعدة» بعد تمكن التنظيم من السيطرة على معظم مواقع الجيش ومعسكراته، بما فيها «كتيبة الدفاع الجوي» التي سلمت عتادها إلى مسلحي التنظيم أول من أمس، وانسحب أفرادها بأسلحتهم الشخصية بعد وساطة قبلية. وفي مدينة إب (170 كلم جنوب صنعاء) فضّ مسلحون حوثيون أمس لليوم الرابع على التوالي، تظاهرة في المدينة خرجت للتنديد بانقلاب الجماعة على العملية الانتقالية واحتلالها المدن وخَطْفِ مناهضين وتعذيبهم. وسجلت عشرات الإصابات بالرصاص الحي في صفوف المتظاهرين، في وقت أكد ناشطون دهم الحوثيين منازل واعتقال ناشطين. وجاءت هذه التطورات مع توقف المفاوضات التي يرعاها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر بين الجماعة والأطراف السياسية، إثر تعذّر التوصل إلى اتفاق، في حين قرر حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الرئيس السابق علي صالح «الوقوف إلى جانب الإجماع الوطني في ترتيب أوضاع السلطتين التشريعية والرئاسية، أياً تكن نتائجه، طالما عبّر عن رأي الغالبية وتأييد ما ستخرج به الأحزاب والقوى السياسية والإجماع الوطني». وأفادت وكالة «رويترز» بأن حزب المؤتمر سحب اعتراضه على قرار الحوثيين حل البرلمان.
مشاركة :