كرست أكثر من 60 عاما من حياتها للبحث عن قاتل زوجها المناضل الشيوعي الفرنسي موريس أودان المنضم لصفوف جبهة التحرير الوطني الجزائرية خلال فترة الاستعمار الفرنسي، رحلت جوزيت أودان أيقونة النضال الجزارئية ، السبت، عن عمر يناهز 87 عاما بعدما أجبرت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الاعتراف بمسئولية فرنسا عن مقتل زوجها استاذ الرياضيات الذي ناضل من أجل استقلال الجزائر..جوزيت فقدت أثر زوجها في يونيو 1957 بعد القبض عليه من منزله في وسط العاصمة الجزائر، واقتاده الجيش الفرنسي بالقوة إلى مبنى مهجور في حي الأبيار بأعالي المدينة إلا أنه لم يعد بعد ذلك، وعقب 10 أيام من اختفائه ، تلقت أودان مكالمة من قائد بالجيش الفرنسي مفادها أن زوجها فر من قبضة الجيش أثناء نقله إلى مكان آخر.طوال السنوات الماضية لم تفقد جوزيت الأمل في معرفة قاتل زوجها، إذ بعثت برسائل لكافة رؤساء فرنسا وحاولت جمع المعلومات والدلائل للكشف عن ظروف اغتيال زوجها حيث كان شابا لايتعدى الـ25 عاما. عقب أعوام من النضال نجحت جوزيت في انتزاع اعتراف رسمي من فرنسا بقتل زوجها موريس، ففي سبتمبر 2018 زار ماكرون السيدة في منزلها بباريس واعترف مسؤولية فرنسا عن مقتل موريس أودان على يد الجيش الفرنسي، كما أكد أن فرنسا أسست لنظام يلجأ إلى التعذيب خلال حرب التحرير الجزائرية من خلال اللجوء إلى تعذيب الجزائريين وكافة الأشخاص الداعمين لاستقلال هذا البلد.اعتبرت جوزيت هذا الاعتراف من قبل ماكرون بمثابة انتصار سياسي رغم مرور أكثر من 60 عاما على مقتل زوجها، وفتح هذا الاعتراف الباب لفتح الأرشيف المتعلق بقضايا اختفاء مدنيين وعسكريين فرنسيين وجزائريين، حيث لا تزال حرب الجزائر إحدى الملفات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ فرنسا الاستعماري.وقال بنجمان ستورا المؤرخ الفرنسي وقتها إن "تصريح ماكرون يدخل في إطار الاعترافات التاريخية لفرنسا مثل اعتراف الرئيس السابق جاك شيراك بمسئولية بلاده في قضية مداهمة فال ديف التي استهدفت اليهود الفرنسيين في 1942"، بينما قالت المؤرخة رفاييل بلانش"الآن لن يكون ممكنا إنكار استخدام التعذيب في الجزائر".واعتبرت الجزائر تصريحات ماكرون خطوة في صالحها بعد انتظارها لسنوات أي اعتراف رسمي من باريس عن جرائمها بحق الجزائريين، وعقب وفاتها، ثمن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة نضال جوزيت اودان قائلا "ببالغ الحزن والأسى، تلقيت نبأ وفاة المناضلة من الرعيل الأول ضد الاستعمار، جوزيت أودان"، معلنا تأثره بوفاة "السيدة العظيمة" التي خاضت طوال حياتها معركة دون هوادة لإظهار الحق حول اغتيال زوجها وتعرضه للتعذيب إبان حرب التحرير الوطني.وأضاف في برقية تعزية الى عائلة جوزيت "ستحفظ لها ذاكرتنا أبد الدهر شجاعتها وإصرارها وقوة قناعاتها والتزاماتها"، أما السفير الجزائري في فرنسا أكد أن المناضلة جوزيت أودان مثل زوجها كرست حياتها للدفاع عن الجزائر ولمساندة شعبها في وجه المستعمر، مقدما تعازيه الخالصة وتعاطفه العميق مع عائلة الفقيدة.
مشاركة :