منتدى مستثمرين في باريس يرجح نهاية العملات المشفرة

  • 2/5/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لندن – أجمع مشاركون في مؤتمر استثماري عقد في العاصمة الفرنسية على أن حمى العملات الرقمية المشفرة انتهت بالفعل، بعد أن لاحت إمكانية خنقها من السلطات المالية الكبرى لمنع تهديدها للنظام المالي العالمي. وقالت وكالة بلومبيرغ الأميركية للأنباء الاقتصادية إن تلك الخلاصة ظهرت في منتدى التكنولوجيا المالية “فينتيك” وشارك فيه أكثر 3 آلاف من أبرز رجال الأعمال والمستثمرين والمصرفيين والمراقبين الماليين في العالم. ويعد المنتدى الذي عقد الأسبوع الماضي في قصر برونجيارت الكلاسيكي الحديث في باريس، المقر السابق للبورصة الفرنسية، أحد أكبر التجمعات السنوية لقطاع المال والأعمال في أوروبا. وحظي الجدل بشأن مستقبل العملات الرقمية بالنصيب الأكبر من الجلسات النقاشية عن تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية المشفرة، بعد الارتفاع الهائل الذي سجلته تلك العملات في عام 2017 ثم الانهيار الكبير خلال الاثني عشر شهرا الماضية. وتحركت بتكوين التي تمثل وحدها أكثر من ثلثي قيمة العملات المشفرة في العالم عند نحو 3400 دولار بانخفاض يزيد على 85 بالمئة عن أعلى مستوياتها في بداية العام الماضي حين قاربت نحو 20 ألف دولار. وبلغت خسائر جميع العملات الأخرى أكثر من 90 بالمئة خلال تلك الفترة. ورغم أن ذلك الانخفاض لا يزال يقل كثيرا عن المكاسب الهائلة التي حققتها في عام 2017، إلا أن معظم الخبراء يعتقدون أن الأسس التي تقوم عليها تزعزعت إلى حد بعيد وأنها من المستبعد أن تستعيد الثقة التي كانت تتمتع بها. وتراجع إقبال الأفراد على العملات الرقمية بشكل كبير، إضافة إلى تراجع عدد الشركات التجارية التي تقبل الدفع بتلك العملات. في بداية العام الماضي لم يكن أحد يتخيل إمكانية إيقاف زحف العملات الرقمية، رغم أنها كانت تنذر بتقويض نفوذ السلطات المالية ودور المصارف المركزية للدول وما يمكن أن يتبع ذلك من زعزعة للاستقرار العالمي. وكان جميع المحللين يرجحون مواصلة انتشارها مهما بلغت العقبات التي تعترض طريقها ومهما اتخذت السلطات من إجراءات ضدها. وجاءت بوادر أزمة العملات الافتراضية من تحذيرات الكثير من البنوك المركزية حول العالم، وبضمنها بنوك مركزية عربية، من التعامل بالعملات الافتراضية، لما لها من مخاطر على أموال المستثمرين فيها، لكن ذلك لم يكن كافيا لتفجير فقاعتها. وجاءت الضربة الحاسمة في فبراير حين قررت مصارف أميركية وبريطانية منع شراء العملة الرقمية وبيعها باستخدام بطاقات الائتمان، وهو ما أظهر إمكانية خنقها وحصر تداولها في أقبية سرية محدودة إذا ما امتد الإجراء إلى المصارف في أنحاء العالم. ويمكن لتلك الخطوة أن تبعد ملايين الأشخاص عن التعامل بالعملات الرقمية لعدم قدرتهم على شرائها وبيعها الأمر الذي يقلص مساحة تداولها بدرجة كبيرة. وتقول بلومبيرغ إن خلاصة آراء المشاركين في منتدى فينتيك تشير إلى أن تكنولوجيا العملات المشفرة قد لا تكون جاهزة للانتشار في صناعة المال التي تعتمد على التنظيم المحكم وسلطة الرقابة الحكومية. وأضافت الوكالة أن المشاركين في المؤتمر ركزوا على العودة إلى الأساسيات المصرفية التقليدية. وتشير التقديرات إلى أن القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية لم تشكل حتى في ذروة صعودها أي نسبة تذكر من حجم النظام المصرفي العالمي حين بلغت نحو 600 مليار دولار مقارنة بتداول عشرات تريليونات الدولارات يوميا عبر النظام المالي الرسمي. وقد تضاءلت قيمتها بعد الانحدار السريع لتصل إلى نحو 100 مليار دولار فقط في الوقت الحالي رغم وجود عشرات العملات في التداول ومئات أخرى في مراحل مختلفة من محاولات الإصدار. وتزعزعت الثقة بتلك العملات بدرجة كبيرة بسبب مخاوف من أن تمتد خطوة المصارف الأميركية والبريطانية إلى دول أخرى مثل الاتحاد الأوروبي ودول معارضة أساسا لاستخدام العملات الرقمية مثل الصين ومعظم دول الشرق الأوسط. وقد تتلقف حكومات الدول الكبرى هذه الهدية المفاجئة بعد أن كانت خائفة من تقويض النظام المصرفي العالمي إذا ما تراجع النفوذ المالي للمصارف المركزية، الأمر الذي يهدد بانهيار الدول في المستقبل. وتعد السلطة النقدية أبرز أدوات الدول التي تمكنها من إدارة وتنظيم النشاطات الاقتصادية، ومن دونها يمكن أن تنهار سلطاتها وتعم الفوضى إذا ما تقلصت العوائد المالية للحكومات. ويمكن أن تضغط الدول الكبرى على جميع دول العالم لفرض منع استخدام البطاقات الائتمانية في شراء وبيع العملات الرقمية وهو ما سيحرمها من معظم المتعاملين ويبقي قيمتها حبيسة في أقبية سرية. ولا تملك العملات الرقمية الحالية رقما متسلسلا ولا تخضع لسيطرة الحكومات والبنوك المركزية كالعملات التقليدية، بل يتم التعامل بها فقط عبر شبكة الإنترنت، دون وجود فيزيائي لها. وقد تلقفت المصارف المركزية مأزق العملات المشفرة وبدأ الكثير منها باتخاذ خطوات لإصدار عملات رقمية تخضع هذه المرة لرقابة السلطات المالية الحكومية لتظهر ملامح عصر مالي جديد تتلاشي فيه العملات التقليدية.

مشاركة :