تسارعت وتيرة استحواذ المستثمرين الصينيين على الشركات السويسرية في 2018، إذ تضاعفت تقريبا في غضون الـ 12 شهرا الماضية، لترتفع إلى 13 في المائة مقابل 7 في المائة في 2017، و11 في المائة في 2016، و5 في المائة في 2015. وأكدت مجموعة "أرنست يونج" للاستشارات والتدقيق والمحاسبة في دراسة لها اليوم الثلاثاء، أنه بالرغم من ذلك التسارع إلا أن المستثمرين الصينيين قلصوا الهجوم على أوروبا خلال العام الماضي. وكانت شركة "بالي" الشهيرة لصناعة الأحذية ذات العلامة التجارية الرمزية التي تشير إلى عراقة الشركات السويسرية، قد سقطت في جيب مجموعة "شاندونج رويي" في شباط (فبراير) 2018. وورد أيضا في قائمة الشركات السويسرية التي ترفع العلم الصيني الآن، كل من: "ميركويرا إنيرجي" (متخصصة في تجارة الطاقة العالمية من ضمنها النفط الخام والمشتقات النفطية المصفاة)، "سويس إيدوك" (تحالف من خمس مؤسسات تعليمية سويسرية منفصلة تعمل في مجال التدريب على الفندقة). كما شمل الاستحواذ شركة أنتي كواريوم مانجمنت (أول دار متخصصة في بيع الساعات الفاخرة بالمزاد، لها فروع في عشر مدن عالمية رئيسة)، "أس دي أج" (متخصصة في إدارة الفنادق السويسرية الفخمة)، "فيوستر" (متخصصة في إنتاج وتوزيع أفلام الفيديو والتلفزيون)، "ليستا" (متخصصة في إنتاج المواد المعدنية وكل ما تحتاجه المصانع)، "تاكيدا كرومو" (متخصصة في تقديم خدمات الاستثمار). كما انضمت شركة أرنست بوريل (شركة صناعة ساعات أرنست بوريل الفاخرة)، و"جرانيت كابيتال" (متخصصة في تشييد العقارات والاستثمار فيها)، و"تكنوسوفت موشن" (لصناعة كل ما يتعلق بأجهزة الحاسوب)، و"أس داتاواي" (للصناعات الإلكترونية، والبرمجة، وخدمات الحاسوب)، "أم أي ميد أليانس" (معنية بالأنشطة المتعلقة بجميع الأجهزة الطبية) إلى مستثمرين صينيين أخيرا. وفي مجال المقارنة، تقول الدراسة إن عدد معاملات المستثمرين الصينيين (الاستحواذات والأسهم) على مستوى الشركات السويسرية قد زاد بأكثر من الضعف في 2016 نتيجة للاندفاع الصيني الذي شهدته أوروبا في ذلك العام، فيما استثمر الصينيون في 2016 نحو 86 مليار دولار في القارة القديمة، كان أكثر من نصفها في سويسرا. وفي الواقع، بلغ عدد عمليات الاستحواذ في الشركات الأوروبية في 2016 - 309 شركات بقيمة 42 مليار دولار، لكن 44 مليار دولار ذهبت وحدها للاستيلاء على شركة سينجنتا السويسرية من قبل "كيم جاينا"، وهو رقم مثل وحده أكثر من 95 في المائة من الحجم الإجمالي لـ 45.8 مليار دولار القادمة من المستثمرين الصينيين في بلاد المصارف ذلك العام. واحتلت ألمانيا المرتبة الأولى في عدد الاستحواذ الصيني على المؤسسات الألمانية بـ 68 استحواذا، تليها بريطانيا (47)، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، ثم سويسرا في المرتبة السادسة. لكن الآية انقلبت في 2018، فمقابل هذا الاستحواذ الصيني القوي في سويسرا في 2018، تراجع الإتجاه في أوروبا العام الماضي، حيث أخذت الشركات الصينية في مضاعفة الحيطة أو عرقلة حماسها في أوروبا، فقد انخفض عدد المعاملات بنسبة 21 في المائة، وكذلك قيمة الشركات التي تم الاستحواذ عليها في حدود 46 في المائة إلى 31.2 مليار دولار، وفقا لـ"أرنست يونج". ويتمتع المستثمرون في "إمبراطورية الوسط" حاليا بامتيازات في ألمانيا، وبريطانيا، وإيطاليا، وفرنسا، حسب هذه المؤسسة الاقتصادية الاستشارية. ويقول، يي سون، المتخصص في الشؤون الصينية لدى "أرنست يونج" أن "أنشطة المعاملات انخفضت في أوروبا لمدة خمسة فصول متتالية". ويرجع ذلك إلى رغبة الحكومة الصينية للحد من التدفق المفرط لرأس المال من البلاد والانكماش الاقتصادي الصيني. وحسب التقرير تراجع معدل استثمار الصينيين في شركات أوروبية إلى 31 مليار دولار خلال العام الماضي، أي أقل مما كان عليه في عام 2017 بمقدار النصف تقريبا. وظلت ألمانيا مع بريطانيا هدفا رئيسا لمستثمرين صينيين في عام 2018، إلا أن حجم استثماراتها في ألمانيا تراجع أيضا بما يزيد على الخمس، حيث بلغ 11 مليار دولار فقط. من جانبها ناشدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الصين تحمل مزيد من المسؤولية في العالم أيضا في ظل تطلعها العالمي المتزايد. وقالت ميركل خلال نقاش مع طلاب في جامعة كيئو في العاصمة اليابانية طوكيو أمس إنه "سيتعين على الصين الاضطلاع بقدر أكبر من المسؤولية عن نظام عالمي سلمي". يشار إلى أن جامعة كيئو هي أحد أبرز الجامعات الخاصة في اليابان ذات توجه عالمي قوي. وفي النقاش حول عملاق الاتصالات الصينية "هواوي"، قالت المستشارة الألمانية إنه يجب التحدث مع الصين عن "ألا تسلم الشركة ببساطة البيانات التي يتم استخدامها للحكومة، ولكن يجب أن يحصل المرء على ضمانات في هذا الشأن"، مؤكدة أنه يجب مناقشة هذه القضايا. وشددت ميركل في اليوم الثاني من زيارتها لليابان على أنه يجب العثور على سبل في الصين تحقق التعامل مع الملكية الفكرية "بعناية ونزاهة"، وقالت: "كلما كانت الصين مهيمنة وأكثر تطورا من الناحية الاقتصادية، ازدادت المتطلبات على الصين في هذه القطاعات". وأوضحت أن هناك رغبة من الجانب الأوروبي في التوضيح للصين "أننا نحتاج لمعاملة بالمثل في العلاقات"، مؤكدة أن هناك رغبة في العمل مع الصين "على قدم المساواة
مشاركة :