تعددت وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي في الوقت الراهن، فالمكالمات الصوتية والمرئية والاتصال عبر "الانترنت" قربت البعيد وأتاحت الفرصة للآباء لمشاهدة أبنائهم ممن يعيشون في بلاد الغربة للدراسة، حيث بات بإمكان الطرفين التواصل بشكل مباشر بالصوت والصورة في أي مكان في العالم دون أيّ اعتبار للقيمة المادية لأجور المكالمات الهاتفية التي كانت في السابق السبيل الوحيد في هذا المجال، فكل ما يحتاجه الشخص هنا هو جهاز كمبيوتر وإنترنت وبرنامج اتصال، ومن هذه البرامج برنامج ال "ماسنجر" وبرنامج "سكايب"، وغيرها من البرامج الحديثة، واللافت أنَّ هذه الوسائل نجحت بشكلٍ كبير في اختزال المسافات العاطفية والفكرية وقرّبت الناس من بعضهم البعض، فليس هناك عزيز تفارقه أو بعيد تنأى عنه طالما كانت برامج التواصل" متاحة للجميع بالمجان. ومع هذا التطور الهائل في عالم الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة تعيش أمهات المبتعثين ممَّن فارقن أبناءهن، سواء لظروف العمل أو الدراسة خارج حدود الوطن لحظات جميلة خفَّفت كثيراً من ألم الشوق والغربة، حيث تقضي هؤلاء الأمهات ساعات طوال في التواصل مع الأبناء بالصوت والصورة في جو تسوده عاطفة الأمومة. مساهمة فاعلة وقالت "موضي السديس": "ساهمت بعض البرامج الإلكترونية مساهمة فاعلة جداً في هذا المجال، حيث نشعر من خلالها أنَّنا برفقة أبنائنا ممَّن يعيشون في بلاد الغربة، فمن تجربة شخصية أستطيع أن أؤكد على أنَّه كلما أصابتني ضيقة الصدر وخنقتني العبرة على فراق وبعد ولدي عنّي فإنَّني أستطيع بضغطة زر على أحد هذه البرامج أن أتواصل معه، وبالتالي يزول كل شيء وينشرح صدري". وأضافت أنَّها تستطيع حينها الحديث مع ابنها، حيث تتكلم معه وكأنه معها على طاولة واحدة، مُشيرةً إلى أنَّ هذه البرامج نجحت في تقريب البعيد وجعلت الشخص يرى كل شيء على طبيعته، موضحةً أنَّها تطلب من ابنها في بعض الأحيان أن يجلب معه حينما يعود إلى الوطن بعض الأغراض والهدايا الشخصية، مُبيّنةً أنَّه يعمل على عرضها أمامها من خلال هذه البرامج لمشاهدتها واعتمادها. مكالمات هاتفية وأكَّدت "أم فيصل" على أنَّ هذه البرامج أصبحت تشكل وسيلة اتصال قوية، حيث جمعتها بمن تحب من أقاربها رغم بعد المسافات، موضحةً أنَّ ذلك أتاح لها مشاهدتهم مباشرة رأي العين للعين، مُشيرةً إلى أنَّ أهم ما يميز هذا النوع من التواصل أنَّه لا يتطلب دفع مبالغ مالية، مُبيّنةً أنَّ هذا هو عكس ما هو عليه الحال بالنسبة للمكالمات الهاتفية التي كانت تجعلهم لا يتواصلون مع بعضهم إلاَّ على فترات متباعدة. شعور صعب وبيَّنت "أم عبدالعزيز" أنَّ شعورها حينما سافر ابنها للدراسة خارج المملكة كان شعور صعب لا يمكن وصفه، خصوصاً أنَّه سيبتعد عنها سنوات طويلة، كما أنَّه يُعدّ أول ابن لها يدرس خارج المملكة، مُضيفةً أنَّها كانت خائفة عليه بشكل لا يعقل، بيد أنَّها استودعته الله –عزَّ وجل- ودعته -سبحانه وتعالى- أن يحفظه لها، مُشيرةً إلى أنَّ التواصل التقني من خلال "ماسنجر" و"سكايب" خفف من وطأة الغربة والشوق لدى ابنها. وأضافت أنَّ أهم ما يميز هذه البرامج أنَّها مجانية ويتم التواصل عن طريقها بمجرد الحصول على خدمة "واي فاي"، لافتةً إلى أنَّ اختلاف التوقيت في المملكة عنه في أمريكا يمثّل مشكلة لها في بعض الأحيان حينما تشتاق لابنها وترغب في التواصل معه. مراقبة المحادثات وأشارت "بدرية أحمد" إلى أنَّ برامج التواصل التقنية خففت معاناتها كثيراً، موضحةً أنَّ والدتها كانت في حالة من الحزن حينما سافر شقيقها لإكمال دراسته خارج المملكة، مُضيفةً أنَّ برامج "تانقو" و"ماسنجر" غيرت نفسيتها إلى الأفضل حيث أصبحت تتحدث معه وتشاهده يومياً بجميع حالاته، مُبيّنةً أنَّ السلبية الوحيدة هنا هي خشيتها من المراقبة أو التجسس على المحادثات، إلى جانب أنَّ الاتصال يكون في بعض الأحيان ضعيفاً؛ ممَّا يؤدي إلى عدم وضوح الصورة. وأوضحت "سارة الشيباني" أنَّها كانت تظن في بداية الأمر أنَّها لن تتمكن هي وأفراد أسرتها من التواصل مع ابنهم الذي يدرس في الخارج بشكلٍ دائم، مُضيفةً أنَّه فاجأهم حينما سافر أنَّه يتحدث معهم مباشرةً عن طريق برامج "تانقو" و"سكايب"، مُشيرةً إلى أنَّهم شعروا جميعاً حينها بالراحة وأصبح هناك تواصل بين الطرفين بشكل شبه يومي، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على نفسياتهم جميعاً، لافتةً إلى أنَّ السلبي في الأمر هو أنَّ الصوت لا يكون واضحاً في بعض الأحيان. وأيَّدتها الرأي "فايزة العطوي"، مستشهدة بتجربتها الشخصية لبرنامج "سكايب"، مُضيفةً أنَّه خفف عليها ألم الاشتياق لابنتها التي تكمل دراستها خارج المملكة، مُشيرةً إلى أنَّها تتواصل معها وتطمئن عليها بشكلٍ يومي عن طريق هذا البرنامج. ألم الفراق ولفتت "عواطف المطلق" إلى أنَّ هذه البرامج الحديثة خففت كثيراً من ألم الغربة والشوق والحنين، مُضيفةً: "حينما سافرت ابنتي إلى الخارج لمواصلة الدراسة هناك كنت في حالة من الحزن والشوق لا أُحسد عليها، كما أنَّ دمعتي كانت لا تفارق عينيّ معظم الوقت، خصوصاً في الشهر الأول"، مُضيفةً أنَّها بعد أن استأجرت سكنا خاصا بها وأخبرتها أنَّ بإمكانها التواصل معها ومشاهدتها رأي العين بالصوت والصورة لم تستوعب في بداية الأمر. وأضافت أنَّها كانت تتوقع أنَّ ابنتها تمازحها حينها، أو أنَّها تحاول أن تُخفّف عنها شيئاً من ألم الفراق، بيد أنَّ ذلك زال كله بمجرد أن طلبت منها تحميل برنامج "سكايب" والتواصل معها عن طريقه، حيث كانت المفاجأة أنَّها شاهدت ابنتها وكأنَّها معها داخل المنزل. أجواء عائلية وبيّنت "سميرة القبلي" أنَّها تمكنت من خلال هذه البرامج المتطورة مشاهدة جميع أفراد الأسرة التي كان يسكن ابنها معهم في بريطانيا، مُضيفةً أنَّها طلبت منه مشاهدتهم من باب الحرص عليه، بل تمَّ التعارف بين الأسرتين من خلال الاتصال المرئي، لافتةً أنّ هذا هو من نعم الله –عزّ وجل- أن يكون الأبناء في شرق أو غرب العالم ويتواصلون مع ذويهم مباشرةً يأخذون أخبارهم في أجواء عائلية وبخصوصية تامة. أمور سلبية وأشارت "فاتن الشمري" إلى أنَّ ابنها يدرس حالياً في ماليزيا، مُضيفةً أنَّها تتابع أخباره وتحركاته عن طريق برنامج "سكايب"، مُضيفةً: "الحمد لله على هذه التكنولوجيا المتطورة التي خدمت الجميع، فمهما كان الشخص يقيم في أيّ مكان بالعالم، فإنَّه يستطيع التواصل مع الغير بالصوت والصورة"، موضحةً أنَّ مفهوم الغربة قد تغيّر عمَّا كان عليه في السابق، لافتةً إلى أنَّ هذه البرامج الحديثة أدخلت السرور والبهجة في نفوس المغتربين وأسرهم. وقالت "زهور البلوى": "تمكنت بفضل الله ثمَّ ببرنامج (سكايب) من تغيير مقر سكن ابني الذي يدرس حالياً في بريطانيا"، مُضيفةً أنَّه كان يعيش مع أسرة لم يعجبها أفرادها فيما يتعلّق بطريقة حياتهم، موضحةً أنَّها طلبت منه أن يريها أفراد تلك الأسرة وكيفية ممارستهم لحياتهم اليومية، وعندما أحست أنَّ لديهم بعض الأمور السلبية التي قد تؤثر على ابنها طلبت منه على الفور تغيير هذه الأسرة والبحث عن أسرة أخرى. متابعة الأبناء وأوضحت "منال الجاسر" أنَّ هذه البرامج خدمت الأمهات في متابعه الأبناء والتواصل معهم في أيّ مكان، إلاَّ أنَّها قد تؤثر في حياة الأبناء ودراستهم، فمن خلال مشاهدة الابن أو البنت للأم أو أحد أفراد الأسرة، فإنَّه قد يتغلب عليهم الحنين ويشتاقوا لمنزلهم وأهلهم، خصوصاً صغار السن الذين لم يعتادوا فراق أسرهم، ممَّا ينعكس على تحصيلهم الدراسي بشكلٍ سلبي ويشغل تفكيرهم. ولفتت "أم رغد" إلى أنَّها تمكنت من مشاهدة حفل خطبة ابنتها الصغرى في الوقت الذي كانت فيه ترافق ابنتها الكبرى في أستراليا، مُضيفةً أنَّ ذلك تمَّ عن طريق برنامج "سكايب"، وذلك بعد أن فقدت فرصة الحضور للمملكة بسبب فترة الامتحانات هناك، إلى جانب صعوبة توفر الحجوزات التي تناسبها، حيث طلبت من أبنائها نقل مراسم حفلة الخطبة لها عبر هذا البرنامج حيث عاشت الأجواء الاحتفالية وكأنَّها بينهم. علاج نفسي وانتقدت "سهى الغصن" من يتذمر من متابعة الأمهات لحياة الأبناء عبر هذه البرامج، وكيف أنَّها أصبحت وسيلة متابعة أو تدخل في حياتهم، مُضيفةً: "الابن أو البنت في الخارج يعيشون في غربة وفراق للعائلة وأجوائها، لذلك يحتاجون للتواجد النفسي مع الأسرة"، موضحةً أنَّ اعتبار أنَّ هذه البرامج تُعدّ تدخلا في حياة الأبناء أو أنَّها تزعجهم أمر خاطئ، لافتةً إلى أنَّ الأمر بالنسبة لها هو بمثابة علاج نفسي لهم. وأكَّدت "مها عبدالخالق" على أنَّها استطاعت تعليم ابنها الطبخ عن طريق برنامج "سكايب"، مُشيرةً إلى أنَّه كان يطلب منها أن تعلّمه طريقة طبخ إحدى الأكلات التي كان يحبها عندما كان معهم في المنزل بين أسرته، مُبيّنةً أنَّها شرحت له الطريقة فيما كان هو يطبّق التعليمات بشكلٍ عمليّ داخل المطبخ هناك.
مشاركة :