سعدت كما سعد غيري من المواطنين، بعد أن تلقيت الخبر الذي يفيد بأن مجلس الشورى قرر مخاطبة من يمثلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما فعل -من قبل- الرائد المميز وزير التجارة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة. وقيام مجلس الشورى بهذه الخطوة، يترجم صدق مقولة الفيلسوف أرسطو التي جاءت في كتابه (السياسة) منذ حوالي القرن السادس قبل الميلاد، ومفادها أن الانسان كائن اجتماعي، أي يتفاعل مع مجتمعه، يأخذ منه ويعطيه، ولعل أعضاء المجلس تنبهوا لهذه المقولة الشهيرة مؤخراً، وبدأوا في تطبيقها على أرض الواقع. ولكن رغم بساطة هذه الخطوة الاجتماعية الفريدة لمجلسنا الموقر، إلا أننا نخشى أن يكون هذا التواصل مثل غاز الهليوم الذي يستخدم في نفخ البلونات، وأعني ذلك العنصر الكيميائي الذي يعتبر ثاني أكثر العناصر انتشاراً في الكون، ولكن لا لون له ولا طعم ولا رائحة، وحتى لا تنطبق هذه الصفات على أعضاء مجلسنا الموقر، فإننا نرغب في أن نجدهم يعملون كما يعمل عنصر الليثيوم ذو اللون الأبيض الناصع البياض، الذي يتفاعل بسرعة في الهواء والماء، وأن يتفاعلوا مع معاناة المواطن وأن تكون خطوتهم الميمونة هذه مفتاحاً لخطوات أخرى، يتخذها أعضاء مجلسنا الموقر، كأن يقومون بزيارات إلى مجالس الأحياء التي هي بمثابة مجالس شورى مصغرة، كما نأمل أن يخطو المجلس خطوة أكبر ويقوم بتعريف الناس عن قرب - وبلقاءات مباشرة بعيدة عن مواقع التواصل الاجتماعي- بدوره ولماذا أنشئ المجلس؟ وأن يقترب أكثر من قضايا المواطن ويفحصها من كل الاتجاهات، ويتفحص أسبابها وظروفها ويدافع عنها. كما نود أن يتناول المجلس أرقام البطالة المزعجة، والإجراءات الهزيلة التي تتبناها الجهات المعنية تجاه العاطلين، كما نريد من المجلس أن يكون قريبا منا ومن همومنا، وأن يقوم بزيارات تفقدية لبعض الجهات التي تهمل المواطن حين يراجعها وكأنه متسول عند أبوابها، بينما هي أنشئت لخدمته وتسهيل أموره، نريد من المجلس التدخل لدى المستشفيات من أجل وضع حد لمهزلة المواعيد الطويلة التي تصل إلى شهور في بعض الأحيان، نريد من المجلس أن يقضي على ظاهرة الفقر. كما نود أن يتحرى عن الأسباب التي جعلت في بلادنا حوالي ( 1.5) مليون وخمسمائة ألف مصابا بالربو، ويتعمق في الشأن المروري؛ ليبحث الأسباب الكامنة خلف الحوادث الشنيعة التي تقع وتقتل إنساناً في كل أربعين دقيقة، وتصيب حوالي أربعة مصابين كل ساعة، وهذه الحوادث المرورية تكلف بلادنا أكثر من 21 مليار ريال سنويا، ونريد من العضو أن يتناول مشكلة الإسكان لكل مواطن، حيث إن 40% من المواطنين لا يملكون سكناً، وكذلك هناك أكثر من 40% من المتقاعدين السعوديين لا يملكون سكناً، كما نريد من أعضاء مجلس الشورى أن يهتموا بالشباب والاستثمار في هذه الثروة العظيمة في بلادنا، حيث إنهم يشكلون حوالي 67% من السكان، وأن الاستثمار في هذه الثروة البشرية مطلب أساسي ومهم، وأن يهتموا بذوي الاحتياجات الخاصة وإدماجهم في سوق العمل، حيث في بلادنا أكثر من (750) ألف معاق. وأخيراً، نريد من الأعضاء الكرام أن يكونوا كالكواكب التي تعكس ضوء النجوم، ولا تنير من ذاتها، فعضو مجلس الشورى كالكوكب الذي يعكس ضوء النجم، بينما المواطن هو النجم الذي يشع على الحياة بنور ينبع من داخله، وهو أهم الموارد باعتباره حجر الزاوية الأساس في انطلاق التنمية الشاملة في هذا الوطن، كما يصفه دائما خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-. ونريدهم أشبه بالرياح اللواقح المفيدة لوطننا، ولا نريدهم كالريح العقيمة التي فيها الدمار كـ ريح صرصر عاتية.. بل نريدهم غيثاً ولا نريدهم مطراً علينا، ولذا نأمل أن يتحسس أعضاء مجلس الشورى معاناة المواطن عن قرب، ويتجولوا في الأسواق بعيدا عن الرسميات والتوشح بالمشالح وركوب الطائرات عبر منافذ كبار الشخصيات، بل نريدهم أن يسيروا في بلادنا كما يسير المواطن البسيط، وحين يخرجون من منازلهم يسيرون على نفس الطريق الذي يسلكه المواطن؛ حتى يشاهدوا عن قرب الاهمال الذي يعم دورات المياه في المطارات وعلى الطرق السريعة، ليتمكنوا من أخذ الصورة الكاملة للواقع الذي يعيشه المواطن، ثم يعملون بضمير المواطن المخلص، وهذا هو أملنا فيهم جميعاً. مدير مراكز «اسكب» للاستشارات الأمنية والعلاقات العامة
مشاركة :