المفوضية الأوروبية تعرقل مشروع الاندماج بين «سيمنز» و«ألستوم»

  • 2/7/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حظرت بروكسل الاندماج بين شركتي ألستوم الفرنسية وسيمنز الألمانية، مثيرة استياء باريس وبرلين المؤيدتين بشدة إنشاء شركة أوروبية عملاقة للسكك الحديدية، قادرة على مواجهة المنافسة الصينية. وبحسب "رويترز"، أعلنت مارجريتي فيستاجر المفوضة الأوروبية لمسائل المنافسة خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أن "المفوضية حظرت الاندماج، لأن الشركتين لم تكونا على استعداد لمعالجة مشكلات المنافسة الكبيرة التي أشرنا إليها". ورد جو كايزر رئيس "سيمنز" على قرار المفوضية داعيا إلى إعادة ترتيب "هيكلية" للسياسة الصناعية الأوروبية في مواجهة المنافسة الصينية أو الأمريكية. وقال كايزر "إن حماية مصالح الزبائن محليا لا تعني منع أنفسنا من أن نكون على قدم المساواة مع دول رائدة مثل الصين والولايات المتحدة"، عادا "الانتخابات الأوروبية المقبلة ستشكل فرصة فريدة لبناء أوروبا المستقبل، بما في ذلك مجال السياسة الصناعية". وأعرب كايزر، عن أسفه لرفض المفوضية الأوروبية اندماج قطاع صناعة القطارات في شركته مع نظيره في "ألستوم" الفرنسية. وقال كايزر:" تلقينا قرار المفوضية الذي يضع نقطة نهاية لمشروع أوروبي رائد"، مضيفا أن "الانتخابات الأوروبية الوشيكة وما يرتبط بها من قيادة جديدة يقدمان فرصة فريدة لبناء أوروبا المستقبل، التي تستطيع أن تتنافس مع الأفضل في العالم من خلال ساسة خارجية حديثة ومشتركة". واستبعدت دوائر في الشركة بدء محاولة جديدة للاندماج، بعد انتخابات البرلمان الأوروبي في أيار (مايو) المقبل. وانتقدت الحكومة الفرنسية، بشدة المفوضية الأوروبية لرفضها صفقة الاندماج، وقال رئيس الوزراء الفرنسي، إدوارد فيليب:" أحاول عادة أن أكون معتدلا في تعبيراتي، لكن قرار المفوضية هو ضربة قاصمة للصناعة الأوروبية"، مشيرا إلى أن القرار تم اتخاذه بناء على أسباب غير وجيهه. من جانبه، طالب بنيامين جريفو، المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، بإصلاح قانون المنافسة الأوروبي. وأوضح هنري بوبار-لافارج رئيس "ألستوم" مجددا أن شركته عازمة على النظر إلى الأمام، لافتا إلى أنه ليست هناك فرصة ثانية للاندماج مع "سيمنز". وأعربت الحكومة الألمانية عن أسفها حيال رفض المفوضية الأوروبية مشروع الاندماج، وقال شتيفن زايبرت المتحدث باسم الحكومة الألمانية إن برلين تلقت نبأ قرار المفوضية الأوروبية بالأسف. وأضاف أن الحكومة الألمانية تعتبر أن وجود صناعة للسكك الحديدية قادرة على المنافسة على الصعيد العالمي، مطلب مهم بالنسبة للسياسة الصناعية في ألمانيا وأوروبا أيضا. وتابع أن حكومة بلاده ستواصل العمل من أجل تحديث قانون تكتل الشركات وذلك في ظل العولمة والرقمنة، وأشار إلى لجنة منوط بها طرح مقترحات بهذا الشأن في موعد أقصاه الخريف المقبل.وكان برونو لومير وزير المالية الفرنسي استبق إعلان المفوضية، منددا في حديث لشبكة "فرانس 2" التلفزيونية بـ "خطأ اقتصادي.. سيصب في مصلحة الصين". وسبق أن أبدت فيستاجر مرارا مخاوفها حيال عواقب التقارب بين "سيمنز" و"ألستوم"، مشيرة إلى أنه سيحد من عدد الصناعيين المتنافسين في الاتحاد الأوروبي، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار القطارات على شركات السكك الحديدية، وتاليا أسعار التذاكر على المستخدمين. وتمتلك المفوضية الأوروبية منذ 1989 حق الفيتو على مشاريع الاندماج الكبرى، لكنها نادرا ما استخدمته، وقد وافقت خلال نحو 30 عاما على أكثر من ستة آلاف عملية انصهار، فيما منعت أقل من 30 عملية. أما فيستاجر، فلم تمنع منذ بدء ولايتها في نهاية 2014 سوى ثلاث عمليات تقارب. ومع هذا الملف الجديد، باتت المفوضة الدنماركية موضع انتقادات تكاد تكون مباشرة من باريس وبرلين، بعدما امتدحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في السابق لتشددها حيال شركات الإنترنت الكبرى الأربع المعروفة بمجموعة جافا "جوجل وأبل وفيسبوك وأمازون". وتتخوف العاصمتان مثل الشركات الصناعية، من منافسة شركة "سي آر آر سي" الصينية للسكك الحديدية، الشركة الأولى عالميا لصنع القطارات التي نشأت عن التقارب بين شركتين صينيتين مملوكتين للدولة. ولفت وزير المالية الفرنسي إلى أن هذه الشركة الصينية تصنع 200 قطار فائق السرعة كل سنة، مقابل 35 قطارا لـ "سيمنز" و"ألستوم". ورأى مصدر حكومي فرنسي أن فيتو بروكسل المرتقب "مؤشر إلى عقيدة معينة للمفوضية تتعارض مع المصالح الأوروبية"، مبديا أسفه لتفسير "صارم للغاية" للقواعد من قبل بروكسل. ودعا بيتر ألتماير وزير الاقتصاد الألماني إلى سياسة تشجع عمليات الاندماج على المستوى الأوروبي لإنشاء مجموعات تملك القدرة على العمل "على قدم المساواة" على الصعيد الدولي ومراجعة القانون الأوروبي المتعلق بالمنافسة. وحاولت الشركتان إقناع المفوضية الأوروبية باتخاذهما تدابير تعويضية تتضمن بيع بعض أنشطتهما، لكن الحصة التي كان من المتوقع التخلي عنها التي كانت قيمتها ستمثل 4 في المائة من مجموع إيرادات الشركتين لم يقنع المفوضية. وأفادت المفوضة أنه "في غياب تدابير تعويضية كافية، كان هذا الاندماج أدى إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة إلى أنظمة الإشارات التي تضمن سلامة الركاب وللأجيال المقبلة من القطارات فائقة السرعة". وأوضح هنري بوبار لافارج رئيس مجلس إدارة "ألستوم" لصحيفة "لو فيجارو" أن الشركتين ستذهبان "كل في طريقها" في حال منع انصهارهما. من جهتها، ألمحت "سيمنس" إلى أنها لا تستبعد في حال رفض الانصهار طرح أسهم فرعها "موبيليتي" المربح في البورصة. ومن شأن حظر الانصهار أن يرضي مطالب نقابتي "ألستوم" البلجيكية والفرنسية، وقد أكدتا خلال اجتماع مع فيستاجر في باريس في 21 كانون الثاني (يناير) معارضتهما المشروع، خشية أن يؤدي إلى تسريح أعداد كبيرة من الموظفين.

مشاركة :