حظرت المفوضية الأوروبية الأربعاء مشروع الاندماج بين شركتي «ألستوم» الفرنسية و«سيمنز» الألمانية، معتبرة أن هذا الانصهار يسيء إلى التنافس في سوق السكك الحديد داخل الاتحاد الأوروبي، وفق ما جاء في بيان صدر أمس. وكانت شركة سيمنز التي تصنع قطارات ICE الألمانية السريعة، وشركة ألستوم الفرنسية التي تصنع قطارات TGV السريعة أيضاً، تعتزمان الاندماج في مجال القطارات، وذلك من أجل تعزيز قدراتهما على الصمود أمام المنافسة الدولية في هذا المجال، وبالتحديد أمام شركة «سي آر آر سي» CRRC الصينية العملاقة، التي تعتبر الأكبر عالميا في تصنيع القطارات السريعة. ولكن الشركة الصينية لم تنشط أوروبياً حتى الآن. وتتخوف باريس وبرلين وكذلك الشركات الصناعية، من منافسة شركة «سي آر آر سي» الصينية للسكك الحديد، الشركة الأولى عالمياً لصنع القطارات والتي نشأت عن التقارب بين شركتين صينيتين مملوكتين للدولة. ولفت وزير المالية الفرنسي مُؤخّراً إلى أن هذه الشركة الصينية تصنع 200 قطار فائق السرعة كل سنة، مقابل 35 قطارا لسيمنز وألستوم. وبررت المفوضية رفضها بأن هذا الاندماج من شأنه أن يقيد المنافسة في مجال القطارات السريعة. وأوضحت أن التنازلات التي قدمتها الشركتان من أجل الحصول على موافقة من المفوضية على الاندماج «لم تكن كافية» لإزالة تحفظات المفوضية. وتمتلك المفوضية الأوروبية منذ 1989 حق الفيتو على مشاريع الاندماج الكبرى، لكنها نادرا ما استخدمته، وقد وافقت خلال نحو ثلاثين عاما على أكثر من ستة آلاف عملية اندماج، فيما منعت أقل من ثلاثين عملية. وأفادت المفوضية الأوروبية في إطار تبرير رفض اندماج الشركتين الأكبر أوروبيا في مجال صناعة القطارات السريعة، بأن هذا الاندماج كان من شأنه أن يضم أكبر مصنعَيْن لأنظمة الإشارات ومركبات السكك الحديدية. كما أن اندماج الشركتين كان سيجعل الشركتين هما الأكبر عالميا في مجالهما، وفقا للمفوضية. وأوضحت المفوضية أن اندماج الشركتين كان سيسفر عن جانب متسيد في سوق القطارات السريعة، وأنه كان سيضر أيضا ببعض أسواق أنظمة الإشارات، مما يقيد خيارات العملاء فيما يتعلق بشراء المنتجات، خاصة الشركات العاملة في صناعة السكك الحديدية والبنية التحتية لها. وقالت المفوضة الأوروبية المسؤولة، مارغريته فيستاجِر، إن كلا من سيمنز وألستوم «بطلان» في قطاع مواصلات السكك الحديدية، وإن الاندماج سيؤدي إلى ارتفاع أسعار أنظمة الإشارات المهمة لأمان الركاب وللأجيال القادمة من القطارات فائقة السرعة إذا لم تتوفر مساعدات كافية للعملاء. ويشار إلى أن اتحادات اقتصادية بالإضافة للحكومتين الفرنسية والألمانية، كانت تؤيد هذا الاندماج بقوة، حيث يرى مؤيدو الاندماج ضرورة توفر قانون منافسة أوروبي جديد للسماح بعمليات الاندماج التي تتمخض عن شركات أوروبية كبيرة. ويرى هؤلاء أن أوروبا بحاجة لمثل هؤلاء «الأبطال» لمواجهة المنافسة القادمة من الشرق الأقصى، خاصة من الصين. وكان قرار المفوضية هذا متوقعا. وأكد وزير المالية الفرنسي برونو لومير صباح الأربعاء ذلك، منتقدا مسبقا هذا الفيتو باعتباره «خطأ اقتصادياً... سيصب في مصلحة» الصين. ورأى مصدر حكومي فرنسي الثلاثاء أن فيتو بروكسل المتوقع «مؤشر إلى عقيدة معينة للمفوضية تتعارض مع المصالح الأوروبية»، مبدياً أسفه لتفسير «صارم للغاية» للقواعد من جانب بروكسل. كما دعا وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير في اليوم نفسه إلى سياسة تشجع عمليات الاندماج على المستوى الأوروبي لإنشاء مجموعات تملك القدرة على العمل «على قدم المساواة» على الصعيد الدولي ومراجعة القانون الأوروبي المتعلق بالمنافسة. وقال الوزير: «أليست هناك مجالات مثل الطيران والسكك الحديد والمصارف، ينبغي أن تكون مرجعيتنا فيها السوق العالمية بدل السوق الأوروبية؟». وكان وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير قد تقدم مطلع الأسبوع الجاري باستراتيجية تتضمن تدخل الدولة لشراء بعض الشركات المهمة بشكل مؤقت، من أجل التصدي للشركات الصينية الكبيرة التي تسعى للاستحواذ على شركات أوروبية مهمة.
مشاركة :