بكل جوارحي أتمنى عودة السيد فهد الرجعان للكويت معززاً مكرماً، بل وأطالب بأن يتم استقباله بشكل رسمي وشعبي وكرنفالي في المطار وتكريمه بدرع و"عرضه"، إن أمكن، مع تقديم كل الضمانات له بمحاكمة نزيهة عادلة بعيدة عن الضغوط السياسية وتأثيرات الرأي العام، والتأكيد على ألا يسكن بعد ذلك إلا في سجن 5 نجوم في حال الإدانة النهائية، هذا مع الوعد بإمكانية النظر في تدبير إفراج صحي له... حاله حال غيره. فبعودته الميمونة لأرض البلاد لا تهمني الأموال العامة بقدر ما يعنيني إغلاق باب كبير من الجدل الفارغ والحجج المتهافتة التي تظهر عند مناقشة أي قضية أو خطأ أو تجاوز أو مخالفة أو جريمة تحدث في الكويت، مما يجعلك تظن أن أبواب الأعذار قد أغلقت والناس قبلها كانوا ملائكة ملتزمين بالأخلاق الحميدة والقوانين الرشيدة، لكنهم بعدما سمعوا عن تهمة الرجعان وجدوا بابا جديدا، وقرروا إعادة النظر في مبادئهم وأخلاقهم، فمع كل موقف أو مشكلة تواجهها، لا بد أن يظهر لك فيها فهد الرجعان فوق البيعة، وكأنك شريكه فيما فعل أو مكلف بإلقاء القبض عليه... تذهب للوزارات والجهات الحكومية لتخليص معاملة، فلا تجد أحدا من الإخوة والأخوات البصامة آكلي الباذنجان عالريق، فيأتيك الرد من المراقب: روح شوف فهد الرجعان قبل لا تشتكي، فتشك للحظة أن "السمي" قد أخذ الختم معه أيضاً. تنتقد الصرف والتبذير غير المبررين في بعض الجهات والأجهزة والهيئات الحكومية، فيخرج لك فهد الرجعان من بين السطور. تبدي رأيك حول الاقتراحات النيابية المبنية على مبدأ "اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب"، فتقصف بالرد المفحم المبني على قاعدة "يا عمي"، تتبعها حجة "روح شوف الرجعان أول"، لدرجة أنك إذا قلت لأحدهم بالشارع: يا عزيزي لا يحق لك التجاوز عند الإشارات المرورية أو الوقوف بمواقف المعاقين، أو يا أختي ما يصورون وجوههم بنص الخط السريع، فعليك أن تكون مستعداً لدخول فهد الرجعان بالحوار بعد "ولك" الجازمة. من كل ما سبق، اتضح لي أن غالبية من يردد تلك الحجة الكسولة ينطلق من مشاعر دفينة بالغبطة والتمني لا الرغبة في العدالة وتطبيق القانون وحماية الأموال العامة، كما يدعون، فبداخل كل منهم رجعان صغير يريد أن يكبر ويتوسع ويبرر نموه في هذه المرحلة بالرجعان الكبير، لذلك أكاد أجزم هنا بأن مجموع ما ارتكب من جرائم وما صُرف وبُذر ونُهب بعذر "شوف الرجعان" حتى الآن قد كلف المال العام أكثر مما كلفه الرجعان شخصيا، وما الرجعان إلا شماعة جديدة مثل شماعة فلسطين العقيمة الطاغية بين الساسة والعوام، ورغم يقيني التام بأن أمثال هؤلاء لن تعييهم الحجة في سبيل تحقيق مآربهم، وسيختلقون أخرى جديدة لا نعلمها أو يسترجعون قديمة لا نفهمها، إلا أنني مع ذلك أرى أن عودته ضرورية "لكسر عينهم"، وإبطال حجتهم الحالية وإقامة الدليل عليهم لعلهم ينصلحون قليلاً، لأنه لو استمر الوضع على هذا المنوال، وطالت مسألة التأمينات والرجعان أكثر من ذلك، فلا أستبعد أن يأتي يوم ليس ببعيد تسأل "الأبلة" فيه التلميذ: "ليش ما حليت الواجب؟!" فيرد عليها: شدعوة؟ الرجعان حل الواجب!
مشاركة :