بروح تراثية ونكهة الزمن الماضي الجميل، تواصل الستينية «أم حبيب» ترجمتها لعشق التراث والماضي، واهتمامها وعنايتها بتراث الأحساء، المتمثل في امتهان حرفة الخوصيات، ولم تتوقف أياديها المبدعة عند صناعة هذه المهنة ومنتجاتها التي تعلمتها على يدي جدتها ووالدتها، بل اتجهت إلى تدريب فتيات الجيل الحالي على ممارستها وإكسابهن مهارات الحرفة حفاظا على تراث الجدات، والتي كانت يوما ما من مستلزمات الحياة.وتؤكد أم حبيب من أهالي بلدة المركز، التي اشتهرت بهذه الصناعة وانفردت سيداتها عن غيرها بصناعة المناسف، بأن جلسات نساء الفريج شكّلت لهن قديماً ملتقى مهنياً ثرياً، تعلمت هي وقريناتها هذه الحرفة بإتقان، بينما تشير إلى أنها تسعى حالياً للقيام بدور أكبر من مجرد حرفية تنجز المنتجات اليدوية، بل هدفها أن تعلم وتدرب الفتيات على هذه المهنة، وتلقنهن أهمية الحفاظ على حرفة الخوصيات واستمرارها.وأضافت أم حبيب: «من الجميل أن نرى فتيات يبحثن على خبايا هذه الحرف التي تعتبر فنا تراثيا قديما، وحرصهن على المشاركة في العديد من الدورات التي تقام في الجمعيات النسائية، ويبادرن إلى الحضور والعمل والتدريب لاكتساب هذه المهارات».ولفتت الخوصية أم حبيب، إلى أن حرفة الخوصيات في الأحساء تزخر بالكثير من المنتجات، من بينها المخرف، والزبيل، والمراحل، والمراوح اليدوية، والمحاصن التي يتم فيها تخزين التمور التي لايزال عليها الطلب عند بعض المواطنين.وتشير أم حبيب إلى أن عملية الصناعة بغمر العسق في المياه لمدة يومين أو ثلاثة أيام ثم يقص «العسق» ويحول إلى أعواد رقيقة، ثم يلي ذلك عملية سف أرضية المنسف بحيث تكون على شكل قطعة مربعة أو مستطيلة الشكل وبعد الانتهاء من عملية سف الأرضية يتم تركيبها على الطوق الدائري وهو (السمط) والسمط هو عود السعف بعد رفع الخوص منه، ويشق السمط نصفين بالطول وذلك لتسهيل عملية لفه بشكل دائري، ثم يشبك الطوق بالأرضية وذلك بلف الأسل على الطوق والأسل هي نبتة تعيش قرب المياه المالحة أو في الأراضي السبخة، وعادة يلف الأسل بواسطة «المسلة» وهي أداة تشبه إبرة الخياطة اليدوية، لكنها أكبر حجما وأمتن في السماكة وتستخدم في جميع الصناعات الخوصية، ثم تأتي المرحلة الأخيرة، وهي تركيب العروة وبها يكون المنسف جاهزا للبيع والاستخدام، أما حالياً فأصبح من المقتنيات التراثية التي تشتهر بها الأحساء، مبينة أن أسعارها تتراوح بين 70 و25 ريالا حسب الحجم.
مشاركة :