تكرار ذات الأخطاء يدل على عمق أزمتنا، وطالما لا فائدة ترجى من البكاء على اللبن المسكوب، علينا العمل بجد لتفادي الأخطاء، وتعويض الخسائر، وجني أرباح جديدة. الظل إذا انكسر: إننا نسجن أنفسنا داخل مفارقات مضحكة تثير السخرية منا ومن وعينا، ثم نطلب من الآخرين احترام هذه المفارقات المضرة بسمعة دين وبلد وإنسان كامل الأهلية والأحقية بالتفكير وقول ما يعتقد صوابه، وفي هذا يجد كل متربص مبتغاه فهي فرصة ووسيلة لأصحاب الغايات للاستفادة منها كورقة يُلعب بها لابتزاز دولة ثقيلة بحجم السعودية. مالك بن نبي يضع يده على الأخطاء التي نتمادى في اقترافها فيقول: «عندما نربط الأفكار بالأشخاص فإننا نحرم أنفسنا من الفكرة الجيدة حين تأتي من الضد كما نتورط في الفكرة السخيفة طالما جاءت من صديق». العدو يسلط الضوء على الأخطاء لغايات الإصلاح ليس من ضمنها، والإنسان ليس في مجمل أهدافه، لكنه يشير إلى الخطأ ويوضح مدى تجاوز هذا الخطأ للحق وللحقيقة، وعلينا الاستفادة إن أردنا صلاح بلادنا وإنسانيتنا، فالحكمة ضالة المؤمن هو أولى بها أينما وجدها كما يقال. بكل صراحة إهمال الحقوق، وتفشي العنصرية، والتشبث بحبال المؤامرة، دلائل خطيرة على وعي مجتمع ووطن، وحتى لا تتحول إلى ظواهر ووسم يعرف بها بلد بعينه يجب محاربة العنصرية، ونشر مفاهيم الحرية البعيدة بلا شك عن التحرر، فالحرية صنو اﻹبداع ودليل الوعي والتمدن. حتى لا نستولد العدو من الداخل بداية نظرة الرجل للمرأة مشكلة ثقافية قديمة قدم اﻹنسان على هذه الأرض، يعاني منها بدرجات متفاوتة العالم بأسره، غير أن سن القوانين خفف من حدة هذه النظرة المتدنية في دول عدة وبالتالي تحسن مستوى الثقافة، وزالت عنها الغشاوة، وما بقي إلا اللمم والقانون كفيل بدرء هذا الخلل. إذن ما الذي يمنعنا من تصحيح نظرتنا ومواكبة أمم عدلت إنسانيتها فاستقام مسارها؟! من المعيب للوعي والفكر السليم أن تتحكم أعراف بالية بمصير الإنسان وترسم له حياته وخططه المستقبلية، ويستسلم لها بلد بشتى كوادره العلمية والفكرية والسياسية، الحياة تتجدد والنظرة للأمور يجب أن تتغير بما يتماشى مع مقتضى العصر. المرأة التي تربي الأجيال كيف لا تستطيع أن تمسك بزمام حياتها وعلى ولي أمرها أن يختار لها ما يجب وما لا يجب، ويوافق على توقيع على أوراق رسمية تتمكن من خلالها من السفر والعمل والدراسة؟! مفارقة مضحكة تضحكنا نحن فلماذا نعيب على من يضحك عليها وعلينا؟! المرأة السعودية تفتّحت على مجمل حقوقها وخنقها بحرمانها من هذه الحقوق يجعلها تهرب، والمحصلة أن تختار الموت أو الهرب من حياة أقل ما يقال عنها إنها الجحيم، وهذا ما يخوّلها بدراية أو بلا دراية للوقوف بصف العدو. «روجيه جارودي» وضع قاعدة إنسانية فيها بصيرة بمقياس عمارة الأرض فقال: «إن كل تعليم وكل فن وكل سياسة لا تساعد على الإدراك والوعي بما هو إنساني سيفضي بنا إلى انتحار جماعي كامل». ووضع المرأة على هذا النحو غير إنساني وغير طبيعي، وعلى الدولة فرض الوعي بأساليب ناعمة كلما أمكنها ذلك؛ للحد من هذا التهميش والتحجيم والنظرة القاصرة والدونية بسبب الفوقية أو التقليل من دورها. بالخط الأحمر: العالم يتآمر علينا، وشبابنا مغرر بهم هذه الأعذار جدار سقط، والتبريرات مهترئة وما عادت تقدر على الصمود، وحتى تبادل الاتهامات بين الأسرة الواحدة لن تجدي، أمامنا وضع غير إنساني يبتعد عن الدين والمنطق وعلينا إيجاد الحلول وتبني منهجية تليق بوعينا وحجم الوطن، وحتى لا يتحول نضال المرأة أمام السلطة الذكورية إلى أداة لتمزيق وحدة الأسرة، وتلطيخ سمعة الوطن.
مشاركة :