كتبت عن عتبات القراءة، بوصفها عتبات الفتنة، ما ظننته كافياً شافياً، وما كنت أحسبني مشدوداً لهذه الإشكالية الأزلية بهذا القدر، ولا وَجِلاً منها بهذا القدر. وما كانت عودتي من باب العود على البدء، ولكنها استبيان لجانب آخر، يندرج ضمن فتنة القراءة. وليست القراءة التي أعني وقفاً على المسطور، إذ كُلُ ما استقر في الذهن فهو ناتج قراءة، فالكون كُله صفحات منشورة، يستلهم معانيها المعنيون، ولكنها كالقطر على الأرض، يختلف طعمُهُ، ولونهُ، وأثرهُ باختلاف التربة. والمقروء يتلبس بقناعات الفكر، وجاهِـزيَّات التصور. وذلك مكمن الخيانة. ومن المُستحيل براءة القراءة، ولكن اللُّطف بِها أدنى المطالب.
مشاركة :