من يعرف الراحل محمد العجيان، يعلم أن بقاء اسمه في الذاكرة الجمعية السعودية أمر منطقي، لما كان يتحلى به من خلق راقٍ في التعامل مع الآخرين؛ ولأهمية رحلته الطويلة الناجحة في ميدان الإعلام الذي عشقه منذ طفولته، فأصدر صحيفة جدارية بخط يده عندما كان تلميذاً في المرحلة الابتدائية، وكان يعلقها على باب منزل عائلته! وبين ذلك العشق المبكر وتأسيس دار للنشر والإعلام وإقامة مطبعة؛ تضمنت رحلة العجيان مواقع قيادية في كبريات الصحف والمجلات السعودية، ولا سيما صحيفتي الرياض واليوم ومجلة اليمامة... أما من لا يعرف أبا خالد - رحمه الله- فهذا الكتاب التوثيقي يتيح له أن يعيش تجربته الثرية في محطاتها العديدة.. وخاصة أن المؤلف صديقه الشخصي ورفيق دربه منذ الزمالة التي جمعتهما في معهد الرياض العلمي سنة 1379ه (1959م). وكان القشعمي أصدر كتابه عن زميله العزيز، في السنوات الأخيرة من حياة الراحل الذي كان أصيب بشلل وفقد بصره، قبل أن يغادر دار الفناء في 25/ 8/ 2017 عن خمسة وسبعين عاماً. قسَّم المؤلف كتابه إلى أربعة فصول، اشتملت على السيرة الذاتية للعجيان ومحطاته الصحفية، وخصص فصلاً دسماً لشهادات الأصدقاء. فنكتشف مع الأستاذ بدر كريم خوف الراحل من ركوب الطائرة إلى أن اضطر لركوبها في عودته من رحلة الاستشفاء في ألمانيا. ونبحر مع الأستاذ محمد بن أحمد الشدي في ذكرياته الثرية مع العجيان ويقول عنه: كان في مقدمة من يذهبون إلى آخر الدنيا من أجل الصحافة، إلى جانب صبره على تعليم الشباب العمل في المطبخ الصحفي. أما محمد عبد الله الطيار فينصف صديقه حين يصفه بأنه نجح في ألا يكون له أعداء. بينما يصفه علي الشدي بأنه عميد السلك الدبلوماسي في بلاط الصحافة! وتحت عنوان: (العجيان.. ذلك الإنسان) يوجز صالح الصويان علاقته بصديق عمره بأنه يكتب عن ذاته عندما يكتب عنه.. ويُبرز صفة العصامية لدى الفقيد.. ويثني الدكتور حمود البدر على سرعة البديهة لدى العجيان وصدقه الدائم إلا عند المزاح. ليتحدث أحمد العريفي عن الصلة الوطيدة بين والده الأستاذ فهد العريفي والأستاذ محمد العجيان الذي استمر مع أصدقاء العريفي في حضور مجلسه كل يوم جمعة مثلما كانوا قبل وفاته. ويركز عبد الله الماجد على تمتع الفقيد بحس صحافي رفيع استثمره حيثما عمل ثم أفاد منه عندما أنشأ عمله الإعلامي الخاص به. ويقول: كان يثق في قدرات العاملين معه وفي شعورهم بالمسؤولية. ويقول د.عثمان المنيع عن العجيان: «...أحد رجالات الصحافة الذين كانت لهم بصمتهم في رسم مسيرة صحافتنا السعودية وخاصة في مدينة الرياض..». أما محمد العلي فيكاد يقطع أن الشاعر الذي قال: العبقريّ الذي يظن بك الظن كأنْ قد رأى وقد سمعا إنما كان يعني به العجيان، والعلي يعزو نجاح العجيان إلى نقده الصامت للأشخاص وأدائهم وقدراتهم. بينما يعترف داود الشريان للعجيان بأنه علّمه فن كتابة الجملة القصيرة الرشيقة على غرار أستاذها مصطفى أمين. ويلتقط د. عبد الواحد الحميد ملاحظة لا تخص العجيان عن هروب مبدعين ناجحين من الصحافة إلى السوق، متسائلاً: هل إغراء السوق هو الذي جذبهم أم إن الصحافة مهنة طاردة؟ *** هذا وقد أضيفت إلى الكتاب مَلاحق وصور تؤرخ لمراحل حياة العجيان ومحطات عطائه.
مشاركة :