قلما اقترن اسم قائد بما اقترن به اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه»، من صفات ومعان. فهو المؤسس، وهو الباني، وهو الحكيم، وهو رجل الاستقرار والنهضة.. وهو أيضاً صديق البيئة، الذي خبر ظروفها وصروفها، وعرف بالفطرة والتجربة ما الذي تحتاجه، وكيف تحدب على الإنسان حينما يباشرها بالرعاية والوفاء، ويقابل عطاءها بالعطاء. من تحت ظلال تلك الغافة، العريقة، الضاربة جذورها في أعماق الزمن والأرض، عقد الشيخ زايد مجالسه العامرة، بالتفكير، والتخطيط والتدبير من أجل تحقيق مشروع تطلعت إليه أجيال، وتعيش تحت أكنافه أجيال. تحت ظلال تلك الغافة، تشاور الشيخ زايد مع أعيان العائلات، وحلّ خلافاتهم، ومكّنهم من أمرهم. وتحت ظلالها استقبل زواراً جاؤوا إلى هذه الديار يستطلعون أمر هذا الرجل الذي يحلم ويعمل في فضاء المستحيل، ومنهم ولفرد ثيسجر «مبارك بن لندن» الذي يحكي عن لقائه الأول مع الأب المؤسس في كنف شجرة الغاف. شجرة الغاف هي سردية إماراتية، كتبها الشيخ زايد بالجهد والتعب والحلم، وهو يستمع من حفيف أغصانها لما اختزنته من حكايات الأرض والناس، فأمر بمنع قطع أي من أشجار الغاف، وباستزراع غابات منها في كافة أنحاء الإمارات. بين الشيخ زايد وشجرة الغاف حكاية ملحمة متبادلة، كتب هو فصولها بإحساس الشاعر وبحكمة القائد، ففاض فيؤها على الإماراتيين بكرم وعطف.. حتى صارت رمزاً وطنياً يستحق الاعتزاز.
مشاركة :