ارتفاع مشاركة المرأة في القوى العاملة «1من 3»

  • 2/9/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تعد المرأة في فيتنام مثالا حيا لشخصية روزي عاملة المسامير Rosie the Riveter في القرن الـ21. فقد أصبحت هذه الشخصية الخيالية التي ظهرت على الملصقات وأغلفة المجلات رمزا للنساء اللاتي انضممن إلى القوى العاملة في المصانع الأمريكية أثناء الحرب العالمية الثانية، وشكلن الدفعة الأولى وراء زيادة مشاركة الإناث في القوى العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية في فترة ما بعد الحرب. وكان للحرب في فيتنام تأثير مماثل في هذه الأمة، حيث استطاعت نجلات وحفيدات روزي الفيتنامية أن يضعن بلدهن في مصاف البلدان الرائدة من حيث مستويات توظيف النساء. وقد انضمت ثلاثة أرباع الإناث في سن العمل في فيتنام إلى صفوف القوى العاملة منذ ما لا يقل عن عقدين، وهو من أعلى المعدلات وأكثرها استدامة في آسيا والعالم ككل. وما أهمية ذلك؟ يؤدي ارتفاع نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة -أي، نسبة النساء في سن العمل اللاتي يمتلكن وظيفة أو يبحثن عن عمل- إلى تعزيز إمكانات النمو الاقتصادي من خلال زيادة مجموعة العاملين المتاحة للأغراض الإنتاجية. ومن شأن ذلك أن يوازن الآثار الاقتصادية السلبية لشيخوخة السكان التي تؤدي إلى تراجع حجم القوى العاملة وانخفاض الإنتاج. وتشهد آسيا زيادة سريعة في أعداد المسنين، وهي أكثر القارات كثافة سكانية، حيث يبلغ عدد سكانها 60 في المائة من سكان العالم. لذلك فإن زيادة نسبة النساء في القوى العاملة أمر ضروري لتعزيز ديناميكيات الاقتصاد في آسيا وضمان رخائها في المستقبل، وتعزيز الاستقلالية والتطلعات الاقتصادية للنساء في الوقت نفسه. ووفقا للتقديرات الواردة في تقرير صادر عام 2018 عن معهد ماكينزي العالمي بعنوان The Power of Parity: Advancing Women’s Equality in Asia Pacific، فإن تحقيق المساواة للنساء من شأنه زيادة إجمالي الناتج المحلي السنوي الكلي بنسبة 12 في المائة أي بما يعادل 4.5 تريليون دولار أمريكي، بحلول عام 2025. وأثبت عدد من الباحثين أيضا أن زيادة مشاركة النساء في القوى العاملة وترقيتهن إلى مناصب بارزة من شأنهما المساعدة في زيادة المساواة في الدخل، وتنويع الأنشطة الاقتصادية، وتعزيز ربحية الشركات وكفاءتها. تتزايد نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة عبر آسيا، ويوشك عديد من البلدان الأخرى على اللحاق بركب فيتنام فقد ارتفعت نسب مشاركة الإناث في آسيا بنحو ست نقاط مئوية في المتوسط منذ 1990 ولا تقل كثيرا عن المستويات التي تشهدها اقتصادات الغرب المتقدمة. وننظر في دراستنا التي تصدر قريبا في تطور نسب مشاركة الإناث في القوى العاملة على مستوى آسيا. ويعكس تحسن الصورة الكلية تقاربا في نسب مشاركة الإناث في القوى العاملة بين آسيا والبلدان الأفضل أداء في هذا الصدد على مستوى المنطقة والعالم ككل. وكانت عدة بلدان قد شهدت نسب مشاركة منخفضة قبل الأزمة المالية الآسيوية، ولكنها نجحت في رفع هذه النسب بنحو 12 نقطة مئوية في المتوسط خلال الفترة 1996 - 2016، وقد سجلت أستراليا ومنطقة هونج كونج الإدارية الخاصة وماليزيا ونيوزيلندا وسنغافورة زيادة كبيرة -تتجاوز 10 نقاط مئوية- على مدار العقد الماضي، وذلك اتساقا مع التحسن الذي شهدته بلدان مثل السويد التي تسجل أعلى نسب مشاركة للإناث في القوى العاملة على مستوى الاقتصادات المتقدمة. وسجلت اليابان وكوريا الجنوبية تحسنا طفيفا عن السنوات السابقة التي شهدت ثباتا أو تراجعا في نسب مشاركة الإناث في البلدين. وأدت هذه المكاسب جميعها إلى زيادة متوسط نسبة مشاركة الإناث في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من ارتفاع نسب مشاركة الإناث في القوى العاملة عموما، إلا أن الفروق زادت بين البلدان أيضا. إذ لم تستطع بلدان عدة مواكبة التحسن الذي شهدته بلدان أخرى في آسيا. وتعكس الفروق المتزايدة بين نسب مشاركة الإناث في القوى العاملة تراجع أو ثبات مستويات المشاركة في البلدان التي شهدت مستويات مشاركة أولية متدنية، ولا سيما الهند وإندونيسيا والفلبين وسريلانكا. كذلك تراجعت نسب المشاركة في الصين وتايلاند رغم بلوغها مستويات مرتفعة نسبيا في السابق. وتجدر الإشارة تحديدا إلى أداء فيتنام التي تشهد نسب مشاركة مرتفعة للإناث في القوى العاملة تتجاوز مثيلاتها في أفضل اقتصادات الغرب المتقدمة أداء. ونجحت فيتنام أيضا في الحفاظ على نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة عند مستوى 70 في المائة لأكثر من عقدين، وهو إنجاز لم تُسبق إليه حتى في الاقتصادات المتقدمة ... يتبع.

مشاركة :