أعلى الطريق الزراعي بين عربات المسافرين والمقطورات تمركز "إبراهيم" وشقيقه بعدتهما وعتادهما يزاولان عملهما الذي وعيا على الدنيا ووجدا أباهما ومن قبله أجدادهما يعملون بها قائلين ،"من يوم ما اتولدنا واحنا أهلنا واخدين المهنة أبا عن جد، واحنا كملنا المسيرة من بعدهم".أعواد من القصب وأكواب مكتظة بأوراق النعناع الطازج، وحبات الفراولة والبرتقال، ودلو مملوء بالماء وإلى جوارهم عصارة قصب كان كل هذا مرصوص فوق "تروسيكل" مصطف على طريق الزقازيق، ينهمك الأخوان في عصر القصب بنكهات مختلفة على تلك الماكينة اليدوية ليعطيا العصير مذاقا خاصا ولذيذا لا يشبه في طعمه عصير المحلات الكبرى "في عصير قصب بالفراولة والنعناع والليمون، والأناناس "أي حاجة يختارها الزبون بنعملها له".في العراء تحاوطهما الأراضي الزراعية والأسفلت لا جدران أو كهرباء، كل هذه أمور لا تمثل أية أزمة بالنسبة لهما، فالعصارة التي برع "إبراهيم" وعائلته في تصميمها مخصصة لهذه الظروف "العصارة ديه احنا اللي مصممنها على إيدينا محدش غيرنا يعرفها، بنفكها ونركبها ونصلحها بنفسنا، احنا أساس العصير القصب البلدي".عصارة مختلفة عن كل الماكينات الحديثة في المحلات فهي مصنوعة يدويًا وبحرفية شديدة، فيسرد "إبراهيم " آليات عملها قائلًا:"برسم شكل العصارة وايه الأدوات اللي محتاجها عشان أركبها، وأروح للخراط يعملها، ولازم أبقى معاه، لأن الغلطة فيها متطلعش كوباية عصير حلوة، وفي الآخر بنشغلها بالمولد الكهربائي".هز غلاء العقارات إمبراطورية صناعة عصير القصب التي ورثها الأخوان، فمن محل كبير يأتي إليه الزبائن من كل حدب وصوب لتروسيكل يحمل عدتهما،"الأول كان عندنا محل أنا وأخويا ومع ارتفاع أسعار الإيجارات سيبنا المحل، واشتركنا في التروسيكل وعملنا الماكينة، وقلت لأخويا رزقي ورزقك على الله، والزباين عرفتنا على الطريق وبتجلنا، اللي يدوق العصير بتاعنا يرجعلنا لو كنا فين وعلى الطريق المسافرين بيجوا كل مرة ". ومع بدء قرب الشمس على المغيب لملم الأخوان أشياءهما مستعدان للعودة إلى بيتهما بعد يوم لا يعرف فيه الاثنان الجلوس، فيحكي"إبراهيم":" بنبدأ الشغل من الساعة 8 وبنخلص بقى على حسب تساهيل ربنا الساعة 2 أو الساعة 4 على حسب الشغل".
مشاركة :