لم تنل الإعاقة من حنين قدر ما ألهمتها الأمل والإصرار على المضي في مسيرة الحياة، بل والتميز في عالم الأدب والموسيقى. تعرّضت حنين أبو غوش الفتاة العشرينية، والتي تسكن بلدة بيت حنينا في القدس المحتلة، لحادث سير مروّع، في العام 2009، وهو الحادث الذي غيّر حياتها إذ أصيبت حينها بكسر في العمود الفقري، أدى لانقطاع في الحبل الشوكي، ما أقعدها على العجلات المتحركة. لم يكن لديها بصيص من أمل حينها بأن تعود لطبيعتها وتمشي على قدميها، إلّا أنّ الأمل عاودها بعد ذلك، وباتت على وشك إجراء عملية، ربما تعود بعدها للمشي من جديد. يرتبط النجاح عند حنين ارتباطاً وثيقاً بمن حولك من الناس ممن يؤمنون بك ومن يزرعون في نفسك حب النجاح ويكسبونك القوة والقدرة على التحدي. تقول حنين لـ«البيان»: «صُعقت في البداية، ولم أستوعب الأمر بأني سأكون على كرسي متحرك، لكن أهلي وعائلتي أعطوني الثقة والقوة، إلى أن قبلت بوضعي الجديد، وبدأت أنظر إلى نصف المملوء من الكوب، كل الأطباء أخبروني باستحالة العودة للمشي، لكن لم أستسلم للأمر، بدأت أبحث عن قصص مُلهمة. وكان لدي طاقة كبيرة، لم أكن رياضية، لكن بعد الإعاقة أصبحت أمارس الرياضة، فأعطتني الأمل، وقرّبتني من حلمي بأن أعود للمشي، تحركت أعصابي لأول مرة، وهذا دفعني للمواظبة على العلاج الطبيعي، والتدريب المكثف، والآن أصبحت أحرّك قدماي، وتمكنت من الوقوف عليها، وبالتدريج سأتمكن من المشي مرّة أخرى. وتمارس حنين اليوم، ألعاباً رياضية عدّة مثل الملاكمة، ورفع الأثقال، الكيك بوكسينج، وترفع جسمها بالحبل، وتقود السيارة من خلال اليدين فقط، لم يعد طموحها المشي فقط، بل ونشر الوعي والأمل لدى الناس، ولعل السر في ذلك أن صديقها لؤي، بقي إلى جانبها في محنتها، ولم يتخلَ عنها بعد الحادث، كان يراها هي ولا يرى الكرسي، تمسك بها أكثر، خطبها وتزوجها. حظ تعتبر حنين أنها محظوظة بزوجها، الذي تحدى الكل من أجلها، وأراد إيصال رسالة لمن يشبهونها، بأن يبقى لديهم الأمل، قائلة: «لقد رآني بغير الكرسي، وتقبل العجلات في حياته معي، الحياة تكتمل فقط مع من يُحبك». ونوّهت إلى قرب افتتاح مشروعهما الخاص، وسعيهما معاً لتحقيق الحلم بالمشي. لم تسمح حنين للكلمات المثبّطة للهمّة كالشلل، والإعاقة بالتسلل إلى عقلها وقلبها، بل تحررت من كل المخاوف التي من شأنها أن تأخذها إلى الأسفل، أو تشعرها بأن هدفها مستحيل، اختارت أن ترتفع كطائر الفينيق، الذي سرعان ما ينبعث من بين الركام محلقاً، فالشخص الذي وقع مرّة، يمكن له أن ينهض ولو خانته الظروف ألف مرّة. إرادة وإصرار أصبحت حنين سفيرة مشروع مليونير العرب، الذي يُمكّن الفرد من ربح جوائز نقدية، وفي ذات الوقت يدعم أهداف الجمعيات الخيرية، لتسهيل حياة ذوي الهمم، وله في ذلك، رسالة إنسانية سامية ونبيلة. تعتبر حنين، أن الإنسان إذا اختار أن يكون أكبر من المصيبة، فإنه يستطيع ذلك، من خلال العزم والإرادة والإصرار، وعدم اليأس، مضيفة: «الكل يمر بمرحلة اليأس، لكن لابد من استجماع القوى، علينا أن نبحث عن نقاط القوة بداخلنا، لأنها موجودة، وهي من تقودنا نحو تحقيق أحلامنا». وزارت حنين «سكاي دايف دبي» وقفزت من الطائرة، كأنها كانت بحاجة لشيء ما يعطيها الأمل، ويعيدها إلى طبيعتها، أرادت أن تنسى الكرسي، فنسِيَت، وتذكرت أن الحياة جميلة إذا ما فهمناها.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :