للمرة الأولى ينجح العلماء في رسم خريطة لمفاتيح التحكم الجزيئية، التي يمكنها فتح أو إغلاق جينات بعينها داخل الحمض النووي الريبوزي منقوص الاكسجين (دي ان ايه)، في أكثر من 100 نوع من الخلايا البشرية، وهو إنجاز يكشف عن مدى تعقد المعلومات الوراثية والتحدي الخاص بتفسيرها. في دورية (نيتشر) كشف الباحثون النقاب أمس عن خريطة ما يعرف باسم الجينوم الأعلى إلى جانب معلومات تتعلق به، تقع في نحو 20 صفحة. يجيء هذا الجهد العلمي ضمن برنامج بحثي للحكومة الأمريكية، يطلق عليه (برنامج خارطة طريق الجينوم الأعلى)، الذي يتكلف 240 مليون دولار، وانطلق عام 2008 ويستمر عشر سنوات. والجينوم البشري هو مجموع الشفرات الوراثية للإنسان، ويضم إجمالا المخطط التفصيلي لجميع الجينات في خلايا البشر. أما الجينوم الأعلى فيشمل الجينات الفعالة وتلك غير الفعالة من هذا الجينوم، بمعنى أنه لو كان الحمض النووي لجينوم فرد ما يرتبط بالإصابة بالسرطان على سبيل المثال، لكن هذا الحمض غير فعال بفعل جزيئات في الجينوم الأعلى فإن من المرجح ألا يؤدي الحمض الى اصابة هذا الشخص بالسرطان. وقال مانوليس كيليس من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا الذي أشرف على بحوث رسم الخريطة الجينية التي ضمت أيضا علماء في معامل من كرواتيا وحتى كندا والولايات المتحدة: السبيل الوحيد لتحقيق هذه المبادرة هو الجينوم الأعلى. والاختلافات في الجينوم الأعلى أحد الأسباب التي تجعل التوائم المتماثلة -التي لها نفس الحمض النووي الريبوزي (دي ان ايه)- لا تظهر عليها دوما نفس الأمراض الوراثية ومنها السرطان. لكن توظيف الجينوم الأعلى لخدمة هذه المبادرة أمر شاق. ويشمل الجينوم البشري تسلسلا جينيا لكامل المادة الوراثية على الكروموسومات فيما تكون هذه المادة متماثلة في جميع الخلايا بدءا من الخلايا العصبية وحتى خلايا القلب والجلد.
مشاركة :