شفافية الإجراءات التي يفترض أن تقوم بها الإدارة العامة في الوزارات، والمؤسسات العامة، والشركات الحكومية؛ هي ضمانة أولية للنزاهة الوطنية، ومراجعة تلك الإجراءات؛ لمعرفة مدى انسجامها مع القانون. وحوكمة الإجراءات لا يعني بالضرورة أن ثمّة فساد في هذه الوزارة، أو تلك المؤسسة، إلا إذا تبيّن وجود لخلل فعلي، أو تجاوز للإجراءات الصحيحة، أو بيّنت تلك المراجعة إن هناك جرماً يستوجب المحاكمة، أو خللاً يستدعي المساءلة.في وزارة الاشغال العامة، والمياة، والبلديات، وامانة عمان، والتربية والتعليم، وسلطة العقبة الاقتصادية، والجامعات عطاءات بالمليارات لم أسمع أن ثمّة مراجعة فعلية، ومستقلة لتلك العطاءات، والاوامر التغييرية فيها، وبيان فيما إذا كانت هذه الأوامر تستند لموافقات أصولية، وهل تابعت المؤسسات الرقابية؛ كهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وديوان المحاسبة تلك الأوامر، وفيما إذا كانت موافقة للاصول، والقانون، والمعايير الدولية في تنفيذ العطاءات وأسس إحالتها.المعلومات الأولية تشير إلى أن اوامرإً تغييرية بمئات الملايين من الدنانير لا تستند إلى موافقات أصولية، أو مرجعيات حقيقية للموافقة، والمباشرة؛ ليس في وزارة الأشغال وحدها، بل في الكثير من المؤسسات العامة التي تستوجب مراجعة من لجان مستقلة يشترك فيها هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وديوان المحاسبة، ونقابة المهندسين، وقضاة إن لزم الأمر، وترفع توصياتها إلى مجلس الوزراء؛ لاتخاذ القرار المناسب وفقاً لطبيعة تلك النتائج والتوصيات.المراجعة المستقلة يتوجب أن تشمل ايضاً طبيعة تشكيل لجان الاستلام، والتسليم، والمتابعة، وتصنيف الشركات المنفذة، والاستشارية، وأسلوب التاهيل الفني وأسباب جمع العطاءات الصغيرة، والعطاءات الخاصة، ومتابعة ملفات التحكيم، وأسباب الخسائر الفادحة لقضايا التحكيم، ومدى مشروعية تقديم الدعم من المؤسسات العامة للمؤسسات الرقابية، ومدى توافر شروط جرائم الفساد المنظم في تلك المخالفات، سيّما وأن جرائم الفساد لا تخضع للتقادم في ضوء التعديلات الأخيرة لقانون النزاهة ومكافحة الفساد والذي ما زال في أدراج اللجنة القانونية في مجلس النواب.النزاهة الحقيقية يمكن اختبارها في العطاءات العامة، والتزام الحكومات في تعزيز منظومة النزاهة ومحاربة الفساد؛ يبدأ من لجنة العطاءات العامة، ومروراً بالتصنيف، والإحالة، والإستلام وانتهاءً بمتابعة جودة التنفيذ وفقاً للأصول الهندسية المتبعة، والأمل الذي انتابنا بقدوم الرئيس كان سببه الأول قناعتنا بأن الرجل سينحاز إلى المال العام، والثقة العامة، وهو السبب الذي يجعلنا نقاتل من أجل نجاح الحكومة ـ فهل يفعلها دولة الرئيس ويجيب على تساؤلات الشعب الموجعة ويوعز بتشكيل لجنة مستقلة لكل ما ذكرت سؤال برسم الإجابة، وللحديث بقية...!!!
مشاركة :