قال الإعلامي عبدالرحمن الراشد: إنه بعد اصطياد قائد فيلق القدس قاسم سليماني في العراق، بات النظام الإيراني في موقف حرج جدًّا داخليًّا وخارجيًّا، وتَحولت أيقونته "سليماني" التي أراد لها أن تكون "أسطورية" ورمزًا للانتصار؛ باتت رمزًا للهزيمة؛ حتى إنه لن يستطيع الرد على الولايات المتحدة بشكل يحفظ كرامته أمام الجميع؛ لكنه قد يناوش هنا وهناك بعمليات "صبيانية" ذرًّا للرماد في العين. ويضيف: "الموقف الحرج لحكام الملالي يزداد سوءًا؛ فالمظاهرات في الداخل ضد النظام تُضعفه، والاحتجاجات في العراق تُحرجه، والحصار الاقتصادي يأكل مدخراته ويهدده بالإفلاس، وإسرائيل أوجعته في سوريا، وروسيا رفضت الدفاع عنه، وعند إعادة انتخاب ترامب سيبقى شوكة ما لم تخضع لشروطه". وتعليقًا على اصطياد "سليماني" في العراق، كتب عبدالرحمن الراشد في "الشرق الأوسط" تحت عنوان: "مقتل سليماني.. تراجع أو انتقام"، يقول: "قاسم سليماني لم يكن أعلى الجنرالات في المؤسسة العسكرية الإيرانية؛ لكنه كان أشهرهم، مع هذا قتله الأمريكيون، فالأمريكيون يبدون أكثر ثقة وجرأة من أي وقت مضى، لأنه على الرغم من أن النظام الإيراني قتل المئات من الأمريكيين في السنين الأربعين الماضية، فإن هذه هي المرة الأولى التي تثأر واشنطن من النظام مباشرة، بعد أن كانت في الماضي تستهدف فقط وكلاء النظام في لبنان". وتابع "الراشد": "عند الأمريكيين بنك مليء بالأهداف الإيرانية يمكنهم ضربها في حال جربت إيران تحديهم، ولهذا من المستبعد أن تتجرأ على المساس بالقوة الأمريكية، والأرجح أنها ستلجأ للانتقام بضرب مصالح خليجية أو أوروبية حليفة، مثل طائرة، سفينة، سفارة، أو منشآت، أو استهداف مباشر لأفراد". واستطرد: "لإيران أذرع في أفغانستان وسوريا والعراق ولبنان، ولها عملاء في كل مكان، وحتى لو فعلت فلن يرمم صورتها؛ فقد تَلَقّت ثلاث ضربات موجعة ومهينة ردًّا على قتلها أمريكيًّا واحدًا، قصفوها على حدود العراق، وعندما تحدوها أمام السفارة، قتلوا سليماني، والثالثة قصفوا قادة مليشيات عراقية على طريق التاجي". وأردف: "لأشهر تالية، حتى نهاية السنة، متوقع أن تقوم إيران بعمليات انتقامية غير مباشرة، ومن المستبعد أن يؤثر هذا على حظوظ الرئيس دونالد ترمب في الفوز؛ وبالتالي ليس أمام طهران إلا أن تعترف بأنها في أسوأ وضع". وقال: "سليماني كان غلطة من اختراع النظام الإيراني عندما أراده رمزًا للإمبراطورية فأصبح رمزًا للهزيمة، جعله نجمًا مشهورًا بعد أن كان لسنوات شبحًا غامضًا، تحول إلى شخصية عامة تظهر في مناطق القتال، في شوارع حلب المدمرة، وعلى أبواب الموصل العراقية، وفي قضاء بعلبك اللبناني". وأردف: "نشر صوره مع شباب مسلحين وشيوخ ملتحين في «الحشد» و«حزب الله» و«العصائب». وصور أخرى تظهره وديعًا مع الأطفال، ومتواضعًا يجلس على الأرض يشرب الشاي مع الجنود، عشرات الحسابات باسمه والمعجبين به على «فيسبوك» كنجم سينمائي، في ملصقات تُماثل أفلام هوليوود! من يدير له حملة العلاقات العامة هذه كان يبدو أنه يعزز أهميته داخل إيران، مع أن خلافاته فاحت أخبارها؛ آخرها عندما اضطر وزير الخارجية "ظريف" مرة إلى الاستقالة احتجاجًا على تهميشه، ثم تراجع "ظريف" وصوّر مع سليماني للتدليل على المصالحة". وزاد: "لكن المظاهر خداعة في المجتمع السياسي هناك، فالراحل رفسنجاني، والرئيس روحاني، وخامنئي أمام العامة؛ يبدون كرجال دين وتقوى، وديعين، وهم في الواقع مسؤولون عن قتل آلاف الأشخاص، تسلقوا سلم الحياة على جماجم رفاقهم وخصومهم". وأكمل "الراشد": "بعيدًا عن صورة النجم والإنسان التي كان يحاول رسمها لنفسه أمام الملأ، سليماني كان أخطر رجل إيراني عرفه العالم، عمليات القتل الجماعية في سوريا شارك في تدبيرها وتنفيذها، آلاف العائلات دفنت أحياء في بيوتها. وفي العراق، هو من أسس مليشيات زرعت الرعب في المدن". واختتم: "سليماني كان القائد العسكري لحلم الإمبراطورية، الحلم مات معه، وقد انقلبت عليه صورة «البطل» عند الشعب الإيراني؛ حيث نددت المظاهرات التي عمّت البلاد بالتمدد الخارجي، وطالبت بالتخلي عن سوريا والعراق ولبنان، كما انتكس سليماني ومشروعه جراء الغضب الشعبي العارم في العراق ولبنان؛ حيث أحرقت صور الإمام والجنرال".
مشاركة :