بعد تسليم السلطات التركية شاباً إخوانياً محكوماً عليه بالإعدام في قضية اغتيال النائب العام المصري للقاهرة، وتصاعد ثورة الغضب بين شباب وعناصر الجماعة في تركيا ضد قادتهم وحكومة أردوغان، كانت الانتقادات تدور حول تخلي قادة الجماعة عن عناصرها، بسبب انشغالهم في مشروعات الجماعة وشركاتها ومؤسساتها. وأكد شباب الإخوان أن قادتهم يعيشون في تركيا حياة مرفهة ويتقاضون آلاف الدولارات نظير إشرافهم على مشروعات التنظيم، تاركين عناصر الجماعة يعيشون أوضاعاً مأساوية غير آدمية، ويتقاضون رواتب متدنية لا تسد رمقهم. كيف يعيش قادة إخوان مصر في تركيا؟ ومن هم؟ وماذا يعملون؟ صورة لعناصر الجماعة في اسطنبول قادة الإخوان المقيمون في تركيا يتزعمهم محمود حسين، الأمين العام للجماعة وجمال حشمت وعمرو دراج ويحيى موسى وسيف الدين عبد الفتاح، وحمزة زوبع ووجدي غنيم ومحمد عبد المقصود ويحيى حامد ومدحت الحداد ومختار العشري، وبعض الإعلاميين والصحافيين المنتمين للجماعة والفارين من مصر مثل قطب العربي وأحمد عطوان وهيثم أبو خليل ومحمد ناصر ومعتز مطر وسامي كمال الدين وغيرهم. ينقسم قادة الإخوان في تركيا لجناحين: الأول يقوده محمود حسين أمين عام الجماعة وهو من يمسك بخيوط التنظيم ماليا وإداريا، ويتولى مهمة رعاية عناصر الإخوان الهاربين لتركيا، والمطلوبين أمنيا وقضائيا، كما أصبح يتولى في الفترة الأخيرة المسؤولية الكاملة عن فصائل المعارضة المصرية المقيمة في تركيا. أما الجناح الثاني فيترأسه عمرو دراج ويحيى حامد ويتبنى هذا الجناح فكرة التصعيد ضد الدولة المصرية بعكس جناح محمود حسين الذي يرى أن مهمة القيادة حاليا هو إعادة الجماعة، والحفاظ على ما تبقى منها بعد الضربات الأمنية المتتالية والتي أضعفتها وتكاد تقضي عليها وتجعلها في طي النسيان. ويقوم عناصر الإخوان المقيمون في تركيا 3 مهام رئيسية، الأولى هي الترويج بكثافة للجماعة وتواجدها وتأثيرها منعا لانفراط عقدها وإعادة تشكيلاتها والقيام بعمل مكتب الإرشاد من تركيا بدلا من القاهرة، والثانية العمل على زعزعة الدولة المصرية وهز استقرارها وتمويل العمليات الإرهابية وتقديم الدعم الكامل للعناصر الإرهابية المنفذة لها، من خلال إشراف مباشر من القيادي بالجماعة يحيى موسى المسؤول الأول عن أغلب العمليات التي جرت في مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013. المهمة الثالثة التي يقوم بها إخوان مصر في تركيا هي الترويج للمشروع التركي في المنطقة العربية والإسلامية، والترويج لدولة الخلافة حلم الرئيس أردوغان، ولأجل هذا المهام الثلاث تقوم الدولة التركية بتوفير الملاذ الآمن لهم، وتمنحهم الإقامة الكاملة لهم ولعناصرهم. يقيم قادة الجماعة في أفخم وأرقى مناطق إسطنبول، وهي اغا أوغلو وكايا شهير، وبشاك شهير، ويعيشون بفيلات وشقق فاخرة داخل تجمعات سكنية مغلقة بهذه المناطق، تتوافر بها حراسة دائمة، ويتعرض الزائرون لها لتفتيش دقيق، بل يمنع زيارة أي فرد لها دون إذن أو ترتيب مسبق. اختيار هذه المناطق لإقامة قادة الإخوان لم يكن بسبب الدواعي الأمنية فقط، بل كان بسبب قربها من مقار شركات ومشروعات الجماعة التي يعملون فيها، ويديرون أنشطتها، ولقربها كذلك من منصاتهم وفضائياتهم الإعلامية التي تمولها قطر كلية، ومن خلال القيادي الإخواني البارز عزام التميمي همزة الوصل بين قادة الجماعة في تركيا وقطر، والمسؤول عن تقديم التمويل القطري اللازم لأي منصة إعلامية جديدة للإخوان أو مركز للدراسات. 88 قادة الإخوان في تركيا محمود حسين ومدحت الحداد ومختار العشري وفق ما يقول الإعلامي رامي جان، المذيع السابق بقناة الشرق التي تبث من تركيا لـ"العربية.نت" فإن محمود حسن، الأمين العام للجماعة ومجموعته هم المسؤولون عن إدارة شركات وأنشطة الجماعة الاقتصادية في تركيا، ويتولى تشغيل شباب الجماعة الهاربين من مصر فيها، بينما يتولى عمرو دراج ومجموعته مهمة إنشاء مراكز دراسات وأبحاث وتشغيل من يراه مناسبا من عناصر الجماعة فيها وبتمويل قطري كامل. ويضيف أن قادة الإخوان المقيمين في تركيا لا يغادرونها إلا للضرورة القصوى، ولحضور اجتماعات رئيسية للتنظيم الدولي، وتحديدا في دول لا ترتبط مع مصر بمعاهدات أو اتفاقات لتسليم المجرمين تجنبا للقبض عليهم، وتسليمهم لمصر، مشيرا إلى أن بعضهم يمتلك جوازات سفر تركية وبعضهم يمتلك جوازات سفر دبلوماسية، ومنذ ثورة يونيو ولظروف الملاحقات الأمنية لقادة التنظيم أصبحت اجتماعات التنظيم الدولي تعقد في إسطنبول. تقتصر وظائف عناصر الصف الأول من قادة إخوان مصر في تركيا على العمل بمشروعات وشركات الجماعة، ويعمل عناصر الصف الثاني في الفضائيات الخاصة بالجماعة والتي تسيطر عليها مثل "الشرق" و"مكملين "و"وطن" و"الحوار"، ويعمل في الشرق نحو 150 عنصرا إخوانيا، وفي مكملين 100 شخص، وفي وطن 70 شخصا، وفي الحوار التي تبث من لندن ولها مقر في إسطنبول يعمل نحو 70 شخصا. أسس قادة الإخوان عدة مراكز للدراسات في تركيا على رأسها المركز المصري الديمقراطي، ويديره عمرو دراج الوزير السابق في حكومة هشام قنديل إبان تولي الرئيس السابق محمد مرسي حكم البلاد، ويختص هذا المركز الذي تموله قطر بتقديم الدراسات والمعلومات المفبركة والكاذبة عن مصر والدول العربية الحليفة معها للمنظمات الدولية، على أن تعيد بثها قنوات قطر والإخوان نقلا عن هذه المنظمات ويقوم قادة الإخوان بصناعه " كيانات " وهمية بأسماء مختلفة لاستخدامها بديلا إعلاميا عن الجماعة في مخاطبة العالم -وكما يقول رامي جان- فإن الإخوان المقيمين في تركيا أنشأوا كيانا أطلقوا عليه "الإعلاميين العرب"، وتولى مهمة تنظيم وقفات ضد بعض البلدان العربية المؤيدة والمتحالفة مع مصر، ووقفات للاحتجاج على قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، إضافة لوقفات مؤيدة لأردوغان خلال الانقلاب المزعوم صيف يوليو 2016. يعمل الإخوان المقيمون في تركيا بتنسيق كامل مع التنظيم الدولي في لندن من خلال إبراهيم منير، المتحدث باسم الإخوان في أوروبا، ومع قطر بتنسيق كامل مع الداعية القطري المصري الأصل يوسف القرضاوي، والفلسطيني عزام التميمي الذي ينتقل بين قطر وتركيا ولندن للإشراف على كل ما يخص الإخوان المقيمين في المنفى، ووفق ما يقول الباحث في شؤون الحركات الإرهابية أحمد بان فإن إخوان مصر المقيمين في تركيا توفر لهم قطر التمويل اللازم لتحركاتهم ضد مصر، مثل رفع دعاوى قضائية في المنظمات الدولية ضد رموز النظام المصري، وتنظيم وقفات احتجاجية ضد المسؤولين المصريين في البلدان والدول الأوروبية التي يزورونها، فيما توفر لهم تركيا الإقامة والدعم اللوجيستي فقط.
مشاركة :