طرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على كبار المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم أمس في بيروت وضع آلية مالية بين إيران ولبنان شبيهة بالآلية التي وضعتها الدول الأوروبية من أجل الالتفاف على العقوبات الأميركية، ولتحقيق تبادل المصالح والتجارة بين البلدين، بعد أن أبدى استعداد طهران لمساعدة لبنان على المستويات كافة، الاقتصادية، المالية، الصحية، الدفاعية والتسليحية للجيش اللبناني، وعلى صعيد الطاقة الكهربائية. وتقاطعت مصادر لبنانية رسمية على القول لـ"الحياة" إن ظريف حمل إلى لبنان رسالة تهنئة بقيام الحكومة الجديدة، واهتمام القيادة الإيرانية بالصداقة بين البلدين، لكنه لم يتطرق إلى تفاصيل استعدادات بلاده لمساعدة لبنان فيها، تاركا الأمر إلى رغبة الجانب اللبناني. وأكدت المصادر لـ"الحياة" أن ظريف لم يأت على ذكر التفاصيل التي كان تردد قبل الزيارة الحديث عنها، مثل تزويد الجيش أنظمة دفاع جوية أو ما شابه من أسلحة، وبناء محطات كهرباء أو تزويده بها، أو بيعه أدوية، واكتفى بعرض عناوين بعض مجالات التعاون، استنادا إلى الاهتمام بدعمه ومساندة نهوضه الاقتصادي وتعافيه واستقراره. إلا أن المصادر اللبنانية المتعددة أوضحت لـ"الحياة" أن ظريف حرص على التأكيد أن بلاده "لا تريد إحراج لبنان" و"يهمنا ألا يكون تحت الضغط وبالتالي يمكن أن تتم التعاملات بيننا وبينكم وفق آلية شبيهة بالتي تقررت مع أوروبا فإذا رغبتم نحن جاهزون". وأشارت المصادر إياها إلى أن ظريف ذكر بأن بلاده سبق أن عرضت التعاون مع لبنان في السنوات السابقة "وما زلنا نعرض ذلك". وذكرت مصادر الرئاسة اللبنانية أن ظريف شكر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على وقوف لبنان إلى جانب إيران في المحافل الدولية. كما تطرق البحث إلى الضغوط التي تتعرض لها ومنها مؤتمر وارسو الذي دعت إليه واشنطن لمواجهة إيران، فأبلغه عون أن لبنان لن يحضر المؤتمر. وتطرقت محادثات ظريف في بيروت إلى الوضع الإقليمي ولا سيما سورية، فأكد أن بلاده تؤيد الحل السياسي الوطني فيها. عون وكان ظريف اجتمع صباح أمس إلى عون في بعبدا، ناقلا اليه رسالة شفهية من الرئيس الايراني ضمنها تحياته وتمنياته له في التوفيق له في قيادة مسيرة لبنان، وجددالدعوة التي كان وجهها اليه لزيارة الجمهورية الاسلامية الايرانية، مشيدا بالعلاقات اللبنانية- الايرانية التي تصب في مصلحة البلدين والشعبين، ومنوها بحكمة الرئيس عون التي ادت الى تشكيل حكومة جديدة. واعرب رئيس الجمهورية عن امتنانه للدعم الذي يلقاه لبنان من الجمهورية الاسلامية في المجالات كافة، انطلاقا من علاقة الصداقة التي تجمع بين البلدين. وابلغ الرئيس عون ظريف، ان مسألة النازحين السوريين في لبنان تحتاج الى معالجة تأخذ في الاعتبار ضرورة عودتهم الامنة الى المناطق السورية المستقرة، لاسيما وان تداعيات هذا النزوح كانت كبيرة على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والامنية في لبنان، معتبرا ان "لايران دورا في المساعدة على تحقيق هذه العودة". بري ومن بعبدا، انتقل ظريف الى مقر الرئاسة الثانية حيث استقبله رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وقال ظريف: "الجمهورية الاسلامية الايرانية لديها الاستعداد الكامل للتعامل مع الجمهورية اللبنانية على كافة الاصعدة لما يخدم مصلحة البلدين الشقيقين وهذه العلاقات المميزة تخدم الشعبين الشقيقين ولا ترتد سلبياً عليهما". اما في الخارجية، فالتقى ظريف نظيره جبران باسيل الذي أكد في مؤتمر صحافي عقده مع ضيفه "اننا متفقون معه على وجوب التسريع بالحل السياسي لسورية، ومسار أستانة يهم لبنان من ناحية الإستقرار وتهيئة الأجواء لعودة النازحين". وأعلن باسيل "اننا سنتغيب عن مؤتمر "وارسو" بسبب حضور إسرائيل، ولأن لبنان يتبع سياسة النأي بالنفس". وأشار الى ان "لبنان أنجز المهمة العسكرية، ونسعى لجعل لبنان مركزا أمميا لحوار الحضارات وطلبنا من ايران الوقوف معنا". ولفت الى انه ذكّر بقضية نزار زكا، مؤكدا في الموازاة انه "لا يوجد حرج بالتعامل الإقتصادي مع إيران إذا وجدت الأطر التي تحمي لبنان". "لا قوانين دولية تمنع تعاون ايران ولبنان" من جهته، اعلن ظريف "اننا واثقون بأن الحكومة الجديدة ستنهض بلبنان وسنبقى دائما الى جانب الشعب ونمد يد العون بكافة الأطر"، وقال: "نحن على أتم الاستعداد للتجاوب مع طلب الحكومة اللبنانية لنتعاون معها في أي مجال حيوي تراه مناسبا"، مشيرا الى "ان هناك ترويجا لأخبار وهمية وواهمة". واذ لفت الى "اننا نثمن عاليا الموقف اللبناني في ما يخص مؤتمر وارسو". قال ظريف عن قضية زكا: "هناك فصل للسلطات في إيران واستقلالية تامة للسلطة القضائية، لكننا نقوم بالجهود اللازمة لحل الأمر". واشار الى ان "ليس هناك قانون دولي يمنع ايران ولبنان من التعاون، حتى ان القرار 2231 يطلب من الدول كافة تطبيع علاقتها الاقتصادية مع ايران". نصرالله وزار والوفد المرافق، الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، في حضور السفير الايراني محمد جلال فيروزنيا، حيث "تم استعراض آخر التطورات السياسية في لبنان والمنطقة"، وفق بيان للعلاقات الاعلامية في حزب الله. وأكد ظريف "موقف الجمهورية الاسلامية الثابت إلى جانب لبنان دولة وشعبا ومقاومة، وإستعدادها لتقديم كل أشكال المساعدة والتعاون في مختلف الملفات المطروحة". من جهته، شكر نصرالله لظريف "ومن خلاله قيادة الجمهورية الاسلامية في إيران ومسؤوليها وشعبها على جميع ما قدمته للبنان وفلسطين وحركات المقاومة وشعوب المنطقة في مواجهة العدوان الصهيوني والإرهاب التكفيري، هذه المساندة التي أدت إلى صنع الانتصارات في أكثر من ساحة وميدان"، متمنيا أن "تواصل الجمهورية الاسلامية دعمها واهتمامها بالرغم من كل المؤامرات والضغوط التي تتعرض لها بسبب ذلك". ظريف يعد الحريري بمتابعة قضية زكا ومساء استقبل رئيس الحكومة سعد الحريري، ظريف يرافقه السفير فيروزنيا، في السرايا الكبيرة، في حضور الوزيرين السابقين غطاس خوري وباسم السبع، وعرض معه الأوضاع العامة المحلية والإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين. وخلال اللقاء، نقل الوزير ظريف، وفق المكتب الاعلامي للحريري، تهنئة الرئيس الإيراني بتشكيل الحكومة اللبنانية، معربا عن تمنيات إيران بنجاحها في برنامجها للنهوض، وعن استعداد بلاده لمساعدة لبنان في المجالات التي تحددها الحكومة اللبنانية. بدوره، شكر الرئيس الحريري الوزير ظريف، مؤكدا أن الحكومة تنطلق في برنامجها للنهوض من مصلحة الشعب اللبناني ومصالح لبنان العليا، لافتا إلى احترام لبنان لتعهداته والتزاماته تجاه المجتمع العربي والدولي. كما جرى خلال اللقاء جولة أفق في أوضاع المنطقة، لا سيما ما يتعلق بقضية النزوح السوري، والسبل الآيلة لتحقيق عودة آمنة وكريمة للنازحين في لبنان. وفي ختام اللقاء استفسر الحريري عن جواب الحكومة الإيرانية في شأن مطالبته بإطلاق سراح اللبناني نزار زكا المسجون في إيران، مشددا على وجوب إنهاء هذا الملف، بما يشكل بادرة إيجابية تجاه عائلة زكا والشعب اللبناني عموما، فوعده الوزير ظريف بالمتابعة.
مشاركة :