فر المئات ليل الإثنين الثلاثاء، من الكيلومترات الأخيرة تحت سيطرة تنظيم داعش في شرق سوريا، حيث تواصل قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة أمريكية المرحلة الأخيرة من هجومها الهادف لانهاء التنظيم. وتخوض قوات سوريا الديمقراطية منذ سبتمبر/ أيلول عملية عسكرية ضد التنظيم في ريف دير الزور الشرقي. وتمكنت من طرده من كل القرى والبلدات، ولم يعد موجوداً سوى في بقعة صغيرة لا تتجاوز 4 كيلومترات مربعة تمتد من أجزاء من بلدة الباجوز وصولاً إلى الحدود العراقية. وأفاد مدير المركز الاعلامي لقوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي لوكالة فرانس برس الثلاثاء عن خروج نحو 600 شخص من الباجوز بعد منتصف الليل، مشيراً إلى “اشتباكات عنيفة مستمرة” في المنطقة. ويخضع الخارجون من نقاط سيطرة التنظيم، في منطقة فرز مخصصة لهم، لعملية تفتيش وتدقيق أولي في هوياتهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية قبل أن تنقل المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم إلى مراكز تحقيق خاصة والمدنيين وعائلات التنظيم إلى مخيمات في شمال شرق البلاد. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن غالبية الخارجين هم من النساء والأطفال الأجانب، من جنسيات روسية وتركية وفرنسية وشيشانية، وبينهم كذلك 28 مقاتلا من التنظيم في عدادهم 7 أجانب، تم توقيفهم. وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية تدعمه واشنطن، السبت بدء هجومها الأخير لطرد مئات الجهاديين المحاصرين في بقعة صغيرة في ريف دير الزور الشرقي، بعد توقف استمر أكثر من أسبوع للسماح للمدنيين بالخروج. تقدم بطيء تواصل هذه القوات بحسب المرصد، القتال للضغط على التنظيم من أجل “الاستسلام”، لكنها تتقدم ببطء نتيجة عوائق عدة كالألغام والقناصة والأنفاق التي حفرها المسلحون. ويضاف إلى ذلك، وجود أسرى من قوات سوريا الديمقراطية لدى التنظيم الإرهابي. وأوضح المتحدث باسم التحالف الكولونيل شون راين لفرانس برس الثلاثاء أن “التقدم بطيء ومنهجي مع تحصن العدو بشكل كامل، واستمرار مقاتلي التنظيم في شن هجمات معاكسة” موضحاً في الوقت ذاته أن التحالف يستمر في “ضرب أهداف للتنظيم كلما كان ذلك متاحاً”. ويدعم التحالف الدولي بالغارات والقصف المدفعي تقدم قوات سوريا الديمقراطية الميداني، التي قال إنها تمكنت من “تحریر نحو 99,5% من الأراضي الخاضعة لسیطرة” التنظيم. وقتل 16 مدنياً على الأقل الإثنين بينهم 7 أطفال جراء غارات للتحالف استهدفت أطراف بلدة الباجوز، بحسب المرصد. ودفعت العمليات العسكرية أكثر من 37 ألف شخص الى الخروج من آخر مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع ديسمبر/ كانون الأول، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين، وبينهم نحو 3400 مشتبه بانتمائهم الى التنظيم، وتم توقيفهم، وفق المرصد. وشاهد فريق فرانس برس الإثنين عناصر من قوات التحالف الدولي يحيطون بأكثر من 20 رجلاً يجلسون أرضاً ويُشتبه بانتمائهم للتنظيم. وقالت سيدتان فرنسيتان لفرانس برس إنهما دفعتا المال لمهربين لقاء تأمين خروجهن من المنطقة المتبقية تحت سيطرة التنظيم. وأوضحت إحداهن وعرّفت عن نفسها باسم كريستال وهي في العشرينات من العمر من مدينة بوردو الفرنسية “لا يزال هناك العديد من الفرنسيين، والعديد من المهاجرين، وآخرون يحاولون الخروج لكن التنظيم لا يسمح بذلك”. وأضافت وهي تحمل طفليها (سنة وثلاث سنوات)، “يسمحون لجميع العراقيين والسوريين بالخروج ولكن يعرقلون خروجنا”. وتقدر قوات سوريا الديمقراطية وجود أكثر من 600 من مقاتلي التنظيم في المنطقة المحاصرة، وفق بالي الذي رجح ألا يكون زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي موجوداً فيها. تعمد قتل المدنيين ومنذ بدء الهجوم في العاشر من سبتمبر/ أيلول، وثّق المرصد مقتل 670 من قوات سوريا الديمقراطية مقابل 1298 من التنظيم المتطرف. كما تسببت المعارك والقصف بمقتل 417 مدنياً بينهم 151 طفلاً. ومني التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة ما أسماها “الخلافة الإسلامية” على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين. وبات وجوده حالياً يقتصر على مناطق صحراوية حدودية بين البلدين. ورغم هذه الخسائر، لا يزال التنظيم قادراً على التحرك من خلال شن هجمات مضادة أو تحريك “خلايا نائمة” تابعة له تستهدف المدنيين والمقاتلين على حد سواء. وبعد انتهاء المعارك، يبقى أمام قوات سوريا الديمقراطية وحلفائها وفق راين “اجراء عمليات تطهير” بعدما “تعمّد التنظيم ترك عبوات مفخخة خلفه لقتل المدنيين الأبرياء”. وتوقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإثنين استعادة المناطق التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم المتطرف خلال أسبوع. وقال أمام التحالف الدولي في واشنطن إنّ “الجنود الأمريكيّين وشركاءنا في التحالف وقوّات سوريا الديمقراطيّة حرّروا على الأرجح كامل المناطق التي يُسيطر عليها تنظيم داعش في سوريا والعراق”. وفاجأ ترامب في 19 ديسمبر/ كانون الأول حلفاءه الغربيين والمقاتلين الأكراد بإعلانه قراره سحب كافة قواته من سوريا والتي يقدر عددها بنحو ألفي جندي. وخلال سنوات النزاع السوري، شكل المقاتلون الأكراد شريكاً فعالاً لواشنطن في قتال المسلحين. إلا أن إعلان ترامب قراره بسحب قواته كان له وقع الصدمة عليهم. وأبدى الأكراد خشيتهم من أن يسمح القرار الأميركي لتركيا بتنفيذ تهديداتها بشن هجوم على مواقع سيطرتهم، حيث تخشى أنقرة من أن يقيموا حكماً ذاتياً قرب حدودها.
مشاركة :