شدد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي على أهمية تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك لصون الأمن القومي العربي والتصدي للإرهاب، لافتاً إلى أن العالم العربي يمر بمرحلة غير مسبوقة. وقال في مقابلة أجرتها معه «الحياة» في واشنطن على هامش قمه البيت الأبيض لمكافحة التطرف: «يجب على الدول العربية أن تنسق جهودها لمواجهة خطر الإرهاب... لا بد أن تقف وقفة واحدة»، مشيراً إلى أن الإطار القانوني والسياسي متوافر في هذه المعاهدة التي وقعت عام 1950 وأشارت الى ضرورة توافر قدر من التقدم الاقتصادي حتى يمكن للدول العربية أن تدافع عن نفسها. وكشف العربي عن رسائل أرسلها إلى وزراء الخارجية العرب في شأن رؤيتهم لتفعيل المعاهدة، وقال: «أتوقع الحصول على الرد قريباً لأن هذه القضية ستطرح في الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية في الثامن من آذار (مارس) المقبل. وانتقد العربي البيان الذي صدر عن قمة البيت الأبيض، واصفاً إياه بأنه ضعيف وهزيل جداً، وتساءل باستنكار: «هل يعقل أن نجتمع اليوم كي نصدر قراراً للجمعية العامة في أيلول (سبتمبر) المقبل؟... الأمر ملح جداً ولا يحتمل التأخير». وعلى صعيد تحفظ قطرعلى ما ورد في بيان الجامعة العربية الأخير عن حق مصر في توجيه ضربات للمنظمات الإرهابية في ليبيا ثأراً لدماء المصريين، قال: «هناك سلطتان في ليبيا، وقطر لا تؤيد السلطة الشرعية في طبرق، بل تؤيد الجهة الأخرى (الجماعات الإسلامية) وترفض رفع الحظر على تسليح الجيش الليبي، ومع ذلك، فأنا لا أتفهم موقفها لأن ضربات مصر الجوية لمواقع داعش (تنظيم الدولة الاسلامية) في ليبيا هي من أجل حماية مواطنيها ودفاعاً عن مصالحها». وعن فشل الجامعة في لعب دور فاعل لوقف الحرب الأهلية في ليبيا، أجاب: «دورنا ليس غائباً بل هو منذ البداية للمساعدة في بناء المؤسسات والشرطة والجيش وجمع السلاح، ونحاول إيجاد حل سياسي بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي. وخلال اجتماعي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قلت له أن هناك أعداداً كبيرة من المبعوثين من الدول المختلفة، وكل مبعوث يقابل جماعات ويعمل بمفرده... وهذا لن يؤدي إلى شيء، لذلك يجب تنسيق الجهود والقنوات كي نتمكن من الضغط عليهم لأنهم يخشون من أن يفرض مجلس الأمن عليهم عقوبات، فذلك من شأنه أن يكبدهم خسائر مالية فادحة». وعلى صعيد الوضع في سورية وعما إذا كان للاتصالات التي تقوم بها الجامعة مع الائتلاف الوطني السوري المعارض، مردود إيجابي، أجاب: «المعارضة مشتتة، ويجب أن توسع قاعدتها، ولقد قلت لهم هل معقول أن أتعامل مع ستة رؤساء للائتلاف بالتوالي على مدار ثلاث سنوات؟ وللأسف أيضاً نحن لم ننجح في محادثاتنا مع حكومة دمشق، وأرسلنا الملف إلى مجلس الأمن، لكنه لم يحقق شيئاً. رغم ذلك، هناك اتصالات غير مباشرة مع الحكومة السورية، ونحن أبلغناها بضرورة بحث المرحلة الانتقالية أولاً، ثم الإرهاب لأنها تعتبر المعارضة إرهابية، لكننا نقول إنها معارضة وليست إرهابية، ويجب الاستجابة لبعض مطالبها... الوضع سيء وغير مستقر»، موضحاً أن إيران مسيطرة على الوضع في سورية. ولفت إلى أنه رغم تمكن روسيا التي اعتبرها «الطرف الأكبر تأثيراً»، من جمع الحكومة مع المعارضة إلا أنها لم تتوصل الى شيء. وأردف: «أعتقد أن الروس لم يعد لديهم حماسة في الاستمرار في محاولة التوفيق بين الحكومة والمعارضة لأن هذا الأمر يكلفهم أموالاً طائلة». وسئل الأمين العام للجامعة عن القرار الذي صدر أخيراً عن محكمة مصرية باعتبار ان «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، حركة «إرهابية»، فأجاب: «أنا لا أعلق على أحكام القضاء... لكن كتائب القسام وغيرها من كتائب المقاومة الفلسطينية التي تتصدى للاحتلال الإسرائيلي ليست إرهابية، والمقاومة حق مشروع لها مئة في المئة، وليس هناك خلط على الإطلاق بين المقاومة والإرهاب». وأردف: «أثناء الحرب على غزة، كنت على اتصال مستمر مع (رئيس المكتب السياسي لحماس) خالد مشعل». وعزا العربي تعطل إعمار غزة الى الخلاف بين حكومتي غزة ورام الله، وقال: «الدول المانحة ترفض أن تسلم الأموال لحركة حماس... الخلاف الداخلي وعدم التعاون بين السلطة وحماس عطل إعادة الإعمار»، موضحاً أن هناك اتصالات من المانحين مع الجامعة العربية والأمم المتحدة كي يتم دفع الأموال من خلال «وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا)، متوقعاً أن تنجز هذه الآلية قريباً. وحذر العربي من إثارة نعرة السنة والشيعة، وقال: «انه موضوع خطير جداً»، متهماً إيران بإثارته لأهداف سياسية. وأضاف: «إيران تقف وراء كثير مما يحدث في اليمن... والبحرين تشتكي من تدخلات إيرانية». ولفت إلى أنه عندما كان وزيراً للخارجية في مصر ودعا إلى تطبيع العلاقات مع إيران، طلب شيخ الأزهر مقابلته، وقال: «ذهبت إليه، فأطلعني على كتب للتشييع في الأزهر مطبوعة في إيران». وحمل العربي إسرائيل مسؤولية الأحداث التي تجري في الساحة العربية، وقال: «أكيد المشاكل التي تعاني منها المنطقة تقف وراءها إسرائيل بطريقة أو بأخرى لأن هذا يصب في مصلحتها». وتابع: «هناك مقولة منسوبة الى رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون أرددها دائماً، وهي: ان قوة إسرائيل ليست في ترسانتها العسكرية، لكن في ضعف مصر والعراق وسورية». وأضاف: «إسرائيل تُعتبر الآن آخر معاقل العنصرية والاستعمار في العالم، لكن المجتمع الدولي لا يتحرك ساكناً، بينما روسيا بمكانتها عندما احتلت جزيرة القرم، وقعت عليها العقوبات»، لافتاً الى أن «سياسة الكيل بمكيالين والظلم يولدان التطرف، ما يؤدي الى انتشار العنف بين الشباب».
مشاركة :