تولد صناعة البلاستيك العالمية إيرادات تتجاوز تريليون دولار سنويا، وستصل إلى 1.2 تريليون عام 2020. وبحسب التقديرات العالمية، فإن قيمة السوق العالمية لإدارة النفايات البلاستيكية بلغت نحو 30 مليار دولار ومن المتوقع أن ترتفع بمعدل نمو سنوي بنحو 3.1 في المائة حتى 2024. وتشير التقديرات الدولية إلى أن عمليات التعبئة والتغليف هي المسؤول الأكبر عن استهلاك البلاستيك عالميا، يليها المنتجات الاستهلاكية والمنزلية ثم قطاعات البناء والتشييد التي تستهلك نحو 20 في المائة من إجمالي الناتج العالمي. ولأكثر من ستين عاما استمر الإنتاج العالمي من البلاستيك في ارتفاع. وبينما لم يتجاوز الإنتاج العالمي في ستينيات القرن المنصرم 1.5 مليون طن متري. قفز الإنتاج إلى 348 مليون طن متري في عام 2017. ولا شك أن البلاستيك ولسنوات، أفلح في إزاحة عديد من المواد مثل الخشب والمعادن والزجاج من كثير من الصناعات. ويمثل الإنتاج الصيني حاليا ربع الإنتاج العالمي من البلاستيك تقريبا، وتزداد بشكل مستمر صادرات الصين من البلاستيك خاصة إلى الولايات المتحدة، كما أن إنتاج اللدائن في الصين في تطور مستمر أيضا. ويشير المهندس إدوارد ميتشيال الخبير في صناعة اللدائن ونائب الأمين العام لاتحاد تجار البلاستيك في المملكة المتحدة، إلى أن البلاستيك ظهر للاستهلاك في ستينيات القرن الماضي، وإن كانت أسس الصناعة تعود إلى العشرينيات، ومن حينها وتحديدا خلال الفترة من 1950 إلى 2012 بلغ متوسط نمو صناعة البلاستيك في العالم 8.7 في المائة. وأوضح أن السوق مدفوعة بنزعة استهلاكية قوية يحركها في الأساس انخفاض أسعار السلع البلاستيكية، وسهولة إنتاجها واستهلاكها. ويضيف: "التقديرات المتاحة تشير إلى أن نصف الإنتاج العالمي من البلاستيك يستخدم مرة واحدة، ويتم إلقاء ثمانية ملايين طن من البلاستيك سنويا في المحيطات، أي ما يعادل شاحنة لجمع القمامة ملأى، وتقوم بتفريغ حمولتها من البلاستيك في المحيط بمعدل شاحنة كل دقيقة، وإذا لم نتخذ إجراءات عاجلة فإن حمولة الشاحنة سيتم تفريغها في المحيط كل 15 ثانية بحلول عام 2050، بحيث أن كتلة البلاستيك ستتجاوز كتلة الأسماك. وبحسب ميتشيال فإن الدراسات تشير إلى أنه يتم إعادة تدوير 18 في المائة فقط من البلاستيك على مستوى العالم، إلا أن هذا ينطبق على اللدائن بصفة عامة، ويتضمن ذلك البلاستيك الموجود في السيارات والمباني. ويقول: "أما بالنسبة للتغليف البلاستيكي (زجاجات المياه وأكياس الرقائق وحقائب المحال التجارية) فإن معدل تدويرها لا يتجاوز 14 في المائة، وذلك بسبب استبعاد الكثير منها في عملية الفرز وإعادة التدوير، وعمليا تتراجع نسبة التدوير إلى 5 في المائة فقط من مواد التعبئة والتغليف البلاستيكية، بينما لا يدخل ثلث التغليف البلاستيكي في أنظمة جمع القمامة ويتم فقدانه في البيئة" وحول متوسط الاستهلاك العالمي من البلاستيك يشير الاتحاد الأوروبي في تقرير له بهذا الشأن، إلى أن متوسط الاستهلاك العالمي بلغ عام 2017 نحو 25 كيلو جراما من البلاستيك للفرد سنويا، إلا أن أعلى معدل استهلاكي تركز في بلدان اتفاقية نافتا "NAFTA" وتضم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، حيث بلغ المتوسط السنوي لاستهلاك الفرد 90 كيلو جراما من البلاستيك سنويا، تليها بلدان أوروبا الغربية نحو 65 كيلو جراما للفرد، أما أوروبا الشرقية فلم يتجاوز نصيب الفرد عشرة كيلو جرامات وفي الصين نحو 12 كيلو جراما، أما أمريكا الجنوبية فإن متوسط استهلاك الفرد يقارب 20 كيلو جراما. من جهته، يعتقد الدكتور راين كونيل أستاذ الاقتصاد الدولي أن السنوات المقبلة ستشهد تغيرا مهما في صناعة البلاستيك العالمية. ويقول لـ"الاقتصادية": إنتاج البلاستيك يتحول تدريجيا إلى آسيا فالصين تنتج ربع الإنتاج العالمي، ومعدل النمو السنوي لديها 3 في المائة، وتجاوزت الإنتاج الأوروبي، ومنذ عام 2010 تشهد الهند نموا قويا في إنتاج البلاستيك، بسبب زيادة السكان ونمو القطاع الصناعي، وعلى الرغم من أن إنتاجها أقل من الصين إلا أن معدل النمو لديها أكبر من الصين إذ يبلغ 8 في المائة، كما أن عديدا من الدول الناشئة في آسيا وتحديدا التي خرجت من تحت عباءة الاتحاد السوفيتي تنمو فيها الصناعات البلاستيكية بشكل ملحوظ، ويشير ذلك إلى أن القارة الآسيوية ستكون المنتج الرئيس للبلاستيك. ويؤكد أن هناك حملات توعية وثقافة أعلى في البلدان المتقدمة فيما يتعلق بإعادة التدوير، وهو ما يعني عدم الحاجة إلى مزيد من الإنتاج الكثيف لتغطية الاستهلاك المحلي المتصاعد، أما نصيب منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا فلن يتجاوز 8 في المائة وستظل أمريكا اللاتينية الأقل نصيبا في إنتاج البلاستيك. بدوره، يقول لـ"الاقتصادية" المهندس تشارلي ويل تاجارت من شركة كودا بلاستيك ليمتد: "صناعة السيارات تستخدم كميات كبيرة ومتزايدة من اللدائن الحرارية لتقليل وزن السيارة وتحقيق معايير أعلى في كفاءة استهلاك الوقود، ويقدر الاتحاد الأوروبي أن نحو 16 في المائة من وزن السيارة المتوسطة مكونات بلاستيكية. ويوضح أن نحو 70 مليون طن من الإنتاج العالمي من البلاستيك يدخل في صناعة المنسوجات والسجاد، وتلك الاستخدامات ستضمن تنامي صناعة البلاستيك مستقبلا. ويلفت إلى أنه غالبا لا يتم إعادة تدوير الملابس، والمواطن العادي في الولايات المتحدة يولد أكثر من 90 رطل من نفايات النسيج سنويا، بمعنى آخر الشخص العادي حاليا يشتري ملابس أكثر بنسبة 60 في المائة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل نحو عقدين، كما أنه يستخدمها لفترة زمنية أقصر، ومن ثم فإن الصناعة يتزايد عليها الطلب من قبل المستهلكين ومن قبل الصناعات الأخرى ما يضمن لصناعة البلاستيك ازدهارا متناميا.
مشاركة :