اقترح مشاركون في القمة العالمية للحكومات تشكيل «حكومة عالمية» لمواجهة التحديات التي يشهدها العالم، عبر فكرة إقامة دولة فيدرالية من دول مستقلة عدة، بحيث تندمج جميعها في إطار موحد لمصلحة حكومة مركزية منتقاة تسمى «الحكومة العالمية» لتواجه قضايا هيمنة النخبة وغياب العدالة في توزيع الثروات وانعدام المؤسسية. واعتبر مشاركون في الدورة السابعة، أن هذه الفكرة أشبه بالحلم، ولكنها ليست مستحيلة، حيث إن أعمال هذه القمة جاءت بهدف صناعة مستقبل أفضل للإنسان، وتحسين الظروف الحياتية لـ7 مليارات نسمة في القطاعات كافة التي تمس حياتهم. جاء ذلك رداً على سؤال لـ«الاتحاد» مفاده: ماذا لو اندمجت جميع دول العالم في دولة واحدة تحت مظلة حكومة فيدرالية تحكم الأرض بالكامل، وتمنح الجميع حقوقاً متساوية في التعليم والصحة ومستوى المعيشة؟ وأوضح المشاركون في أعمال الدورة السابعة أن من إيجابيات فكرة الحكومة العالمية إلغاء الجيوش، وعدم شراء الأسلحة في دولة أممية عالمية، ما يوفر أموالاً طائلة وتحويلها لمشروعات تخدم البشرية جمعاء، وتصب في مصلحة الإنسان بمعزل عن عرقه ودينه ومعتقداته، فضلاً عن انتهاء النزاعات والصراعات الدموية وحلول السلام العالمي ودعم المناطق الفقيرة والأقل حظاً. انتصار الفكر الإنساني وأكد المشاركون أن من إيجابيات هذا التحول الحالم تسيّد الفكر الإنساني وانتصاره على الأفكار القومية والدينية المتطرفة والإقليمية، لتسود فكرة «المواطنة على دولة كوكب الأرض»، عوضاً عن كثير من المعتقدات السلبية السائدة الآن، واختفاء الحركات الانفصالية، وخلق مزيد من الاستقرار بين شعوب العالم، مطالبين بحكومة عالمية تضم عدداً من الحكومات ذات التجارب الناجحة، وفي مقدمتها الإمارات. وبشأن السلبيات التي قد تطرأ في حال «الحكومة العالمية»، لفت المشاركون إلى عدد من المخاوف، منها: أن العالمية قد تتحول إلى حكومة ديكتاتورية، واختفاء روح التنافس، قائلين إنهم ينظرون إلى الأمم المتحدة كنواة صغيرة لحكومة عالمية، فيما يرى آخرون في حكومة دولة الإمارات حكومة «مبشرة» بقيادة قاطرة التحول التنموي في المنطقة. تقريب الأفكار وفي هذا الإطار، أكد معالي حسين إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، أن القمة الحكومية العالمية تحاول تقريب الأفكار، ومقاربة التحديات، وإبراز الكيفية التي يمكن أن تتعامل بها الدول مع بعضها بعضاً كمنظومة واحدة، تستطيع الاستفادة من بعضها بعضاً، منوهاً بأن الفكرة الأساسية من هذه المؤتمرات تكمن في التجانس والتعاون بين بعضنا بعضاً لمصلحة البشرية، حيث إن نقاط الحوار تجعلنا نضع خططاً للتغلب على التحديات والعقبات العالمية. وأشار إلى أن التحدي الأكبر لدى العالم في الوقت الراهن ما وضعته الأمم المتحدة من 17 عنصراً رئيساً ضمن تحديات العالم، ومنها محور الحفاظ على التعايش السلمي مع البيئة. تجاوز الأفكار البالية وقال ديمينين دوبلين من الدومنيكان: نأمل أن تحمل الأجيال الجديدة رياح التغيير وتتجاوز الأفكار البالية، ودون شك أن الأرض تتسع للجميع، ولكن لابد أن يكون هذا الجميع متآلفاً متآزراً متحاباً لا يحمل الضغينة والكراهية وبذور الفتنة، فالطريق طويل للوصول إلى هذا الأمل، ولكنه ليس مستحيلاً. ودون شك نرى في دولة الإمارات وحكومتها أملاً لكثير من الشعوب الأخرى التي ترزح تحت نير الحروب، وتعيش البؤس والشقاء، وبالتالي نتوقع أن تكون من الحكومات المختارة في «الحكومة العالمية» التي ستحكم العالم مستقبلاً، ولا نعلم متى يكون هذا المستقبل. قرية صغيرة ويتوقع ميغيل بوندارينكو مدير الحكومة الإلكترونية في روستوكوم الروسية، أن هذا الأمر ليس أمراً مستحيلاً، بل هو قريب وقريب جداً، إذ إن العالم يتحول إلى قرية صغيرة مع ثورة اتصالات هائلة، حيث إن هناك عشرات المنظمات الدولية التي تعمل بشكل جماعي، وضمن إطار دولي، مثل «الإنتربول» والأمم المتحدة، وغيرهما من الجهات، منوهاً بأن إيجابيات هذا الأمر كبيرة جداً وتفوق الوصف، حيث لا حدود ولا شيء يمنع الاستيراد والتصدير، وتطور الاقتصاد أيضاً سيوفر فرصاً كثيرة للشباب الباحثين عن العمل، كما أن الأفكار التي ستسود الشعوب ستكون أفكاراً خلاقة إبداعية في ظل اختفاء وتواري الأفكار الهدامة كافة التي تؤجج التفرقة وتناهض الوحدة. صيغة موحدة وقالت فوزية غريب، وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد لقطاع العمليات: إن هذا الحلم ليس مستحيلاً، حيث نرى مضامين ذات أفكار وصيغة موحدة عبر الجمعيات والنقابات والمؤسسات الدولية كأن يكون جميع سكان الأرض في ظل حكومة واحدة، ونرى في دولة الإمارات المقدرة على أن تكون ضمن الحكومات المختارة القيادية، وبالأخص في قطاع التكنولوجيا والتعليم، ودون شك تبقى سلطة كل دولة إدارياً. دولة الجميع ويرى بافيل سكوبيدا، مدير عام شركة «اس دبليو» البيلاروسية، أن المستقبل سيحمل تغييرات جذرية في تفاصيل الحياة كافة، ومن المتوقع أن تكون هناك حكومة عالمية تتكون من حكومات ناجحة عدة، قدمت تجارب رائدة لشعوبها، لكي تخطط لتوفير حياة أفضل لكافة الشعوب لتكون الأرض كلها في النهاية دولة الجميع، مؤكداً أن الإمارات قادرة على أن تكون واحدة من هذه الحكومات الذكية المختارة. التعاون خطوة أولى وتغرد يوكسون شين، الطالبة في جامعة أكسفورد، خارج السرب، حيث تقول: إن هذا تحدٍ كبير، حيث إن لكل رئيس ومسؤول فلسفته الخاصة في الحياة، وأفكاره التي قد تكون متطرفة نوعاً ما، ولعل نشأتي في بلدي الأم الصين ودراستي في بريطانيا جعلتني أرى الاختلافات الكبيرة بين الدولتين اللتين أظن أنهما من المستحيل أن تتوافقا وتتحدا كدولة واحدة، ومع كل هذا التنوع ومليارات السكان، فمن المستحيل إرضاء وتلبية احتياجات الجميع، ولكن ذلك لا يمنع أيضاً من محاولة تحقيق التعاون بين دول العالم كخطوة أولى نحو مستقبل متسامح بشكل أكبر. «وليام أي أم»: الموسيقى وحدت الأرض بدوره، قال «وليام أي أم»، مغني الراب الأميركي الأكثر شهرة وهو ضيف على القمة للمرة الثانية: نحن الموسيقيين والفنانين لا ننظر إلى الآخر بطريقة عنصرية، ولا نرى حدوداً للتعاون بيننا وبين مختلف الدول لما نراه من معجبين من شتى أنحاء العالم، ولكن هذه ليست طريقة عمل الحكومات، إذ لديهم أجندات مختلفة تماماً على أساسها يقومون بخطواتهم من حل نزاعات أو تحقيق سلام. ولكن ذلك لا يمنع أن نحلم بأن اختلافاتنا كأشخاص تجعلنا نستطيع التعايش كدولة واحدة بدلاً من محاولة تغييرنا لبعضنا بعضاً، فالقبول، والتسامح، وحب الغير نقاط بداية لبناء بدولة إنسانية موحدة. وللموسيقى تجربة ثريّة في هذا الإطار، فقد وحدت الأرض رغم تعدد الثقافات والأعراق والأذواق عبر العالم. التنوع في العالم أشارت سيري بورغن، سكرتير أول في السفارة الملكية النرويجية، إلى أن هناك الكثير من التنوع في العالم، ما يجعل من المستحيل أن نعيش كدولة واحدة وتحت حكومة واحدة، فنحن نختلف حتى في طريقة عيشنا مع الطبيعة، وتلاؤمنا مع المعطيات الخارجية، موضحة أن المهرجانات والمنصات العالمية الكبيرة فرصة سانحة للتقارب والتعرف إلى أشخاص من مختلف دول العالم، وهذا أقرب ما يكون إلى العيش كدولة واحدة، ولكنني أعتقد أن قبول الآخر بكل ما يتضمن من أفكار وآراء فكرة شبه مستحيلة. وبدوره، قال د. تاج الدين حمد، مدير عام مؤسسة وانغو: «إن رغبة الإنسان الأساسية في الحياة هي الوحدة؛ لأنها تتضمن القوة، والتقدم، والسلام، والتسامح، فنحن نتطلع إلى دولة واحدة تشمل الجميع، ولكي نستطيع تحقيق ذلك يجب على السياسات الحكومية النظر إلى نبض الشارع، ومن هنا نستطيع الانطلاق، فمن خلال تقريب السياسات للشعوب بشكل أولي بدلاً من التفكير الدكتاتوري والانعزالي، سنصل بشكل كبير لهدفنا الأساسي للعيش كدولة واحدة بسلام». وقالت برناديت لويس سكرتير عام في الـ«سي تي يو»: «إن حاجتنا لبعضنا بعضاً تجعلنا نطمح لأن نصبح دولة واحدة في ظل حكومة واحدة، وفي رأيي إن الطريق الأسرع للوصول إلى ذلك هو تقبل بعضنا بعضاً بشكل تام، بعيداً عن اختلاف اللون، والأصل، والثقافة، والدين، وأن ننظر إلى الإنسان كإنسان مجرد ولا نأخذ بعين الاعتبار التفاصيل البسيطة، فوحدة الشعوب ستقضي على الحروب، والسياسات الدكتاتورية في العالم وسنعيش بسلام».
مشاركة :