في هذا التوقيت من كل عام يروي مهرجان أضواء الشارقة قصة مدينة، ومنجزات إمارة، وحضارة دولة ناهضة فتية، حيث تتحّول معالم الشارقة وصروحها الشامخة بكل ما تعكسه من جماليات الهندسة المعمارية الإسلامية الطابع والطراز، وعلى مدى 11 أمسية وليلة، إلى أيقونات ضوئية تشع بأطياف السحر والنور، مزخرفة من خلالها أجمل مفردات البيئة والتراث، ومعيدة رسم تفاصيلها بأشكال آسرة من فانتازيا الألوان والضياء. أجواء خلابة عبر دورته التاسعة لعام 2019 وتحت شعار «الثقافة والعائلة»، بسط جناح المهرجان ظلاله على 17 موقعاً وبقعة مميّزة من عموم الإمارة الباسمة، ممتداً بأشعة أطيافه البراقة من عصب المدينة النابض بالحياة إلى قلب مناطقها الوسطى والشرقية، والتي تتميّز بتضاريس طبيعتها الجبلية وأجوائها المنعشة الخلابة، لتستمر مشاهد الأضواء بمختلف عروضها المبهرة في استقطاب أنظار سكان هذه المناطق النائية وزوارها من الأجانب والسائحين، معتمدة في رحلتها الضوئية هذه على طبيعة المكان وقيمته التاريخية والتراثية في البيئة المحليّة للإمارات، حيث تكمن هناك أهم مكنونات الحضارة وروافد الموروثات الشعبية الملهمة من زمن الآباء والأجداد. جامع الشيخ راشد ويتحدث سالم سيف «مواطن» أحد سكان مدينة دبا الحصن، عن انعكاسات مهرجان أضواء الشارقة في المناطق الشرقية من الإمارة، قائلاً: في السنوات الأخيرة، امتدت فعاليات هذا الحدث العالمي الاستثنائي لتشمل المناطق الوسطى والشرقية من شارقتنا الحبيبة، مانحة سكانها فرصة بديعة للاستمتاع بأجمل العروض الضوئية التي زيّنت أماكن ومعالم محددة في كل من مدن «كلباء، خورفكان»، وأيضاً «دبا الحصن» التي تميّزت بعرض بانورامي مدهش أضاء جامع الشيخ راشد بن أحمد القاسمي، حيث يشّكل هذا الموقع الروحاني قيمة حضارية وتاريخية في وجدان أهالي المنطقة، بالإضافة إلى ما يعكسه من روعة المعمار الإسلامي الهندسي، لتأتي أضواء المهرجان الفريد هذا وتصوغ تفاصيله بآلاف النقاط الضوئية، مطّرزة جدرانه وقبابه بزخارف ملونة مشعة تتداخل فيها تقنيات الفيديو مع تكنولوجيا الليزر والضياء، مقدمة تجربة ريادية مثيرة بكل المقاييس، وكأنها ارتحال مع الزمن لاستعادة فصول من حكايات تراث الأولين، وفق صياغات ساطعة من فنون حرف الخط العربي الممتزجة بإبداعات الموزاييك. ويعد مسجد الشيخ راشد بن أحمد القاسمي أكبر مسجد بدبا الحصن، حيث يتسع لـ3000 مصل، ويتكون من مئذنتين يصل ارتفاع كل واحدة منهما إلى 54 متراً، ويعتبر أحد معالم دبا الحصن الرئيسة، مستوحياً هندسته المعمارية من روح الطراز الإسلامي، متميّزاً بزخارف ونقوش فنية ليأتي مكملاً لعقد المباني المشيدة على طول شارع العقد الفريد الذي يضم أكثر من 16 مبنى حكومياً، مصطفة جميعاً كاللؤلؤ المنضود على طرفي هذا الشارع الرئيس الذي يمثل نبضاً للمدينة. شلالات نور ويعبّر عبدالله الزعابي، موظف في بلدية مدينة كلباء، عن سعادته بتواجد فعاليات المهرجان في المناطق الشرقية، موضحاً: «هو إضافة جميلة لجغرافية مدينتنا الجميلة، والتي تزخر بعشرات الأماكن الحضارية التي تمثل روح الشارقة وتوجهها العربي والإسلامي في الهندسة والمعمار، فقد أتحفتنا هيئة الإنماء التجاري والسياحي التابعة للإمارة في هذا الموسم، بإضاءة مبنى البلدية والمجلس البلدي في كلباء، بالإضافة إلى دائرة الموارد البشرية المحاذية لها، موفرة للقانطين في هذه المناطق والزائرين لها متعة متابعة أجمل العروض الفنية التي تعكس أصول الثقافات بمفردات جمالية مشتقة من انحناءات الخط العربي، مكونة كلمات وعبارات لفصول رواية عربية المعنى والمضمون، ليتابعها الجميع هنا بشغف واهتمام، منبهرين بقلائدها المضيئة وشلالات النور التي تتدفق فوق صروح الأماكن».
مشاركة :