نجا قطاع مستحضرات التجميل العضوية في اليونان من براثن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد عبر تصديره منتجات ذات قيمة مضافة عالية بفضل التنوع الحيوي الذي تتميز به أراضيها. وتضم اليونان المعروفة بأراضيها الخصبة ومناخاتها المتنوعة بتنوع مناطقها، 5500 نبتة تستخدم لمنافعها العلاجية، من جبال كريت جنوباً إلى جبل أولمبوس شمالاً مروراً بجزر كيكلاديس شرقاً، وذلك منذ عهد أبقراط، أبي الطب. وتستخرج شركات كبيرة، مثل «أبيفيتا» و»كوريس»، مكونات منتجاتها وزيوتها من مواد طبيعية، مثل البابونج والنعناع والقرّاص، وهي تصنع مستحضرات تجميلية وصيدلانية خالية من المواد المضرة، مثل البارابين والسيليكون. وقال مدير البحوث في «أبيفيتا» كونستانتينوس غارديكيس: «نستخدم مواد معروفة منذ 25 قرناً»، مقدماً مَثَلَ البروبوليس، وهو صمغ ينتجه النحل لحماية الخلايا. وتسمح تكنولوجيات النانو بإضافة النشاء إلى هذه المادة لصنع منتجات مضادة للتأكسد تحمي من أشعة الشمس. وبات هذا القطاع، بفضل الحس الابتكاري السائد فيه والطلب المتزايد على منتجاته في آسيا، يفتح للشركات اليونانية أبواب أسواق جديدة في الخارج. فمجموعة «كوريس» التي لديها فروع في 30 بلداً تخوض هذه السنة غمار أميركا اللاتينية، بدءاً بالبرازيل، نتيجة تحالف استراتيجي مع مجموعة «إيفن» الأميركية. وخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2014، ارتفعت مبيعات هذه المجموعة التي كانت في بداياتها مجرد صيدلية في أثينا بنسبة 95 في المئة في الخارج، في مقابل 5 في المئة في اليونان، لتصل إلى 39,4 مليون يورو. أما «أبيفيتا» الموجودة في 14 سوقاً، والتي لديها فروع في اليابان واسبانيا، فتأمل بتحقيق 60 في المئة من مبيعاتها في الخارج بحلول 2019، في مقابل 40 في المئة حالياً. وشرح فاسيليس باباداكيس، الأستاذ المحاضر في جامعة أثينا للاقتصاد والتجارة، أن الأسواق الأكثر ملاءمة للشركات اليونانية هي تلك الآسيوية، لكونها «تعتمد المعايير عينها المختصرة بالجمال والصحة». لكن المعايير النظامية المعتمدة في الصين تصعب الأمور بالنسبة إلى مستحضرات التجميل المصدرة، وفق ثيودوروس جارمانتيتيس رئيس الجمعية اليونانية لمستحضرات التجميل والعطور. ومن الأسواق الخصبة أيضاً، «البلدان التي تتمتع بقدرة شرائية كبيرة»، مثل دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة، على رغم المنافسة من عمالقة مثل «لوريال». ويستفيد قطاع المستحضرات التجميلية الطبيعية في اليونان من نهج إنتاج جديد. فغالبية المنتجين شباب قرروا ترك المدينة للتركيز على زراعات عالية النوعية. وأكد ديميتريوس بيلاليس، الأستاذ المحاضر في الزراعة الحيوية في جامعة أثينا للزراعة، أن هؤلاء الشباب «يتمتعون بمستوى تعليم أفضل ويراعون البيئة بدرجة أكبر»، ويسعون إلى «إحداث تغيير في نمط عيشهم»، وينتجون محاصيل جيدة، ما يسمح لهم حالياً بتلبية حاجات القطاع بأراض صغيرة. وتحدّث نيكوس كوتسياناس عن مؤسسات «تبقي نصب أعينها الإنسان والبيئة»، خلافاً لتلك التقليدية التي لا يهمها سوى جني الأرباح، معرباً عن تفاؤله بالمستقبل.
مشاركة :