تحت رعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، تنطلق، اليوم الخميس، أعمال مؤتمر الدفاع الدولي في فندق قصر الإمارات بأبوظبي خلال الفترة من 14 حتى 16 فبراير 2019 بمشاركة أكثر من 1200 متخصص وخبير عالمي، بالتزامن مع انطلاق فعاليات معرض الدفاع الدولي آيدكس ومعرض الدفاع البحري نافدكس 2019. ويقام المؤتمر تحت شعار «بناء مستقبل مشترك: تعزيز الأمن والازدهار من خلال الابتكار» بحضور ومشاركة كوكبة متميزة من كبار المتحدثين من جميع أنحاء العالم، بمن فيهم وزراء الدفاع وكبار المسؤولين الحكوميين والضباط العسكريين رفيعي المستوى والأكاديميين البارزين ومديري كبريات الشركات المتخصصة في الصناعات الدفاعية والعسكرية. ويعتبر المؤتمر أحد أهم المحافل التي تتطرق لآخر المستجدات المتعلقة بالمجالات الدفاعية والأمنية، إلى جانب مناقشة التوازن الاقتصادي وتأثيره على الثورة الصناعية الرابعة بما يتعلق بنواحي الابتكار والتصنيع وتنمية رأس المال البشري. وللمرة الأولى تشهد هذه الدورة من المؤتمر الجمع بين اثنين من أكثر الفعاليات شهرة في المنطقة؛ مؤتمر أبوظبي الدولي للأوفست، ومؤتمر آيدكس، وكلها في حدث واحد، للحديث عن مجالات الدفاع والأمن والمجتمعات الأكاديمية والشركات العاملة في المنطقة وعلى المستوى العالمي. حيث يعد المؤتمر المشترك لعام 2019 تتويجاً لرؤية جريئة تتمحور حول خلق هذا الحدث الفريد من نوعه في أبوظبي. الإمارات وجهة عالمية يركز المؤتمر على أربعة محاور رئيسة تشمل قطاع التوازن الاقتصادي، والأمن والاستقرار الشامل، الاقتصاد، الابتكار والذكاء الاصطناعي. بالإضافة لهدف تعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كوجهة عالمية رائدة لاستضافة المؤتمرات المتخصصة. حيث سيتم إجراء كل المناقشات المتعلقة بكل هذه المجالات، عن طريق الاستعانة بأفضل الخبراء المتخصصين والبارعين في هذه المجالات، والأشخاص المشهود لهم بكفاءتهم في مجال الصناعة والابتكار من أكاديميين وكبار ضباط، وصانعي القرار في مجال الدفاع والأمن. وسيتحدث هؤلاء الخبراء المتخصصون في مجالات عدة، حول التحديات الأكثر إلحاحاً والفرص المستقبلية المتاحة لمستقبل مشترك مفعم بالأمن والاستقرار والازدهار، في عالم يواجه العديد من التحولات والتغيرات المزعزعة للاستقرار. أعمال المؤتمر وتنطلق أعمال المؤتمر بكلمة رئيسة لمعالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد، حول الاقتصاد في ظل الثورة الصناعية الرابعة، يليها عرض مختصر لميشو كاكو، أستاذ في الفيزياء النظرية والمستقبليات في جامعة نيويورك، يتحدث عن المستقبل في ظل الثورة الصناعية الرابعة، وكلمة لمعالي عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي، الذي سيتحدث عن الذكاء الاصطناعي والابتكار. ويشهد اليوم الأول للمؤتمر انعقاد جلسة حوارية بعنوان «الاستفادة من برنامج التوازن الاقتصادي كمحفز وممكن من تنويع الاقتصاد»، فيما تناقش الجلسة الحوارية الثانية «الأمن والاستقرار: الأمن والاستقرار في ظل الثورة الصناعية الرابعة»، فيما تناقش الجلسة الحوارية الثالثة «تكثيف جهود الابتكار ومواءمتها مع الأولويات». ويفتتح اليوم الثاني 16 فبراير من المؤتمر أعماله بكلمة رئيسة لمعالي محمد بن أحمد البواردي، وزير الدولة لشؤون الدفاع، بعنوان «الأمن والاستقرار في عصر الثورة الصناعية الرابعة»، تليها كلمة لمعالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للعلوم المتقدمة، بعنوان «العلم والتكنولوجيا والابتكار في ظل الثورة الصناعية الرابعة». ويستكمل اليوم الثاني من المؤتمر أعماله بجلسة حوارية بعنوان «مستقبل الاقتصاد في ظل الثورة الصناعية الرابعة - ما هو اقتصاد الثورة الصناعية»، أما الجلسة الثانية فبعنوان «الأمن والاستقرار: مهام الجيل القادم للتعامل والتعايش»، فيما تناقش الحوارية الختامية للمؤتمر بعنوان «فهم عصر الحرب المعرفية: جندي المستقبل- مستقبل سرد المعلومات من خلال الذكاء». الاقتصاد ويناقش محور الاقتصاد إنشاء وتعزيز استدامة الصناعات الدفاعية، إذ وفقاً لتقرير أعده فريق جينز ديفينس بدجت، فإنه يتوقع أن تعود الميزانيات الدفاعية المجمعة، وكذلك الاستثمارات الدفاعية للارتفاع مجدداً خلال 2018 - 2019 وذلك بعد النمو المطرد الذي ظلت تحققه منذ العام 2014، وتسهم زيادة الإنفاق في إيجاد فرص لكي تشغل الإمدادات الجديدة والواعدة مكاناً مهماً في سلسلة القيمة الدفاعية. وتتطلب الاستفادة من هذه الفرص والسعي لقيام قطاع مستدام للصناعات الدفاعية تفكيراً ابتكارياً وطرقاً جديدة تتبعها الحكومات والقطاعات، بحيث يواكب قطاع الصناعات الدفاعية المتغيرات التكنولوجية والتنافسية العديدة التي طرأت مؤخراً على السوق. التوازن الاقتصادي المحور الثاني يناقش تمكين التنويع الاقتصادي والأمن والابتكار من خلال برامج الأوفست التي تعد أكثر الآليات فعالية في ضمان إقامة هذه الشراكات وما يتبعها من نقل للتكنولوجيا، وهناك ما يزيد على 80 دولة في مختلف أنحاء العالم لديها برامج للتعاون الصناعي تعمل على تمكين الحكومات التي لديها أسواق صادرات من تعويض نفقات مشترياتها عبر الحصول على استثمارات والاستفادة من نقل التكنولوجيا من متعاقدي التوريد الأجانب، وكذلك مشاركة القطاعات المحلية في تنفيذ تلك العقود. ومما لا شك فيه أن بيئة الأوفست ليست ثابتة، بل إن هناك تغيراً ملحوظاً في أولويات وتطبيق الأوفست، حيث أصبحت البرامج أكثر تطوراً ورسوخاً بمرور الزمن، وفيما تستند مختلف البرامج المحلية للأوفست على أولويات متباينة، إلا أنها تتمركز بصورة عامة حول المشتريات عالية القيمة وذلك بهدف بناء، وبصورة تراكمية في بعض الأحيان، قاعدة مستدامة للصناعات الدفاعية تستهدف مكتسبات آجلة وليست عاجلة. وبالنسبة لعدد من الدول، فإن التركيز على المكتسبات الآجلة يعني وجود تركيز مصاحب على إيجاد فوائد أكبر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال الأوفست، وذلك لتطوير «جرأة» تقنية وتعزيز خبرات متخصصة وتوسيع الفوائد الاقتصادية المنبثقة من عمليات الأوفست لتشمل قطاعات أوسع من الاقتصاد المحلي. الأمن والاستقرار ويركز المحور الثالث على توفير الاستقرار في عصر التعقيدات والغموض المحيط بالأمن العالمي، إذ يكونان مدفوعين بالتصاعد الملحوظ لمجموعة من العوامل المؤثرة والمتشابكة، والتي من المرجح أن تسهم في توسيع دائرة التهديدات وبمرور الوقت في تضخيم التحديات الماثلة أمام الأمن والاستقرار والازدهار عوضاً عن إزالتها. وتسهم عودة وحدة المنافسة الجيوسياسية والتقني عسكرية في مناطق الشرق الأوسط وشرق المتوسط وشرق أوروبا والهند الباسيفيكية، في خلق بيئة هشة للغاية تجاه التحولات التكنولوجية الخلاقة وتجاه أي تصعيد أو حسابات خاطئة متجذرة في أولويات وديناميكيات التنافس. كما يأتي الابتكار والتطوير التكنولوجي كواحد من أهم مكونات هذه المنافسات، حيث يسعى اللاعبون إلى التفوق في المنافسات المهمة، مثل تلك التي بين الصواريخ ودفاعات الصواريخ. ولكن الاستغلال الحالي لمفهوم الاستخدام المزدوج للبيئة الابتكارية في الصناعات الدفاعية، والطلب المتنامي وسط المؤسسات العسكرية على التقنيات التجارية، يعني أنه بات من الصعب معرفة واستيعاب الأسئلة حول من يملك ماذا من المقدرات وكيف يمكن استخدام هذه المقدرات وأين تكمن التوازنات والتباينات. الابتكار والذكاء الاصطناعي ويبحث المحور الرابع الاستفادة من ثغرات التكنولوجيا لتعزيز الصناعات الدفاعية، فمن بين كل التقنيات المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة، يستقطب الذكاء الاصطناعي معظم الاهتمام لما له من إمكانيات ثورية لتحديد مستقبل القدرات العسكرية والأمنية والاستخباراتية. وتدور معظم نقاشات مستقبل الاستخدامات العسكرية للذكاء الاصطناعي حول التطبيقات أو المهام، مثل تعزيز القدرة على جمع وإدارة ومعالجة المعلومات والاستخبارات، من خلال التعرف على الوجوه والصوت والانفعالات، والتأثير بطبيعة المنافسة السايبرية وبشكل متزايد، مراقبة السكان، وتقييم القيمة الاجتماعية للفرد مثلما تقوم به الأنظمة التي يتم تطويرها ونشرها حالياً في الصين. وتعتبر أكثر المسائل إثارة للنقاش عن مدى تأثير الذكاء الاصطناعي من الناحية العسكرية حول مستقبل أنظمة الأسلحة، وخاصة تطوير أسراب الطائرات من دون طيار، الدرون والأسلحة ذاتية التشغيل. ويتيح الجمع بين تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي وانتشار التقنيات الذاتية، استخدام الأسراب الذاتية المكونة من عشرات أو مئات الأنظمة الذاتية المرتبطة والتي تعمل في المجالات الجوية والبرية وفوق وتحت سطح البحر. وفي العادة، يقوم البشر بتزويد المعطيات اللازمة للمهام التي تقوم بها هذه الأسراب، بينما يكون بمقدور الأسراب أن تتكيف بشكل إدراكي مع الإجراءات المضادة من قبل الجهات المعادية ومع البيئة العملياتية المتغيرة. الثورة الصناعية الرابعة يرتكز هذا الحدث المنعقد كل عامين على نظام جديد مصمم لإقامة نقاش فعال خلال اليومين القادمين حول شعار المؤتمر «استشراف مستقبلنا المشترك.. تعزيز أمننا وأماننا من خلال الابتكار». حيث تتضمن التقنيات المرتبطة بشكل أساسي بالثورة الصناعية الرابعة: الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات الضخمة، الواقع الافتراضي والمعزز، التقنيات المتطورة للمعلومات، الحوسبة الكمية والتشفير، العلوم الحيوية، العلوم العصبية، الروبوتات، إنترنت الأشياء، التقاط وتخزين ودفع الطاقة، المواد الذكية والمستشعرات الذكية. ويأتي هذا الشعار متزامناً تماماً مع متطلبات المرحلة، حيث يسعى المعنيون بالتخطيط الدفاعي والأمني ومسؤولو القطاعات الصناعية وصناع القرار في الحكومات المختلفة للاستيعاب والتأقلم معاً، ومن ثم استشراف عالم جديد في خضم تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية وتكنولوجية ومجتمعية وصناعية متسعة ومتسارعة وعميقة، وفي حين أن بعض هذه التحولات تأتي حديثاً وعلى نحو غير متوقع، فإن البعض الآخر منها ظلت تحدث منذ نصف العقد الماضي، ولكنها تتشابه جميعاً في قوة تسارعها وحدتها، كما أنها تتضافر معاً لتشكل مخاطر وفرصاً دفاعية وأمنية جديدة وسط بيئة مليئة معقدة وتنافسية ومتشابكة الأطراف. وعلى المستويات السياسية والاقتصادية العالمية، تخضع الأطر والأعراف والحركات العالمية العتيدة حالياً لتقلبات وتعديلات كثيرة. وهناك عالم متعدد المحاور، شديد الترابط وشديد التنافسية يتشكل حالياً. كما توجد قواعد وأعراف وعلاقات جديدة يتم بناؤها وتحالفات يتم إعادة ترتيبها، ومما لا شك فيه أن كل هذه التحولات لها انعكاسات عميقة على القطاعات الدفاعية في المنطقة والعالم بأسره، وكذلك على المجتمعات الدفاعية والأمنية التي تسعى لتحقيق واستدامة الأمن والرفاهية في عالم متغير بشكل متواصل. وربما يكمن المحرك الأكثر علاقة وتأثيراً وديمومة للتغيير العالمي في الجهود المتركزة على الابتكار في وعلى مجموعة من التقنيات الواعدة والتي تعرف بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة. ومن المؤكد أن أي تناول هادف لمستقبل مشترك وآمن ومزدهر لا بد أن يدور حول هذه التقنيات ومدى انتشارها وكيفية استخدامها وحوكمتها. وبينما ما تزال عملية تطوير المزيد من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة تتلمس طريقها نحو النضج الكامل، فمن الواضح أنها تتمتع بالقدرة نحو الدفع بكفاءات وطرق تشغيل جديدة في مجالات الأعمال والرعاية الصحية والحوكمة والدفاع والأمن، وبالتالي توسيع طبيعة الممكن من ناحية العلوم والتكنولوجيا والهندسة.
مشاركة :