كان قلب أعظم جنجروي يخفق بشدة، حينما اعتلت سطح صندوق محول كهربائي في شارع الثورة المزدحم في طهران قبل عام مضى. ورفعت حجابها في الهواء ولوحت به فوق رأسها. وتجمع الناس حولها وصرخ فيها البعض وطالبوها بالنزول. كانت تعرف منذ البداية أن الاعتقال مصيرها. لكنها فعلتها على أي حال، كما تقول، كي تغير البلد من أجل ابنتها البالغة من العمر ثماني سنوات. وقالت جنجروي في مقابلة هذا الأسبوع، في شقة في مكان غير معلوم خارج إيران، وهي تستعيد ذكريات ما جرى «ظللت أردد لنفسي: يجب ألا تكبر ويانا في الظروف نفسها التي نشأت فيها في هذا البلد»، وتنتظر جنجروي الرد على طلب لجوء. وقالت «ظللت أقول لنفسي: يمكنك القيام بذلك، يمكنك القيام بذلك.. كنت أشعر بنوع خاص من القوة. كان الأمر كما لو أنني لم أعد هذا الجنس الثانوي». وبعد احتجاجها، ألقي القبض عليها وفصلت من وظيفتها في معهد أبحاث، وحكم عليها بالسجن ثلاث سنوات بتهمة الحض على الفسق ومخالفة الشريعة الإسلامية عمدا. وهددت المحكمة بحرمانها من ابنتها، لكنها تمكنت من الهروب من إيران مع ويانا قبل أن تبدأ فترة سجنها، وقالت «وجدت مهرب بشر بشق الأنفس. حدث كل شيء بسرعة كبيرة.. تركت حياتي وبيتي وسيارتي». وأثناء حديثها كانت ويانا ترسم رسومات لأمها وهي تلوح بغطاء رأسها الأبيض في الهواء. ومنذ اندلاع الثورة الإسلامية قبل 40 عاما يفرض على النساء ارتداء الحجاب، وتعاقب المخالفات بالزجر علانية أو الغرامة أو الاعتقال. وتقول منظمة العفو الدولية إن جنجروي كانت من بين 39 امرأة على الأقل ألقت السلطات القبض عليهن في احتجاجات ضد الحجاب، وتضيف أن 55 شخصا آخرين محتجزون لعملهم من أجل حقوق المرأة، بينهم نساء حاولن دخول ملعب لكرة القدم بصورة غير قانونية، ومحامون مناصرون لقضايا المرأة. وذكرت منصورة ميلز الباحثة في الشأن الإيراني في منظمة العفو أن السلطات «ذهبت إلى أقصى مدى وبصورة غير معقولة لوقف حملتهم.. مثل تفتيش بيوت الناس بحثا عن شارات مكتوب عليها (أنا ضد الحجاب القسري)». والشارات جزء من جهود متواصلة لإلقاء الضوء على قضية الحجاب، إلى جانب حملة تدعو النساء لارتداء أغطية رأس بيضاء أيام الأربعاء. وتسترجع جنجروي حكايات أمها عن الحياة قبل الثورة «أخبرتني أن الثورة سببت قدرا كبيرا من التمييز على أساس الجنس وفصلت الرجال عن النساء». أقدمت جنجروي على تصرفها بعد إلقاء القبض على امرأتين للسبب نفسه في الشارع عينه. تقول «بالطبع لا نتوقع من الجميع أن يتسلق المنصة في شارع الثورة.. لكن هذا جعل أصواتنا مسموعة في العالم أجمع. ما فعلناه نحن الفتيات جعل هذه الحركة تستمر». (رويترز)
مشاركة :