قصَّتي مع أنتوني كوين

  • 2/15/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

في أمسية من أمسيات مدينة «ماربيا» الاسبانية، كنت أتجوّل وحيداً في الحديقة الكبرى «هايد بارك»، ولمحت عن بُعد تجمّعاً من السياح يلتفون حول أريكة، يجلس فوقها شخصان. دفعني حب الاستطلاع إلى التوجّه لذاك المكان كي أستجلي الخبر.. شاهدت رجلاً وبجانبه سيدة، سألت أحد الحاضرين عن ذلك الإنسان ومن يكون؟ قال أحدهم: هذا الممثل الأميركي الشهير أنتوني كوين، الذي اشتُهر وذاع صيته بعدما مثل فيلم «محمد رسول الله». أخذت طريقي نحوه، ولما وصلت محاذيا للأريكة، والمكان الذي كان يجلس فيه، التفت نحوي منجذباً الى سحنتي السمراء التي تعلو جبيني، على خلاف ما يتصف به بقية الجمهور، سألني: من أي بلاد أنت؟ ومن أي منطقة أتيت؟ بعد أن أجلسني بجانبه على طرف الأريكة، التي كان يحتلها وتلك السيدة التي كانت معه، وعرفني بها بأنها زوجته. قلت: بلادي الكويت، والمنطقة التي أتيت منها، هي منطقة الشرق الأوسط. اعتدل في جلسته، وقال إن تمثيلي لفيلم «محمد رسول الله» أتاح لي الفرصة لزيارة منطقة الشرق الأوسط وعدد من الدول العربية فيها، وكذلك زرت بعض دول عربية مغاربية؛ أمثال ليبيا والمغرب وتونس، كما ذكر بأنه بالإضافة إلى هذه الدول زار لبنان وأنقرة، والقاهرة، وأشاد كثيراً بمنطقة الشرق الاوسط التي نعتها بالمنطقة المقدّسة، مهبط الديانات السماوية الثلاث (اليهودية والمسيحية، والإسلام) ومهبط الرسل والأنبياء. وبعد أن أنهى حديثه، وهمَّ كل واحد منا بالرحيل، سألني فيما لو كنت متزوجاً؟ قلت له: نعم، ولي أولاد. عاد وسألني: هل زوجتي معي في رحلتي هذه إلى «ماربيا»؟ قلت: للأسف الشديد لا. إن زوجتي لم ترافقني رحلتي هذه بسبب كوني أعمل في السلك الدبلوماسي، والدولة الكويتية تمنح الدبلوماسي الكويتي عادة إجازة عن العمل بعد انقضاء فترة عام على كل فترة عمل متواصلة، له الحق أن يقضيها أينما يشاء. ولذا، فهي بناءً على وجود أبنائها معها فضلت أن تقضي إجازتها هذا العام، تطلعاً منها في أن تضع أولادها الصغار في أجواء البيئة والحياة المعيشية الكويتية، وهي بهذا تهدف إلى تعليم أبنائها الأخلاق والعادات وتقاليد أبناء بلادهم، والا تأخذهم سنون العمل بعيداً وخارج البلاد، والابتعاد عن معرفة تقاليد أهلهم مفردات اللهجة الكويتية المتداولة. رد هو بكل ارتياح: إن زوجتك سيدة فاضلة، تستحق التقدير والاحترام؛ لأن ما تقوم به في تربية أولادها يعد تربية وطنية تستحق عليها الاحترام والتقدير، لا سيما أنها فضّلت البقاء الى جانبهم على التنزّه.. ولكن عليك أن تعلم حينما تصل إلى سن الشيخوخة فلن تجد من سيكون بجانبك يرعاك ويهتم بشؤونك المعيشية إلا زوجتك وهذه العصاة. وأخيراً، طلب مني أن أبلغ زوجتي تحياته وتحيات زوجته. ولما عدت والتقيت زوجتي أبلغتها بما حصل. وكان ردها: نعم، هكذا هم الرجال المخلصون لزوجاتهم العارفون معنى تقديرهن، ليس كما الذين لا يرون بالزوجة غير أداة لإدارة منازلهم وخدمة أولادهم والاهتمام بشؤون سكنها، وهنا ما كان لي إلا أن أسكت وأردد المثل: «إذا كان الكلام من فضة.. فالسكوت من ذهب». محمد سالم البلهان* * سفير سابق.

مشاركة :