يشكو أكثر من 50% من الأشخاص من الدّوار (الدوخة)، ويطلبون الاستشارة الطبية في هذا الشأن. من المهم أن نعرف أولا اسباب الدوخة ومصدرها من اجل تحديد العلاج الانسب. يشكو أكثر من 50% من الأشخاص، حتى جيل 60 عاما، من الدوار (الدوخة)، ويطلبون الاستشارة الطبية في هذا الشأن. وتتراوح حدة الشكوى من الدوار، بين الشعور الأكثر انتشارا بأن العالم يدور حول الشخص أو انه هو بنفسه يقوم بالدوران، وصولا إلى الشعور بانعدام التوازن والثبات، وحتى حد القناعة التامة أن جدران المنزل تكاد تسقط فوق رأسه. بالعادة، ترتفع نسبة الذين يشكون من الدوار في أوساط المسنين الذين تجاوزوا الـ 60 عاما. من الجدير بالذكر أن الدوخة ليست مرضًا، وإنما تعد عرضاً لمرض يستوجب فحص مصدره. أسباب الدوخةتعود اسباب الدوخة لخلل في منظومة التوازن في الجسم. ضمن هذه المنظومة، يتواجد الدماغ، الذي يستقبل المعلومات اللازمة لتوازن الجسم من عدة مصادر، أهمها: أعضاء منظومة التوازن الموجودة في الأذن الباطنة، والتي توصل المعلومات عن مكان وجود الرأس في الحيز وتحركاته.والعينان اللتان تريان وضع الرأس في الحيز، وخط الأفق.ومجموعة المستقبلات الموجودة على طول العمود الفقري، والتي تنقل الأحاسيس من الأطراف.يمكن لأي ضرر قد يلحق بأحد هذه الأجهزة أن يؤدي إلى الشعور بالدوار وعدم التوازن، علماً أن 40 - 60 % من الحالات تعود إلى منظومة التوازن في الأذن. يمكن لمسببات أخرى أن تسبب الدوار مثل: الجلطة الدماغية، الشقيقة (Migrane)، تصلب الأنسجة العصبية وغيرها.كما يمكن للمصدر أن يكون طبيًا مثل اضطراب مستوى السكر في الدم، أو اضطراب نظم القلب، إلى جانب الأسباب النفسية والاجتماعية للإصابة بالدوخة.تشخيص الإصابة بالدوخةإن تشخيص اسباب الدوخة ليس أمرا سهلاً، ويتطلب معرفة منظومة التوازن وتنوع الشكاوى والتشخيصات المختلفة فيها. في بداية عملية التشخيص، يستوضح الطبيب من خلال المريض كل ما يتعلق بالشكوى الأساسية بالتفصيل، مثل: سمات الدوخة.المدة الزمنية التي تستغرقها.متى تتفاقم.ما الذي يخفف من وقعها.مدى تكرارها.كيفية ابتدائها وسلوكها.يشكل هذا الاستجواب والاستيضاح جزءًا كبيرًا وحاسمًا في عملية التشخيص. بالإضافة لذلك، يتم إجراء فحص جسدي للجهاز العصبي. أحيانًا تقتضي الحاجة استخدام فحوص مساعدة مثل تخطيط كهربية الرأرأة (ENG - electronistagmografía)، فحوص لمنظومة التوازن، فحص سمع، فحص دم والتصوير. مع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن هذه الفحوص الموضوعية تفحص جزءًا من منظومة التوازن فقط، بينما تتم غالبية مراحل التشخيص خلال المقابلة الأولى بين المريض والطبيب. في بعض الأحيان، تكون نتائج هذه الفحوص طبيعية وسليمة. لكن وفقًا للتشخيص المكتسب من خلال السجل الطبي والفحص الجسدي للمريض، يمكن البدء بعملية العلاج. أنواع الدوخة والدواريمكننا تقسيم أنواع الدوار الذي يعود مصدره إلى عضو التوازن في الأذن الباطنة إلى عدة أقسام، أهمها: 1- الدوار الناتج عن ضرر أساسي في عضو التوازنوالذي يخل بدوره، بالتزامن بينه وبين عضو التوازن في الأذن الأخرى. مثال على ذلك، مرض شائع يدعى فيرتيجو (Vertigo أو باللغة الطبية vestibular neuritis). ينتج هذا المرض عن عدوى فيروسية تصيب عضو أو عصب التوازن، ويؤدي إلى حالة دوار قد تستمر عدة أيام، من بعدها يبدأ الشعور بالتحسن حتى يتبقى في النهاية شعور بعدم التوازن أو بدوار بسيط. يعتبر هذا المرض شائعًا لدى الصغار والكبار على حدٍ سواء. في بعض الأحيان، لا يختفي المرض بشكل تام، وفي مرات أخرى يختفي ثم يعاود الظهور مجددًا. 2- الدوار الناتج عن إطلاق جسيمات صغيرة في منظومة التوازنتؤدي هذه الجسيمات إلى دوار شديد، غالبًا عند تغيير الوضعية. مثلاً دوار الوضعية الانتيابي الحميد (BPPV). 3- الدوار الناتج عن أمراض أخرىكداء منيير (Ménière) الدوار سمعي المنشأ، والذي يمتاز بنوبات دوار دائرية تستغرق ما بين نصف ساعة وعدة ساعات. ويرافقها تراجع حاسة السمع في الأذن المصابة، ضجيج، وأحيانا شعور بالضيق. علاج الدوخة والدوار بأشكاله المختلفةيختلف علاج الدوار بين مجموعات الأمراض المختلفة وفقاً لما يلي: لعلاج الدوار الناتج عن انطلاق الجسيمات في عضو التوازن، يمكن ممارسة نشاط علاجي حركي بسيط. تفوق نسبة نجاح هذا الإجراء الـ 85%، وذلك بعد جلسة علاج وحيدة تستغرق 10 دقائق.لعلاج الدوار الناتج عن الاختلال في التزامن بين أعضاء التوازن في الأذن الباطنة، بالإمكان ممارسة نوع اخر من العلاج الطبيعي، يهدف إلى حث الدماغ على التعلم والتصحيح. عندها يقوم الدماغ بعملية تصحيح ذاتية.مع ذلك، في بعض الأحيان لا يتم إصلاح الوضع بالشكل المطلوب. ويعود ذلك إلى أسباب عديدة منها: التعب، القلق والجهد. في مثل هذه الحالات، تقتضي الحاجة اللجوء إلى العلاج النفسي. في بعض الحالات، يقوم المعالجون بالدمج بين العلاج الحركي، التغذية، الأدوية ووسائل أخرى. الخلاصة إن اسباب الدوخة لا تكون واضحة دائمًا بالنسبة للمريض الذي يعاني منه، ولا حتى للطبيب المعالج أحيانا. فعدم توفر وسائل تشخيصية موضوعية يزيد من صعوبة عملية تحديد مصدر المعاناة، ويزيد من أهمية التشخيص الأولي الذي يقوم به الطبيب. من الممكن أن يؤدي عدم التوصل إلى تشخيص صحيح - وبالتالي استمرار حدوث الدوار- إلى حالات من القلق وإلى تفاقم العامل النفسي - الاجتماعي للمشكلة. قد يكون التوجه لطلب الاستشارة الطبية من الأطباء المختصين بمشاكل الدوار أمرا ناجعًا في تشخيص الحالة بشكل صحيح ودقيق والقدرة على معالجتها.
مشاركة :