عندما وصل أحد سكان هونغ كونغ، ويدعى لونغ، إلى محطة «هونغ هوم»، قبل بضعة أسابيع، لم تسمح له السلطات الصينية في البر الرئيس بالعودة إلى بيته. وبدلاً من ذلك، فهو مطالب بحل قضية مدنية في محكمة صينية، وبعدها فقط يمكنه استئناف رحلته والعودة إلى الجزيرة. لقد سلمت حكومة هونغ كونغ جزءاً من أكبر محطة للسكك الحديدية إلى بكين. وقوانين الجزيرة لم تعد تنطبق في هذا المجال، وبات الأمر خارج اختصاص الشرطة المحلية. وترتبط محطة النقل، الآن، بشبكة القطارات الفائقة السرعة في البر الرئيس، ويمكن للركاب السفر مباشرة إلى بكين وشنغهاي، ومدن صينية أخرى. وهذا يتيح لهم عبور حدود هونغ كونغ بسلاسة دون مزيد من الإجراءات الشكلية. وتؤكد بكين سيطرتها الكاملة، في وقت تخلت فيه إدارة هونغ كونغ عن سيادتها دون شكوى. حكومة ضعيفة بالنسبة للكثير من سكان الجزيرة، فإن الأمر أكثر بكثير من مسألة راحة المسافرين؛ إذ يجدون هذا مثالاً آخر على حكومة محلية ضعيفة، تتخلى عن حقوق مواطنيها، في وقت يفترض فيه أن يحكم الجزيرة مسؤولون محليون «بدرجة عالية من الاستقلالية»، وفقاً لاتفاق «50 عاماً»، الذي أعاد سيادة الجزيرة إلى الصين عام 1997. ومع مرور الوقت، يرى مزيد من المواطنين، في هونغ كونغ، أن حرياتهم المدنية والسياسية تخضع لرقابة نظام بكين على نحو متزايد، الذي لديه القليل من الاهتمام بالحقوق التي وُعدوا بها، عندما استعادت بكين السلطة على الجزيرة من بريطانيا. ضغوط علاوة على ذلك، تواجه وسائل الإعلام، في هونغ كونغ، ضغوطاً متزايدة من مكتب الاتصال في بكين، لممارسة الرقابة الذاتية، على الرغم من أن الدستور المحلي يضمن حرية الصحافة. على سبيل المثال، وجدت دراسة 57 حالة محددة، على مدى السنوات الأربع الماضية. كما يُقال إن مكتب الاتصال التابع للحكومة المركزية، يمتلك الآن 80% من المكتبات المحلية، كما تم سحب المؤلفات التي تنتقد السياسات الصينية. وفي سياق الرقابة، تم رفض تجديد تأشيرة محرر آسيا في صحيفة «فايننشال تايمز»، للمرة الأولى، ما أجبره على الانتقال إلى مكان آخر. جريمته تكمن في ترؤس نادي المراسلين الأجانب، الذي استضاف متحدثاً طالب بحق مواطني هونغ كونغ في تقرير المصير. وهناك خشية من أن الصين، التي باتت سلطوية، منذ تولي تشي جين بينغ القيادة عام 2012، مصممة على جعل الجزيرة «مدينة صينية أخرى»، بدلاً من أن تكون مكاناً له معايير اجتماعية وسياسية وقانونية، منفصلة تماماً عن بقية البلاد. ومع ذلك، إذا حدث هذا، يمكن أن يشكل تهديداً لازدهار هونغ كونغ. منطقة منفصلة بفضل قانون أقره الكونغرس الأميركي لعام 1992، تتعامل الولايات المتحدة مع هونغ كونغ على عكس بقية الصين عند تطبيق القوانين والسياسات التجارية؛ إذ تعتبرها «منطقة منفصلة في الأمور الاقتصادية والتجارية»، بما في ذلك التكنولوجيا المزدوجة الاستخدام، التي قد يتم شحنها إلى هونغ كونغ، ولكن ليس إلى الصين. ولدى واشنطن، أيضاً بعض الاتفاقات المنفصلة، تخص جهود غسيل الأموال ومكافحة المخدرات، ويلتزم مسؤولو البلدين بهذه التدابير. وقد تمت ترقية هذا إلى تجارة نشطة؛ وتبلغ قيمة التبادل التجاري نحو 70 مليار دولار سنوياً، ما يمنح الولايات المتحدة فائضاً أكبر (35 مليار دولار)، مقارنة بأي شريك تجاري آخر. ولدى أميركا مصلحة قوية في استمرار الحيوية والازدهار والاستقرار في هونغ كونغ. ويولي التشريع الأميركي اهتماماً مستمراً بصحة استقلال هونغ كونغ السياسي، بما في ذلك قضايا حقوق الإنسان. لكن في الآونة الأخيرة كانت هناك تلميحات إلى أن هذا الوضع الخاص قد لا يدوم. لذا يمكن لسكان هونغ كونغ أن يفعلوا أو يقولوا، بما يتجاوز ما ستتحمله واشنطن وآخرون. إن كبح وضع هونغ كونغ الخاص في الاقتصاد العالمي لن يوقف النمو، لكنه قد يسبب ضرراً مثلما تعاني الصين بالفعل تباطؤاً. لكن بالنظر إلى عزم الحزب الشيوعي، فإنه من الممكن الحد من ذلك إلى حد كبير، وهذا ما ستظهره أفعال بكين المستقبلية. هناك خشية من أن الصين مصممة على جعل الجزيرة «مدينة صينية أخرى»، بدلاً من أن تكون مكاناً له معايير اجتماعية وسياسية وقانونية، منفصلة عن البلاد. طباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :