تجمع الصدفة أو الموعد أحيانا الإنسان بأشخاص قد يكونون سببا في إضافة لثقافته والارتقاء بخبرته، وإمداده بما يحتاج إليه من توجيه أو إرشاد غير مباشر، ولذا قالوا (المجالس مدارس) وخاصة عندما تكون الكلمات والأقوال التي تخرج من صميم وعمق التجربة إلى عقل الشخص الآخر، فسيتقبلها الإنسان ويحاول الاستفادة منها. قابلت رجلا كبيرا فقال لي هذه العبارات: «ولدي حافظ على الصلاة وابتعد عن كثرة الكلام ولا تجلس على الجوال بكثرة واحفظ وقتك وأكثر من القراءة والكتابة»، ولا أدري ما الذي دعاه أن يسدي إلي هذه النصائح الكبيرة والعظيمة، فكل ما حصل مني أني حينما رأيته أمامي وهو ينتظر إقامة الصلاة سلمت عليه وقبلت رأسه، فكان حظي الاستماع إلى تلك التوجيهات المباركة. شخص آخر قال لي عندما شكوت إليه ما وقع من أحدهم: «هناك أشخاص يستطيعون أن يعلموك النباحة وللأسف أنت لا تستطيع أن تعلمهم الكلام فاحذر وابتعد»، يقصد هناك من طبعه الخصومة والعدائية فهو يميل إلى إيذاء أي شخص يختلف معه. بينما قال لي شخص آخر سر نجاحي هو: الصدق مع الله تعالى ثم الصدق مع النفس والناس، والحرص على ألا أكون جدارا قصيرا في التعامل مع الآخرين. يتحدث من وجهة نظره كصاحب مكتب عقار، ودائما يكرر أن سمعة مكتبه بالنسبة له أهم من سمعته شخصيا. أما والدي فقد قال لي: «المخلص ما يضيعه الله»، وسمعتها منه أكثر من مرة في مجلس واحد. أما أحد الأصدقاء فقال لي «مطلوب منا أن نتعلم مهارة تأجيل التأجيل»، ويقصد أن نتعلم كيف نتعامل مع فكرة التأجيل إذا وردت إلى أذهاننا ونسرحها بدلا من الاستجابة لها، فعلا تأجيل التأجيل مهم لبدء العمل. خلاصة القول، الإصغاء إلى الآخرين بتركيز يؤدي إلى أمرين مهمين: الأول تفتح الذهن والعقل، فالخبرة تأتي أحيانا عن طريق سماع التجارب، والثاني: كسب المتحدث وجعله يخلص لك النصيحة. ولذا أشار مؤلف كتاب (العادات السبع للناس الأكثر فعالية): ستيفن كوفي في العادة الخامسة بقوله (اسع لفهم الآخرين قبل أن تسعَ ليفهموك)، وأحد أهم أدوات فهم الآخرين هي الاستماع بتركيز، وهي من خصائص القادة الأكفاء.
مشاركة :