أبوظبي: سلام أبوشهاب اختتمت، أمس، في فندق قصر الإمارات بالعاصمة أبوظبي، أعمال «مؤتمر الدفاع الدولي 2019»، الذي أُقيم تحت الرعاية الكريمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ونظمته شركة أبوظبي الوطنية للمعارض (أدنيك)، بالتعاون مع القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة.وأكد محمد بن أحمد البواردي، وزير دولة لشؤون الدفاع، في كلمته الرئيسية خلال المؤتمر، أهمية وجوب العمل الجماعي؛ لجعل أسلحة المستقبل المتطورة أدوات لحفظ السلام، ولردع المارقين، الذين يسعون للهيمنة، ويهددون أمن وتطور البشرية، ويقفون عثرة أمام تعاونها وتقدمها وازدهارها.وقال: نرحب بالضيوف على أرض دولة الإمارات؛ الدولة المنفتحة على جميع دول وشعوب العالم؛ انطلاقاً من إيمان قيادتها بأهمية التعايش السلمي؛ وقيم التسامح والمحبة والسلام في سبيل عمارة الأرض، وبناء الحضارة الإنسانية في أبهى صورها، مشيراً إلى اللقاء التاريخي، الذي استضافته الدولة مؤخراً بين رموز العالم المسيحي والإسلامي في العصر الحديث، متمثلاً في بابا الفاتيكان، والإمام الأكبر شيخ الأزهر وتوقيعهما لأهم وثيقة تآخٍٍ وتسامح وتعايش سلمي بين المسلمين والمسيحيين.وأشار إلى المكانة المتقدمة، التي تتبوأها دولة الإمارات العربية المتحدة على الساحة العالمية؛ من خلال استضافة أهم اللقاءات والمعارض العالمية على مدى أكثر من ربع قرن، وآخرها كانت «القمة العالمية للحكومات» في دبي، الأسبوع الماضي، والتي رسمت خط البداية؛ لتشكيل حكومات المستقبل.أكد أن انعقاد «مؤتمر الدفاع الدولي» بحلته الجديدة هذا العام؛ يأتي انطلاقاً من تجربة دولة الإمارات التنموية والعلمية الرائدة، ووفق رؤيتها العالمية في مستقبل آمن ومزدهر للمجتمع الدولي، وهي تدعو إلى توحيد المفاهيم والرؤى الاستراتيجية في ظل الثورة الصناعية الرابعة، المنبثقة أساساً من تطور التكنولوجيا المعلوماتية والرقمية، والتي أدت بدورها إلى ظهور طفرات تكنولوجية وعلمية غير مسبوقة في كافة المجالات، بما في ذلك بروز تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتطور الصناعات الدفاعية والأمنية، وإنتاج أسلحة الجيل الخامس، إضافة إلى تطوير مفاهيم اقتصاد يقوم على المعرفة.وأكد أهمية المؤتمر؛ الهادف إلى توفير منصة عالمية، تجمع المسؤولين وأصحاب القرار إلى جانب أصحاب العقول المبتكرة في المجالات العلمية والاقتصادية والصناعات الدفاعية؛ للتباحث حول المواضيع التكنولوجية والعلمية الحديثة، إلى جانب استعراض تجربة الإمارات الرائدة في مجالات: الثورة الصناعية الرابعة؛ والذكاء الاصطناعي؛ والتكنولوجيا الرقمية، مشيراً إلى أن غاية هذا المؤتمر تكمن بالمساهمة في توحيد الجهود الدولية في وقت يواجه فيه العالم تعقيدات أمنية متعاظمة، وتحديات دفاعية متنوعة سواء في الساحة الدولية أو على المستويات الإقليمية والمحلية. العمل الجماعي ودعا البواردي إلى ضرورة العمل الجماعي؛ من أجل بناء مستقبل مشترك، عنوانه: «تعزيز الأمن والازدهار من خلال القدرة على الابتكار»، مشيراً إلى أن العلم والمعرفة أصبحا رأس المال الفكري؛ حيث يؤثران بشكل كبير في حياة المجتمعات، وهما المحددان الرئيسيان للنمو الاقتصادي والإنتاج والقيمة الحقيقية للاقتصاد العالمي.وشدد على أهمية الاستناد إلى المعرفة والابتكار في إدارة الاقتصاد، وتحديد أنواع المنتجات واستخداماتها وكمياتها؛ بغرض تصويب الإنتاج، وترشيد الإنفاق، إضافة إلى حماية البيئة؛ ولتصبح بذلك المعرفة والابتكار عنواني التنمية المستدامة، مشيراً إلى عصر الثورة الصناعية الرابعة، وتطور الأسلحة الإلكترونية والروبوتية القائمة على الذكاء الاصطناعي، وما ظهر معها من حروب الجيل الخامس، وحروب إلكترونية ومعلوماتية وسيبرانية وهجينة.وقال: إن عجلة التطور تنبئنا بأن المنتصر في حروب المستقبل من يمتلك الأسلحة الذكية، التي تتميز بالسرعة الفائقة، والدقة المتناهية، ولديه قدرات دفاعية وهجومية متطورة، وأن مقاتليه جنود إلكترونيون ومنصاته القتالية عربات مأهولة تعمل ذاتياً، وتحمل ذخائر فتاكة، وليس المنتصر بالضرورة من يملك قوات وأسلحة تقليدية أكثر عدداً وأكبر حجماً. الشركات الصغيرة والمتوسطة وأكد المهندس سهيل محمد فرج فارس المزروعي، وزير الطاقة والصناعة، أهمية وجود الشركات الصغيرة والمتوسطة في دعم اقتصادات دول العالم، مبيناً أن هذه الشركات تمثل ما نسبته 95 في المئة من الشركات الموجودة في الإمارات، وتشكل ما يقارب 86 في المئة من القطاع الخاص، وتساهم بنسبة 60 في المئة من إجمالي الدخل القومي للدولة، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تمتلك تشريعات وقوانين محفزة، تتميز بسهولة ممارسة الأعمال فيها؛ إذ تم تصنيفها في المرتبة ال11 عالمياً، وفقاً للمؤشر العالمي الخاص بسهولة ممارسة الأعمال.وأكد في كلمته خلال مؤتمر الدفاع الدولي في أبوظبي، أن الإمارات ستطلق هذا العام الاستراتيجية الصناعية، والتي ستركز على الشركات الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى أهمية إيجاد نظام متكامل، يحتضن الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ لتسلك طريقها نحو التقدم والازدهار، مشيداً بنظام شركات النفط؛ حيث إن «أدنوك» تخصص 40% من المناقصات للشركات المحلية، كما أن «أدنوك» ستنفق 100 مليار دولار سنوياً على مدى السنوات الخمس المقبلة. وشدد على أهمية تشجيع المؤسسات المالية والبنوك في الدولة؛ لتسهيل اتفاقات أقراض هذه الشركات، داعياً في الوقت ذاته المجتمعين من الخبراء العالميين والمتخصصين إلى نقل المعارف وتبادل أفضل الممارسات العالمية في هذا الإطار، الذي من شأنه أن يدعم ويطور هذه الشركات المتخصصة في مختلف القطاعات، وخاصة الدفاعية والأمنية منها.وأكد المزروعي، أهمية التركيز على الذكاء الاصطناعي والعمل مع الأكاديميين المتخصصين؛ لإعداد رواد الأعمال في المستقبل، مشيراً إلى أهمية زرع التحدي لدى الجيل المقبل؛ للبدء بأعمالهم الخاصة، بدلاً من انتظار الوظائف التي ستوفرها الحكومة، مشيراً إلى أن الثورة الصناعية الرابعة ستكون لمصلحة الإمارات. خطوات متقدمة وأكدت سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للعلوم المتقدمة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة، خطت خطوات متقدمة في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار في ظل الثورة الصناعية الرابعة، خصوصاً في مجال إدارة المواهب البشرية، ومهدت الطريق؛ لجذب وتنمية الأفراد ورأس المال البشري في مجال الابتكار وغيرها من المجالات، مضيفة أن الاستثمار في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار لم يعد رفاهية؛ بل يعد مكوناً أساسياً ومحركاً رئيسياً للنمو المستدام؛ ولتحقيق اقتصاد قائم على المعرفة. مستقبل الاقتصاد وأكد المشاركون في الجلسة النقاشية الأولى، التي عقدت بعنوان: «مستقبل الاقتصاد في ظل الثورة الصناعية الرابعة - ما هو اقتصاد الثورة الرابعة»، أهمية الاستثمار في التعليم؛ لضمان تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير المزيد من فرص العمل في المستقبل، كما شدد المشاركون أيضاً على ضرورة الاستثمار في التقنيات التكنولوجية المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، وتطوير برامج الجامعات، بما يواكب الثورة الصناعية الرابعة؛ لإعداد جيل المستقبل القادر على مواجهة هذه التحديات.أدار الجلسة مهند الخطيب، مقدم برامج في قناة «سكاي نيوز عربية»، وشارك فيها: ديفيد جونستون، المستشار الخاص بالصناعات الدفاعية لدى الحكومة الأسترالية، وميشو كاكو، أستاذ الفيزياء النظرية والمستقبليات في كلية المدينة بجامعة مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب الدكتور فيصل عيان، نائب رئيس أكاديمة ربدان، والدكتور أندرو جاكسون، الرئيس التنفيذي لشركة بيجاسوس. الأمن والاستقرار أكد المتحدثون في الجلسة الثانية، التي عقدت بعنوان: «الأمن والاستقرار: مهام الجيل القادم للتعامل والتعايش»، أهمية رفع التنسيق والتعاون المشترك، وبناء جسور الثقة؛ لتعزيز الأمن والاستقرار العالميين، وضرورة التخطيط وإيجاد الحلول؛ لمواجهة المخاطر والتهديدات والتغييرات، التي قد تواجه مسيرة التنمية العالمية.أدار الجلسة: تيت نوركين، مؤسس ومدير تنفيذي لمجموعة «أو تي أتش» للاستخبارات، وشارك فيها: الفريق ستيفن م. شبرو، نائب رئيس اللجنة العسكرية للناتو في بروكسل، والدكتور محمد مالكي عثمان، وزير الدولة في وزارة الدفاع في جمهورية سنغافورة، والفريق أول جوزيف فوتل، قائد القيادة المركزية الأمريكية.وأشار محمد عثمان إلى أن هناك خطراً عالمياً من الإرهاب سيتواجد في العالم بالذات جنوب شرق آسيا، ما يتطلب إعادة الهيكلة. الحرب المعرفية وركزت الجلسة الحوارية الثالثة، التي عقدت بعنوان: «فهم عصر الحرب المعرفية - جندي المستقبل - مستقبل سرد المعلومات من خلال الذكاء»، على وجوب فهم عصر المعرفة؛ من حيث جمع البيانات والتحليل ورأي المال البشري؛ لمواكبة أحدث المتغيرات المتسارعة في العالم، وللمحافظة على قدرتها على المنافسة والبقاء على الخريطة العالمية في ظل الثورة، التي يشهدها عصر تكنولوجيا المعلومات.وأدار الجلسة الدكتور محمد حمد الكويتي، مستشار تنفيذي في المجلس الأعلى للأمن الوطني، بمشاركة: إيمانويل شيفا، مدير وكالة الابتكار في وزارة الدفاع الفرنسية، وهيرفيه غيلو، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة «نيفل جروب» في فرنسا، إلى جانب الدكتور جوسي إل فلوريز، المدير العالمي للتحليلات المتقدمة والذكاء الاصطناعي في شركة إندرا في فرنسا، ومايكل جوهانسون، نائب الرئيس التنفيذي لشركة «ساب» في السويد. جاكسون: الإمارات والذكاء الاصطناعي أكد الدكتور اندرو جاكسون أن الإمارات تعد من أفضل الأماكن في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، وأنها ستتخطى أمريكا والصين في هذا المجال، وكذلك في مجال الأمن وتطوير التكنولوجيا، واستخدام الروبوتات، وأن هناك الكثير من المواهب في الإمارات، ما يعزز من استخدامات الذكاء الاصطناعي في ظل الدعم الكبير من قيادة وحكومة الإمارات، مشيراً إلى وجود تقنية التعرف إلى الشخصيات؛ من خلال الوجوه في الدولة، وأن الإمارات تمتلك موقعاً متميزاً في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن وجود أكثر من 200 جنسية في الدولة؛ يعزز من استخدامات الذكاء الاصطناعي. كاكو: العمالة شبه الماهرة أكد ميشيو كاكو أن الثروة في السابق كانت تأتي من باطن الأرض، وأصبحت الآن في العقل البشري، الذي هو مستقبل تطور الأمم. وقال: في ظل تطور استخدامات الذكاء الاصطناعي؛ فإن العمالة شبه الماهرة هي الأقل تأثراً؛ لأنه لا توجد إلى الآن روبوتات تقوم بتوصيل الكابلات الكهربائية، أو تصليح دورات المياه، كما أنه في المستقبل سيلعب المحامون دوراً كبيراً؛ إذ لا يمكن لأي ربوت القيام بمهامهم. وطالب بإعادة صياغة اتفاقية الفضاء الخارجي، وأننا ما زلنا في المرحلة الأولى من الحرب الرقمية. عيان: من يتطور في الثورة الصناعية الرابعة سيقود العالم قال الدكتور فيصل عيان: إن العالم بحاجة إلى تطوير القوى العاملة، التي تعتمد على القوة العسكرية والدفاعية حتى تتعامل مع حروب تستعمل الثورة الصناعية الرابعة، مشيراً إلى أن الدولة التي ستتطور في مجال الثورة الصناعية الرابعة؛ ستقود العالم. وأضاف: إن الميليشيات الحوثية الإيرانية تستخدم تقنيات ال«يوفي»، وتحاول استخدام قوارب معدلة يتم تقديمها لها من إيران، وبالتالي علينا أن نحذر من وصول التكنولوجيا المتطورة لهذه الميليشيات. وأوضح: إن الأسواق الناشئة تنقصها الجوانب الأمنية، وهناك منظمات إرهابية تستفيد من هذه الثغرات، وبالتالي قد يشهد العالم هجمات إرهابية مستقبلاً. فوتل: العمل الاستباقي مهم أكد الفريق أول جوزيف فوتل قائد القيادة المركزية الأمريكية، أهمية العمل بشكل استباقي، والعمل على الدمج الكامل لكل الأدوات، وأن نضع في الاعتبار الأخطاء التي قد تحدث، والأهم إعادة الهيكلة والتخطيط الآني؛ لتحقيق المطلوب. وقال: إن التعاون مهم جداً على المستوى الاستراتيجي والتكتيكي إلى جانب إقامة التحالفات، وفي الوقت ذاته العمل على تعزيز جهود السلام، وعلينا الاهتمام بالتدريب المسبق، والتنبؤ بآلية تنفيذ الخطط، والوصول إلى تفكير ومخططات الخصوم. شبرو: الإمارات شريك مهم للناتو قال الفريق ستيفن م. شبرو نائب رئيس اللجنة العسكرية للناتو في بروكسل، إن الناتو يبني عمله على التعاون المشترك، ولم يعد يهتم فقط ضمن حدود دول الناتو، مشيراً إلى أن الإمارات تعد شريكاً مهماً، وأنه مع الثورة الصناعية الرابعة أصبح يصعب التنبؤ بما سيحدث.وأضاف: إن جهود عملية السلام مبنية على تعزيز الثقة والعمل بشكل مشترك والتعاون بين مختلف الأطراف؛ لتعزيز الاستقرار. تكريم المتحدثين والمحاضرين كرّم محمد بن أحمد البواردي، بحضور اللواء الركن طيار فارس خلف المزروعي، رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرضي «آيدكس» و«نافدكس» 2019، المتحدثين والمحاضرين في اليوم الثالث والأخير من «مؤتمر الدفاع الدولي»؛ تقديراً لجهودهم.وشهد فعاليات اليوم الثالث، اللواء الركن طيار إسحاق صالح البلوشي، نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة للمعرضين، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين والضباط من داخل الدولة وخارجها.
مشاركة :