جلست الأسبوع الفائت مع د. عبدالله العيسى استشاري الجلدية المعروف؛ حيث حدثني عن مؤشرات الصحة البدنية المختلفة، وتوقف عند مؤشر سرعة ترسب الدم طويلا. يقول د. عبدالله إن مؤشر سرعة ترسب الدم مرآة صادقة للأمراض التي تصيب الإنسان؛ حيث يرتفع عندما يمرض، وينخفض عندما يشفى. ومع دقة مؤشر سرعة ترسب الدم في الإعلان عن المرض، إلا أنه لا يدل على نوعه أو مكانه، إنما يشير إلى وجوده فقط. هذا النظام المعقد الذي أبدع الخالق صنعه يعطي لنا دروسا في صناعة المؤشرات ينبغي الوقوف عندها. يقول د. العيسى إن من مميزات مؤشر سرعة ترسب الدم، أن نتائجه تظهر بسرعة وبكلفة منخفضة، ويعد هذا المؤشر عند ارتفاعه محطة أولى تدعو الطبيب إلى البحث عن نوع المرض، من خلال طلب مزيد من التحاليل. أما إذا كان المؤشر منخفضا، فيعني أن الجسم سليم من الالتهابات وأمراض المناعة. عند قياس هذا المؤشر، يوضع الدم في أنبوب ويترك فترة حتى تقاس سرعة ترسب الدم. وعندما يترسب الدم بسرعة، فإن ذلك يعني أنه يحتوي على نسبة أعلى من البروتين الذي يفرزه الكبد في غضون ساعات من أي التهاب أو إصابة للأنسجة. عندما ننظر إلى مؤشر سرعة ترسب الدم، فإننا نجد دروسا مهمة في صناعة المؤشرات المؤسسية. أولا، إن على المؤسسة، كما في جسم الإنسان، البحث عن مؤشر واحد رئيس يدل على وجود مشكلة عميقة يجب حلها. ولا يتطلب من المؤشر أن يصف المشكلة، إنما يكفيه أن يقرع جرس الإنذار لكل من يسمع. ثانيا، على المؤشر أن يكون سهل القياس، ولا يتطلب وقتا طويلا حتى تظهر نتائجه. فإذا كان المؤشر يؤدي دور صفارة الإنذار، فليس من المعقول أن تطول مدة القياس ثم تنتفي الفائدة منه. أخيرا، أن يكون المؤشر وحده كافيا للدلالة على وجود مشكلة من دون الرجوع إلى مؤشر آخر. إن من المعلوم أن كثرة المؤشرات تؤدي إلى نتائج عكسية؛ حيث ترتفع كلفة متابعتها، وتصعب الاستفادة منها لعدم القدرة على فهمها أو التوفيق بينها، فإن من أهم خصائص المؤشرات أن يستطيع متخذ القرار بناء أحكامه على الواقع بدقة من خلالها؛ لذلك نجد أن بعض المؤسسات الرائدة عملت على البحث بعمق عن مؤشر واحد يمثلها، بحيث يسمح للقائد التنفيذي بأن يعرف صحة مؤسسته من خلال مؤشر واحد فقط. ولعلي أستعرض في المقال اللاحق مثالا لمؤشر واحد استخدمه الرئيس التنفيذي كالطبيب المعالج لقياس سرعة ترسب المشكلات في مؤسسته.
مشاركة :