... فالحرية تكوين إنساني أساسي لمصلحة الإنسان، واذا اختل هذا التكوين في الإنسان اختلت قيمة الحرية في الحياة (...) من واقع أن الحياة تفقد قيمتها الإنسانية اذا فقد الإنسان حريته فيها، فالحياة الإنسانية لا تكتمل إلا بالحرية، والإنسان لا تكتمل إنسانيته إلا بالحرية (!) إن الحرية جزء لا يتجزأ من الإنسان، والإنسان جزء لا يتجزأ من الحرية... إن هذا الترابط الجدلي بين الإنسان والحرية ترابط يتشكل ضمن مسار عجلة التاريخ والجغرافيا في الحياة، وانه لا قوة لمستبد مهما بلغ في طغيانه وتمادى في جرائمه يُمكن له إيقاف عجلة التاريخ والجغرافيا مضياً في انتصار العدل على الباطل: باطل الحاكم المستبد وعدل الشعب (!) فالحرية تُحرك وعي الإنسان في الإنسان... ووعي الإنسان في الإنسان يُحرك عجلة التاريخ والجغرافيا في التغيير من أجل الحرية والمساواة (!) ولا يمكن إبداء الرغبة الأكيدة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية إلا بالارتقاء بالمجتمع في وضع الأسس الموضوعية والذاتية وفقاً لمرئيات (لجنة الحريات الفردية والمساواة) في الجمهورية التونسية وذلك: في رفع القيود عن الحقوق المدنية وإقرار المساواة بين الأب والأم والزوج والزوجة والمساواة بين الرجل والمرأة، وإلغاء التمييز بين الأطفال المولودين، وتحقيق المساواة بين الأبناء، فالمواطنة المتزوجة من أجنبي لها نفس حقوق المواطن المتزوج من أجنبية، وإلغاء المهر كشرط لإتمام الزواج كون المهر ثمن مقابل الاستمتاع بجسد المرأة: يحطُ من كرامتها الإنسانية. وإلغاء رئاسة العائلة على أن الزوجين يتشاركان في تسيير شؤون الأسرة وتربية الأبناء وتصريف الأموال وسفر الأبناء. إلغاء احتكار ولاية الأب على القاصر لتصبح الولاية مشتركة بين الأب والأم لمصلحة الطفل. ولا يخفى على أحد أن مثل هذه الحقوق الإنسانية هي مطبقة ومنذ عشرات السنين في الدول الأوروبية وغيرها (...) وفي مثل هذه المقارنة يظهر تخلف ما يسمى: «بدول العالم الثالث» عن الدول الأوروبية وغيرها من الدول التي شقت طريقها الإنساني بإثراء مجتمعاتها بمثل هذه الحقوق الإنسانية التي لا زلنا ولا زالت مجتمعاتنا مع شديد الحسرة والأسف تتعثر في إقامة شيء منها (!) إلا أن هناك أملاً يلوح في مجتمعاتنا ما دمنا ننادي ونناضل من أجل الديمقراطية والحرية في المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة (!).
مشاركة :